كتاب ممارسة العلاقات العامة،

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيان 2: باتت الحاجة ماسة ولا يمكن الاستغناء عنها لمهنة العلاقات العامة في العصر الحالي بفعل ثورة التقنية والاتصالات الهائلة والانفجار الالكتروني والعولمة وتحول العالم الواسع المترامي الأطراف إلى قرية، تربط بينها شبكة واحدة. ومثل هذا العمل ليس من اليسير على أي شخص الاضطلاع به أو امتهانه كحرفة، بل هو يتطلب الكثير والكثير، ناهيك عن المتطلبات الأخرى التي هي جزء لا يتجزأ من مقتضيات هذه المهنة وفي مقدمتها قوة الشخصية، الثقافة العامة، الصدق، التمكن من مهارة اللغة، مواكبة ثورة العصر والكتابة الالكترونية. وهذا الكتاب الذي نلقي الضوء عليه هنا يبحث بين طياته وبين فصوله الموسعة هذه الممارسة، ويستعرض الكثير من الموضوعات التي من شأنها أن تسهم في تسويق العلاقات العامة ونجاحها، ويركز أيضاً على دور الانترنت في نمو هذا الميدان، والتحديات المستقبلية التي تواجهه. وبين طيات هذا الكتاب ايضا الكثير من القضايا المتعلقة بكل فصل من فصول الكتاب: بدءاً من القضايا القانونية والأخلاقية مروراً بقضايا شركات الكمبيوتر والإنترنت وما تلعبه العلاقات العامة في تطوير الازدهار الاقتصادي واستدامته بالنسبة لمثل هذه الشركات والمؤسسات. المؤلف يُعرّف العلاقات العامة بأنها عمل إداري مميز يسهم في إقامة واستدامة خطوط إتصال متبادلة وتفاهم وقبول وتعاون بين منظمة ما والجمهور. ويشتمل أيضاً على إدارة المشكلات والقضايا وإبقاء الإدارة على إطلاع على آراء الجمهور وردود أفعاله في الوقت الذي يؤكد على مسئولية الإدارة في خدمة المصلحة العامة. ويمتد هذا التعريف ليستوعب جوانب أخرى كاستخدام التغيير والبحث الميداني وأساليب الاتصال السليمة والأخلاقية كأدوات رئيسة. ومع ذلك يعتبر المؤلف اصطلاح «العلاقات العامة» غامضاً نظراً لعدم محدودية النشاطات التي يمارسها موظفو هذا الحقل ولكون هذه الواجبات التي يقوم بها أحدهم في موقع ما تختلف كلية عما يقوم بها سواهم في مواقع أخرى. ويرى المؤلف بأن تأثير العلاقات العامة يشمل كل من لديه اتصال مع غيره من سائر البشر. فنحن إذن وفقاً لتعريفه نمارس العلاقات العامة بطريقة أو بأخرى يومياً وكذلك الشركات في كل مكالمة يتم إجراؤها وكل رسالة أو لقاء وجهاً لوجه. ويميز الكاتب بين العلاقات العامة وبقية المهن كالمحاماة والمحاسبة والطب بأن العمل في مثل هذه الميادين يقتضي من الشخص الممارس إكمال التدريب والإعداد والحصول على رخصة ممارسة المهنة ووجود من يشرف عليهم، بينما لا يمنع أي شيء من ليس لديه خبرة أو يتمتع بالقليل منها من أن يعلّق لافتة تعلن عنه كاختصاصي في العلاقات العامة. أما من حيث النطاق فيقول بأنه قد تنامى سعة وكذلك فيما يخص وضعه العملي. ويضرب لنا مثلاً جمعية العلاقات العامة الأمريكية التي اجتاز قرابة ثلث أعضائها البالغ عددهم 50018 امتحاناً قياسياً وبحثت أيضاً عن ترخيص قانوني يماثل مهن المحاسبة والمحاماة ليحصل عليه موظف العلاقات العامة. وبالنسبة لتاريخ العلاقات العامة فان المؤلف، على الرغم من أنه يعتبرها ظاهرة وليدة القرن العشرين، فإنه يرى جذورها تمتد عميقاً في عمر التاريخ، لأن قادة المجتمعات العظيمة في كل مراحل التاريخ قد أدركوا أهمية الرأي العام من خلال الإقناع. ويضرب لنا بعض الأمثلة التاريخية التي يتعلق أحدها بنشرة تعود لعام 1800 ق م عثر عليها علماء الآثار في العراق. تخبر هذه النشرة الفلاحين الذين كانوا يستخدمون أحدث أساليب الحصاد والزراعة والري آنذاك بأنه كلما ازداد محصول زراعتهم بات شعبهم ينعم بطعام أفضل وبلدهم بخير أوفر. ويتعلق المثال الثاني بقدماء الإغريق الذين منحوا أهمية كبرى لمهارات الاتصال. فقد تطلع السياسيون اليونانيون الملهمون لخوض معاركهم الخطابية إلى دور ومعونة السفسطائيين الذين اشتهروا برجاحة عقولهم وبلاغتهم، فأخذ هؤلاء يتجمعون في شبه مسارح في ذلك الوقت لتمجيد فضائل مرشحين سياسيين معينين. ويعتقد المؤلف ان هذين المثالين وغيرهما يجسدان نموذجين لتحقيق إقناع مخطط له بهدف إيصال رسالة ما للجمهور. ثم ينتقل المؤلف للحديث عن العصر الحالي ويقول إن ممارسة العلاقات العامة لم تولد كامتداد للنمو الهائل للانترنت، ويمكن اعتبارها فتية بالمقارنة مع المهن الأخرى، وستحتفل بعيد ميلادها المئة مع بواكير القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك تعتمد قوة ممارسة العلاقات العامة على مدى قوة التزام الجمهور بالمشاركة في مجتمع ديمقراطي صريح، في الوقت الذي تسهم في نموه خمسة تيارات كما يقول المؤلف. ويتعلق التيار الأول منها بنمو المؤسسات الكبرى، والثاني بقوة التغيير والصراع والمواجهة داخل المجتمع. وبدور الوعي والتطور الكبير للناس في كل مكان كنتيجة للإبداعات التقنية في الإتصالات دور آخر. أما التيار الرابع فيتعلق بالأهمية المتزايدة للرأي العام في القرن الحادي والعشرين كوسيلة إيجابية لعالم جديد منفتح. ويخص التيار الخامس النمو الرهيب للإنترنت والشبكة العالمية الواسعة التي جعلت الناس في كل أرجاء المعمورة زبائن فوريين للإتصالات غير المحدودة. متطلبات العلاقات العامة يعتبر المؤلف موظفي العلاقات العامة مترجمين بالأساس، فمن جانب تتعين عليهم ترجمة فلسفات وسياسات وبرامج وممارسات إدارتهم للجمهور وأن ينقلوا في المقابل آراء الجمهور للإدارة. ومثل هذه المهام لا تتحقق على نحو دقيق وصادق الا إذا نال الموظفون اهتمام الجمهور وتفهمه وقبوله بعد أن يكونوا قد استوعبوا أولاً ما يجول في فكر إدارتهم. أما الدور المقابل الآخر لهذا فيتجسد كما يقول المؤلف بنقل أفكار الجمهور إلى الإدارة، ويتم ذلك عندما يقوم موظفو العلاقات العامة بالاطلاع على الرأي الحقيقي للجمهور عن الشركة ونقل تلك الصورة للإدارة. ومثل هذه الصورة المتبادلة ينبغي أن تكون صحيحة وواقعية وبعيدة عن المجاملة، فإذا لم تكن كذلك فستكون النتائج عكسية وبالتالي تضع الإدارة وموظفي العلاقات العامة في موقف محرج تفقد معه ثقة الجمهور بهذه المؤسسات. ومن الأمثلة التي يعرضها لنا الكاتب ما حصل لأعلى مراتب السياسة الأمريكية. فعندما تولى الرئيس جورج بوش سدة الرئاسة الأمريكية خلفاً لرونالد ريجان في التسعينات وحقق انتصاراً (يصفه المؤلف بأنه كان باهراً غير مسبوق بالتأكيد) برهن للشعب على أنه أقل مهارة في الاتصال بهم مما أفضى إلى هزيمة انتخابية منكرة في عام 1992 على يد بيل كلنتون الذي كان يتمتع بمهارات إتصالية حاذقة، وركز في حملته الإنتخابية على أهمية النهوض بالاقتصاد الأمريكي وتقويته. ومثل هذا العمل التاريخي والإنجاز الاقتصادي الرائع بدوره لم يشفع لكلنتون وتهاوت صورته عند معظم شرائح الجمهور الأمريكي في قضية فضيحته الأخلاقية التي بات يعرف من خلالها بـ (كلنتون مونيكا) عندما كذّب علناً على ملايين الناس، وهي القضية ذاتها التي يرى المؤلف انها قد لوثت كل من كان حوله، خاصة نائبه آل جور، الذي تحمل وزر الغضب الشعبي عندما رشح نفسه للانتخابات التالية، وأخفق فيها (ولم يكن هذا بالسبب الرئيس لإخفاق آل جور، بل كانت هناك ملابسات سياسية ومصالح أمريكية اقتضت ذلك عندما حصلت قضية التصويت المشهورة. وهناك جملة من المتطلبات أو الشروط التي يعتبرها الكاتب أساسية لا غنى عنها لتحقق لموظف أو ممارس العلاقات العامة النجاح في عمله. فأولاً ثمة أهمية كبرى للدور الذي تلعبه الأخلاق في إنجاح موظف العلاقات العامة وبالتالي حصول المؤسسات والمنظمات التي يعملون من أجلها على ثقة الجمهور والمستهلكين. فالأخلاق بشكل عام هي القيم التي تعد دليل عمل الأفراد والمؤسسات والمجتمع والفارق بين الحق والباطل والعدالة والظلم والصدق والكذب. لذلك ينبغي أن يتمتع موظفو العلاقات العامة بدرجة مميزة من الأخلاق لأن هناك كثيرين ينظرون إليهم بصورة خاطئة أو يسيئون فهمهم حتى بين أصحاب المؤسسات الذين يعملون لديهم. زد على ذلك انه يجب على رجال العلاقات العامة الالتزام بأعلى درجات الأخلاق المهنية التي يكون الصدق فيها العامل الأساس المسيطر، وأن يعملوا دائما من أجل مصلحة الجمهور التي تمثل بدورها أفضل مصالح المؤسسات الفردية. ويضيف المؤلف أن السلوك الأخلاقي العالي هو الوسيلة الوحيدة الواجب اعتمادها اذا كان الهدف الأساس لموظف العلاقات العامة هو تحقيق ثقة الجمهور بالمؤسسات. ومثل هذا الأمر لا يتحقق الا إذا اطلع أولاً موظفو العلاقات العامة على حيثيات قرارات مؤسساتهم والأبعاد التي ترمي لتحقيقها سياساتهم لكي يسهل عند إذن تفسير معظم الأمور وتوضيحها للجمهور، تماماً كما يحصل في المقارنة التي يطرحها لنا المؤلف بحالة سكرتير صحافي يعمل عند عضو مجلس شيوخ حيث سيكون من المستحيل على هذا الصحافي تفسير الأسباب التي تكمن وراء تبني السناتور لقرار مهم من دون معرفته مسبقاً بما يجول في ذهن ذلك الرجل. ويتعلق الأمر الثاني الذي يراه المؤلف مهماً ومن الواجب أن يتمتع به موظف العلاقات العامة بالمهارة في الكتابة، باعتبارها جوهر العلاقات العامة. ففي الوقت الذي يفترض بهؤلاء الأشخاص أن يتمتعوا بقدرات اتصالية احترافية عليهم أن يضعوا في الاعتبار كما يبين الكاتب عدة أمور قبيل صياغة أفكارهم على الورق. فأولاً يجب أن يكون هدف الكتابة واضحاً لا لبس فيه، خاصة واننا نعيش في عالم اتصالات واسع يتذمر فيه الجميع من محرري الصحف إلى مدراء الشركات من كثرة الصحف والمطبوعات. ومن الأفضل ثانياً المقارنة من حيث المردود بين ما ستفعله الكتابة واللقاء المباشر أو الإتصال الهاتفي وعدم اللجوء إلى الكتابة الا إذا كانت هي الوسيلة الأفضل. وأخيراً يجب توخي الحذر عند الكتابة فيما يخص الجانب القانوني واستشارة المحامين في ذلك لتفادي الأخطار. فمن الصعب أو المستحيل على المرء تغيير أقواله وسحبها عندما تأخذ طريقها في النشر والظهور، في عصر استفحلت مثل هذه الأخطار بتأثير سرعة وانتشار الإنترنت. لذلك يخلص المؤلف إلى أن القلم أو ربما الحاسوب الشخصي والكمبيوتر المحمول سلاح قوي ويتحتم علينا استخدام هذا السلاح على نحو حذر وسليم لتحقيق الأهداف المرجوة. ولقوة الإقناع تأثير ودور أساسي وضروري جداً بالنسبة لموظف العلاقات العامة لما له من تأثير في الرأي العام. ويقول المؤلف ان الإقناع بالذات هو الهدف الذي يحتل أكثر من حصة الأسد في برامج العلاقات العامة. ويتطلب مثل ذلك بالأساس أن تحث شخصاً ما على القيام بعمل معين أو تأييد فعل أو قرار تم اتخاذه من خلال النصيحة والإرشاد أو من خلال لوي الذراع. والناس كما يذكر سيتل نقلاً عن المنظم الراديكالي الشهير سول اليسنكي لا يفهمون الأمور الا من خلال تجربتهم الخاصة، لذلك يتحتم على المرء الذي يود إقناع الناس بالاستعانة بالقرائن التي تتماشى مع معتقداتهم وعواطفهم وتوقعاتهم. وفي مثل هذه الحالة فإن بوسع برنامج علاقات عامة رصين أن يبلور الآراء ويعزز المعتقدات ويغير الرأي العام أحياناً. ويتحقق ذلك أولاً من خلال تشخيص وفهم الآراء المراد تغييرها أو تحويرها وتوضيح الجمهور المرتبط مباشرة بهذه الآراء ليركز بعدها موظف العلاقات العامة وبدقة على القوانين التي تحكم الرأي العام. والأمر الرابع الذي يطرحه المؤلف هو البحث الميداني الذي يسهم بشكل فاعل في تشخيص المشكلات وتقويم الحلول. فعلى موظفي العلاقات العامة قبل التوصية باتخاذ قرار ما أن يقوموا بتحليل آراء الجمهور وتقويم الخيارات وعمل واجبهم اليومي طبعاً. ومعظم الزبائن مهتمون بما يعرفه هؤلاء الموظفون أكثر مما يفكرون به، ويتحقق ذلك من خلال البحث أولاً باعتباره الخطوة الأولى ذات الأهمية البالغة في ممارسة العلاقات المهمة. زد على ذلك ان الادارة باتت تطلب أكثر من مجرد ما يتمتع به موظف العلاقات العامة بالمتطلبات الأساسية كالغريزة والحدس والمشاعر الداخلية التي هي مهمة في سير عمل العلاقات العامة حيث أصبح القياس والتحليل وتقويم كل مرحلة من عملية العلاقات مطالب لا غنى عنها وشرعت الادارة تطالب أيضاً بالحقائق والاحصائيات من موظفي العلاقات العامة كي تظهر لهم أن جهودهم لا تسهم في إجمالي نشاط المؤسسة فحسب، بل تمتد حتى إلى دقائق الأمور. وبوسع برامج العلاقات العامة أن تسهم في تلبية أهداف العمل سيما ان المصادر المتعلقة بالتنظيم باتت باهظة التكاليف ولا ترغب معظم الشركات في هدر أموالها الا إذا كان ذلك يعزز النتائج. وكل هذا يعني إن البحث يجب تطبيقه للمساعدة في تقويم أهداف السوق وتحليل ما يفضله او يكرهه الجمهور وتحديد أي الوسائل ستكون أنجع واكثر فاعلية للتعامل معهم. لذلك أصبح البحث جزءاً لا يتجزأ من تحقيق أهداف الادارة. ويخلص الكاتب أيضاً إلى ان البحث، على الرغم من عدم قدرته على توفير دليل مطلق لكفاءة برنامج ما، فإنه يساعد موظفي العلاقات العامة على تأييد حدسهم، مما قاد بالمحصلة إلى قبول فكرة عمل العلاقات العامة بين شرائح المجتمع والمؤسسات، وبات مثل هذا العمل يحظى بسمعة طيبة. الحضور المطلق للانترنت يؤيد المؤلف الرأي القائل ان الإنترنت والشبكة العالمية يسهمان بدور مهم متزايد في حياتنا اليومية، وأخذا يغيران الطريقة التي يعمل بها الناس والأسلوب الشرائي ووسائل التسلية، وطريقة إنجاز العمل، والأهم من ذلك كله طريقة الاتصال التي هي أساس عمل العلاقات العامة. لذلك يشير المؤلف الى ان ظاهرة الإنترنت ببساطة ثورة هائلة إذ ارتفع اقتصاد الإنترنت في عام 1999 بنسبة 68% بالغاً نصف ترليون ومتخطياً كثيراً نمو إجمالي الاقتصاد الأمريكي. وبالإضافة إلى ذلك حلت أسماء شركات الكمبيوتر والإنترنت مثل مايكروسوفت وإنتل وأس بي سي محل أسماء الشركات القديمة كشيفرون وكوديير وسيرز روبك. وبالنسبة لدور الإنترنت في عمل العلاقات العامة يبين المؤلف أنها قد تبوأت مكاناً بارزاً حيث نرى حالياً ان كل المؤسسات بدءاً من كبرى الشركات إلى الصغيرة منها غير الربحية لها مواقع على الشبكة، والذي بدوره بمثابة «الوجه الأول» لتلك المؤسسة أمام مئات الملايين من الجمهور. وسخرت أقسام العلاقات العامة اختصاصيين ومجموعات لتطوير تلك المواقع بينما ازدهر عمل وكالات العلاقات العامة المتخصصة في وسائل الإعلام الجديدة والاتصالات المباشرة. ويتنبأ المؤلف بأن مستقبل التجارة بالإنترنت سيكون مزدهراً جداً لأن معظم الشركات أخذت تسوق منتجاتها وبضائعها وكل ما لديها على الإنترنت، وبات سحر «الاتصال المباشر» مع الزبائن والمستثمرين والموردين والجيران وحتى الأوساط الإعلامية مثيراً للغاية وممتعاً في الوقت ذاته. ومن الأرقام التي يتوقعها المؤلف (والخاصة بأمريكا) التبضع بالتجزئة (أكثر من 100 مليار دولار)، مبيعات البنوك والاستثمار على الشبكة (80 مليارا)، خدمات النقل (70 مليارا ضمن مبيعات التجارة الإلكترونية). ونتيجة للازدهار الهائل في اتصالات الإنترنت فليس ثمة وسيلة للاتصال بالجمهور أفضل من تطوير المواقع على الشبكة والعمليات بين مواقع الإنترنت. وعلى الشاكلة ذاتها هيمن الاهتمام بالكمبيوتر وما يقدمه لموظف العلاقات العامة كثيراً على معظم نقاش صناعة العلاقات العامة. ومثل هذا التطور ليس وقتياً أو مرحلياً، بل سيتواصل نمواً، كما يتوقع المؤلف، ويتطلب كل ذلك من موظفي العلاقات العامة مواكبة هذه التطورات وأن يأخذوا بالاعتبار جملة من الأمور يشير إليها سيتل. فأولاً يتحتم على برامج الاتصالات أن تقوم على أساسات تعليمية وعلمية بعيداً عن اللغة الطنانة نظراً للتطور التعليمي للزبائن الذين باتوا أكثر ذكاءً وقدرة على استخدام أوساط الإعلام وأجهزة الكمبيوتر وشبكات الاتصالات. وثانياً ينبغي على موظفي العلاقات العامة وفي ظل التحول الهائل السريع وشبه التلقائي للعالم الذي بات أشبه بقرية عالمية توظيف هذه الثورة لهيكلة معلوماتهم والتعامل مع القضايا التي تظهر فجأة وتغيرات السوق. وأخيراً وليس بآخر، بات على المؤسسات وموظفي العلاقات العامة على حد سواء وأمام التحدي المتمثل بوجود أكثر من 500 قناة تلفزيونية أن يوجهوا اتصالاتهم مع الجمهور بحيث تكون مركزة أكثر ومحددة بشكل أكبر، ويتم ذلك من خلال تحديد الأفكار وتكثيفها ومعرفة الشريحة التي يخاطبونها، وتوفر الإنترنت مثل هذه البرامج المكثفة للصحفيين والمحللين والمستهلكين. وبالإضافة لدور الإنترنت الأساس في النمو التجاري وازدهار عمل العلاقات العامة، يطرح لنا الكاتب جملة من الوسائل التي تكون فيها الإنترنت ناجحة جداً لتحقيق اتصال سريع ومضمون وممتع، وبالتالي تعمل كرافد لموظفي العلاقات العامة والشركات على حد سواء. فالبريد الإلكتروني بات من أنجع وسائل الاتصال وأكثرها اقناعاً وحلت محل الأسلوب القديم التقليدي المتمثل بالمطبوعات وتقنية الفاكس. ووجد معظم المدراء الذين لا يرغبون بمقابلة الموظفين وجهاً لوجه في البريد الإلكتروني سهولة وسرعة لتوجيه الرسائل أو الملاحظات أو الانتقادات من دون أن يغادروا مقاعدهم أو مكاتبهم، وبإمكانهم أن يسترجعوا بعض الرسائل السابقة من خلال ذلك البريد. ويمكن أيضاً استخدام رسائل البريد الإلكتروني لبيع المنتجات والخدمات والإعلان. والأمر لا يقل أهمية بالنسبة للمواقع على الشبكة. فكل الشركات والمؤسسات والمنظمات وحتى المرشحين السياسيين لديهم مواقع على الشبكة وتطور الجدل ليستوعب هوية من يسيطر على الموقع: العمليات أو الأنظمة أو التسويق أو العلاقات العامة، في الوقت نفسه يسعى معظم موظفي العلاقات العامة في كثير من الشركات المرموقة لتوسيع الموقع إلى أبعد من مجرد وسيلة لتسويق المنتجات أو الخدمات. وهنا يطرح علينا المؤلف جملة من الأمور يراها مهمة وضرورية ليكون الموقع على الشبكة مقبولاً ومرغوباً فيه كوسيلة اتصال. فنقاط الربط يجب أن تعمل جميعاً وبوسع الزائر الدخول اليها بيسر. ويتحتم وجود معلومات للاتصال إذا ما أراد الزائر زيادة اطلاعه أو كان لديه استفسار ما، بحيث يعرف كيف يقوم بذلك. ويوفر الاستخدام الرزين غير المبالغ فيه لألوان المواقع سهولة للدخول إلى تلك المواقع بسرعة، في حين يضمن ورود المعلومات وتدريجها وفقاً لأهميتها أن الزائر لن يشعر بالملل وأن يولي احتراماً لتلك المؤسسة التي تعرف كيف تتصل بدقة معه. وبالنسبة إلى الاتصال مع أوساط الإعلام ومراقبة ما يحصل على الشبكة فأنه لا يقل أهمية كما يشير المؤلف عن دور البريد الإلكتروني والمواقع على الشبكة. فموظف العلاقات العامة يستخدم الإنترنت للاتصال مع الإعلام وغدت الشبكة المصدر الرئيس والأول لعدد متزايد من الصحافيين الذين يبحثون عن معلومات تتعلق بالتنظيم والإدارة، ناهيك عن حقول الحياة الأخرى كالسياسة والعلوم والتاريخ والفلسفة التي تعج بها مواقع الشبكة. وبالمقابل فرض الدخول السهل واليسير للشبكة تحدياً لموظفي العلاقات العامة وتمثل بمراقبة شبه يومية على الخط للتعليقات السلبية وحتى التهديدات ضد شركاتهم ومؤسساتهم. أما بالنسبة لترقية المنتجات على الإنترنت فإن هذه الشبكة أمست مختبراً بصرياً يزاوج بين العلاقات العامة والإعلان وأساليب التسويق بهدف زيادة الطلب على المنتج. ويقول سيتل بأن ما يميز القوة التجارية العميقة لعصرنا هو الانتقال من اقتصاد «القرميد أو الآجر» (bricks) إلى اقتصاد «النقر» (clicks). ويتمثل أحد وسائل تعزيز المنتج بإعلان صغير بحجم بوصة مربعة أو مستطيل صغير يربط الزائر فوراً بالموقع الرئيس بصفحة كاملة أو بموقع آخر تفصيلي وأكبر حجماً. ويوجد هذا الأسلوب التسويقي الموحد بفعل الشبكة علاقة جديدة مع الزبائن، لأن المواقع الجيدة لا تبيع المنتجات حسب بل توفر معلومات وتفاصيل عن مثل هذه المعروضات. وهكذا تمثل فرص تعزيز المنتجات المرتبطة مباشرة بالزبائن مقدرة عظيمة لممارسة العلاقات العامة. ويتعلق الأمر الأخير بعلاقات المستثمرين على الإنترنت. فالشركات العامة تستخدم الإنترنت بشكل مضطرد على اعتبار أنه الوسيلة الأكثر تحكماً للوصول إلى مستثمرين أٌقوياء. وينطبق كذلك الأمر على المستثمرين الصغار الذين يعتبرون الإنترنت صاحبة فضل في مضمار المعلومات في ظل تدفق المعلومات المتعلقة بالشركات صوب المحللين والسماسرة والمؤسسات الكبيرة. المستقبل والتحديات يرى المؤلف ان القرن الحادي والعشرين هو «العصر الذهبي» للعلاقات العامة حتى من دون الإنترنت، التي تعني نمواً تاماً لهذا الميدان. فقد لاحظت معظم مكاتب التشغيل في جميع مناطق الولايات المتحدة إن شركات التقنية المتقدمة والانترنت جعلت من الطلب على وظائف العلاقات العامة أسرع مما يتم ملؤها وباتت الحاجة لعمل العلاقات العامة غير مسبوقة لجملة من الأسباب يستعرضها المؤلف هنا. فأولاً أسهم التنافس في جلب انتباه الشركات صوب الخدمات التي لا تتمتع بمصادر كالعلاقات العامة، مما أفضى بدوره لإزدهار وكالات العلاقات العامة. وهكذا بدأت الوكالات العاملة في ميدان التقنية العالية والعناية الطبية تستخدم ولأول مرة في التاريخ مغريات لم يسمع عنها من قبل كالإجازات المدفوعة والمساعدة القانونية المجانية والرسائل الأسبوعية لاستقطاب موهبة العلاقات العامة. وثانياً شرعت معظم الشركات بزيادة ميزانيات الاتصالات تدريجياً ومكافأة موظفي الاتصالات، إذ وجدت إحدى الدراسات العالمية إن ميزانيات العلاقات العامة تزايدت بنسبة 7% في العام 2000 بعد سنوات من الركود. والأمر الثالث ان وسائل الاعلام والاتصالات في جميع أرجاء المعمورة قد جعلت هذا العالم «قرية» واسعة وحيدة تربط بينها تقنية الإنترنت والأقمار الصناعية، وبات من اليسير أن ينتقل كل ما يطرأ في جزء ما من الكون إلى سائر الأرجاء بشكل فوري. ورابعاً تزايدت الحاجة لترجمة فلسفات وسياسات وبرامج الإدارة للزبائن والموظفين والحكومة والمجموعات الأخرى بعد أن شرعت المنظمات والمؤسسات بدمج وتوحيد القوى عالمياً. وهذه العوامل وغيرها يعدها الكاتب مؤشراً واضحاً الى أن القرن الحادي والعشرين يبشر بعصر ذهبي للعلاقات العامة. ومع ذلك يشير المؤلف الى ان ممارسة العلاقات العامة ستواجه تحديات لها كمهنة على الدرجة نفسها من الأهمية. وستكون هذه التحديات عالمية لأن قوة الاتصالات وخاصة العالمية منها ستفلت من سيطرة أمريكا. ومن بين العوامل المذكورة التي يراها الكاتب في جوهرها تحديات للعلاقات العامة في القرن الحادي والعشرين يتمثل بالتغيير الديمغرافي الذي سيؤثر على طريقة اتصال الموظفين، حيث سيتحتم على ممارسي العلاقات العامة توجيه رسائل عبر الخطوط الثقافية لمجموعات معينة من السكان. بالإضافة لذلك سيصبح من الواجب على موظفي العلاقات أن يكونوا أكثر من مجرد حلقة وصل بين المؤسسة والجمهور، وأن لا يقتصر دورهم فقط على الإطلاع كلية على سياسة الشركة ونشاطاتها. فالأهمية هنا بمكان ليتخصصوا مثلاً في الإعلام وقضايا المستهلكين والمستثمرين في الوقت الذي تساير قدراتهم الكتابية المتطورة متطلبات الإدارة. وبالنسبة للتقنية فأن الأفق الهائل المتنامي للوسائل التقنية وسرعة وتأثير الاتصالات العالمية قد تطلبت من موظفي العلاقات العامة أن لا يفهموا التطور فحسب، بل أن يواكبوا هذا التيار أو أن يسبقوا التقنية الجديدة إذا ما تواصلت في تطورها. أما العامل الآخر فيتجسد في إلغاء الحواجز بين الجنسين، لأن العنصر النسائي آخذ بالهيمنة على هذا المجال وتخطى نظرائهم من الرجال في الولايات المتحدة حيث تشغل النساء ما نسبته 60% وشرعت الهوة في الراتب بالاختفاء. ومثل ذلك يراه المؤلف مؤشراً لتحدٍ آخر يعتور هذه الحرفة في المقبل من الزمن. ويخلص المؤلف إلى القول بأن العلاقات العامة أمست ظاهرة عالمية بالنسبة للقرن الحادي والعشرين. فالتحول العالمي البارز صوب الديمقراطية الذي رافق ثورة اتصالات على نطاق العالم والإنتقال لتشكيل تحالفات تجارية للدول الإقليمية ـ كل ذلك قد أسهم في إلقاء ضوء أكبر على العلاقات العامة. وكان أيضاً انهيار الشيوعية وتوحد الاقتصاديات الأوروبية وانفجار ثقافة التحرر والديمقراطية بدءاً من أوروبا الشرقية صوب جنوب أفريقيا قد منح العلاقات العامة دوراً عالمياً مميزاً. وبعد أن يستعرض المؤلف دور وطبيعة مؤسسات العلاقات العامة والإسلوب الذي تنتهجه في عملها في بعض دول العالم أو تكتلاته مثل كندا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الجديدة وآسيا وروسيا وأوروبا الشرقية، ينتقل للحديث عن ما يحصل في الشرق الأوسط. ويقول إن تأثير العلاقات العامة جلي ومفهوم على الرغم من كونه أقل نشاطاً بالمقارنة مع الدول والكتل المذكورة آنفا. ففي المملكة العربية السعودية باتت وظيفة العلاقات العامة تنطوي على أهمية أكبر بينما سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤشراً بارزاً ايجابياً في هذا الحقل الحياتي المهم تجسد بانخراط 20 طالبة في برنامج كبير للعلاقات العامة في جامعة الإمارات العربية المتحدة في عام 1995.

Email