«افريكانو» جديد أحمد السقا، قصة بسيطة يدعمها المكان والاخراج المتميز

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعيداً عن الشعارات والزج بالهموم القومية والوطنية في نسيج قصة الفيلم لاستدراج المشاهدين الى صالات العرض.. وبعيداً عن الاغراق في افتعال النكات استدراراً للضحكات من الصدور، جاءت قصة فيلم (افريكانو) الذي تقدمه دور العرض الاماراتية حالياً وعلى نقيض ما يحدث دائماً من قلة عدد الجمهور بصالات العرض، اقبل الناس بشكل ملحوظ على الفيلم الذي استطاع بقصة بسيطة واسلوب اخراجي وتصويري عال ومتميز، ان يحقق آمال الجمهور في مشاهدة فيلم جيد الصنع يخرج من بلد عربي. والحكاية ان احمد السقا طبيب بيطري يعمل في حديقة الحيوان بالجيزة وتربطه بمهنته علاقة حب تدفعه لأن يبذل المجهود من اجل تطويرها، لكنه يواجه ببيروقراطية الاداء الوظيفي في بلده (مصر) وعدم الحماس للبحث العلمي مما يصيبه بالاحباط فيحلم بالسفر للخارج لتحقيق طموحاته.. وهذا الطبيب مصاب بكابوس يلازمه يومياً اثناء نومه وهو مهاجمة اسد له فيحاول الهروب بالتسلق فوق شجرة لكن توازنه يختل ليقع فريسة للأسد.. وفجأة تبدأ احلامه تتحقق فعمه الذي هاجر الى جنوب افريقيا منذ زمن ويمتلك فيها حديقة حيوان مفتوحة (افريكانو بارك) يفارق الحياة تاركاً ميراثه لابنته (منى زكي) وابني اخيه (احمد السقا) و(نشوى مصطفى). ويسافر السقا بالفعل لتسلم ميراثه مع زوج اخته (احمد امين) الذي يحصل على توكيل منها لتعذر سفرها بسبب الحمل، لكنهما عندما يسافران مع محامي عمهما (حسن حسني) الى جنوب افريقيا يصطدمان بعدائية ابنة عمهما تجاههما حيث ترى انهما صائدا اموال فقط في حين لم يهتما بها او بوالدها طوال السنين الماضية، كما تواجههم جميعاً ازمة جديدة وهي الدين الذي وقع فيه العم للبنك (مليون دولار) بعد ان اغلقت ادارة البيئة (افريكانو بارك) نتيجة لما حدث للحيوانات من سعار جعلها تهاجم زوار الحديقة.. وهنا لا يجد الطبيب البيطري وزوج اخته سوى العودة الى مصر بعد ان تحطمت آمالهما، لكن الطبيب البيطري يقرر ان لا يخذل ابنة عمه ولا يتنازل عن حلمه ويعود ليكتشف سبب ما الم بالحيوانات ويقوم بعلاجها. وتنشأ قصة حب بين السقا ومنى زكي تتنامى بمحاولاته المستميتة لاكتشاف اللغز، حتى يصل الى الحقيقة وهي ان مجهولاً يحقن الحيوانات بمنشطات حتى يصيبها هذا الهياج.. ويبدأ السقا في علاجها بمعاونة ابنة عمه وزوج اخته وخادم العم الافريقي الامين (طلعت زين)، وتبدأ خيوط اللغز بالتفكك ليكتشفوا ان زوجة العم الاجنبية تواطأت مع صديقه المقرب لفعل ذلك من اجل الاستيلاء على حديقة الحيوانات بالاتفاق مع المحامي حسن حسني الذي ساعدهما من اجل الحصول على رشوة ليس الا. وعندما يتمكن الطبيب البيطري من علاج الحيوانات ويحصلا على اذن البيئة باعادة فتح الحديقة للزوار يقوم صديق العم وزوجته باطلاق اسد ولبؤة مصابين بالسعار في الحديقة حتى تحدث حالات قتل للحيوانات والزوار.. فيبدأ الطبيب وابنة عمه والخادم الافريقي بالبحث عن الاسد المسعور وقتله وهنا يتحقق كابوس السقا فيسقط من فوق الشجرة في واحد من الكمائن التي اعدوها للحيوان المفترس لكنه يتمكن من قتله واثناء احتفالهم بالحدث، يكتشف المحامي ان زوجته وصديق موكله الراحل وراء اطلاق الحيوان المفترس فيعترض لأنه ضد القتل ويحمد الله على انهم تمكنوا من قتله فيخبرانه ان هناك حيواناً اخر ويهددانه بالقتل اذا ما اخبرهم.. واثناء الاحتفال يأتي الاسد للانتقام لانثاه لكن المحامي يتمكن من قتله قبل ان يهجم على الطبيب وابنة عمه وينتهي الفيلم بزواجهما واستقرار العائلة في افريكانو بارك وتحقيق الحلم. القصة بسيطة وبعيدة عن التعقيد، لكن السيناريو لم يقع في هفوات الحوارات المملة او السطحية وجاء قريباً من الطبيعة البشرية، وتكمن قيمة الفيلم في المكان الذي تم التصوير فيه وهو غابات جنوب افريقيا والمناظر الطبيعية الساحرة، بالاضافة الى ان المخرج استطاع ان يبرز سحر المكان بأسلوب متميز ساعده عليه انتاج سخي بالتأكيد، فقد استخدمت انواع مختلفة من الكاميرات مثل الكاميرا (الشاريو) المتحركة وكاميرا الكرين المتخصصة في تصوير المساحات الكبيرة من اعلى والتي يندر استخدامها في السينما العربية لارتفاع تكلفة استخدامها بالاضافة الى التصوير من داخل طائرة هليوكبتر لتصوير مشهد قفز السقا واحمد امين من القطار بعد ان قررا عدم العود الى مصر والبقاء لانقاذ الحديقة، وقد جاء هذا المشهد مقنعاً للغاية حيث تم تصوير القطار وهو يتحرك بسرعة من اعلى ثم قفز البطلين منه.. كذلك استخدم عمرو عرفة لقطة (البيكيه) من اعلى في عدد من المشاهد لتصوير مدى عمق المشكلة التي تواجهها المجموعة وكأنهم واقعون في بئر لا فرار منها، وتم استخدام لقطة البيكية من اسفل في مشهد سقوط السقا من فوق الشجرة وقتله الحيوان المفترس. اداء احمد السقا لم يكن مفاجئاً فقد قدم دوره ببساطة وسلاسة كما عهده الجمهور. كما انه اثبت قدراته الجسدية ايضاً في تقديمه مشاهد الحركة والقتال بمرونة فائقة وجسد رياضي ممرن، اما منى زكي فلم تقدم جديداً في دورها الذي جاء مساعداً لقصة الشاب الذي لابد وان يحب احداً ليكون هناك خط عاطفي في نسيج القصة، واثبت الممثل الذي يخطو خطواته الاولى في عالم السينما احمد امين قدراته الكوميدية دون افتعال او تعقيد على اداء حركات جسدية غريبة، فقد كان يمثل الخط الكوميدي في الفيلم حيث من الواضح ان الكوميديا اصبحت شرطاً اساسياً في الافلام الان، لكنه في فيلم افريكانو جاء بشكل يتوافق ونسيج القصة وملامح الشخصيات، بل انه ذكرنا بالممثل الراحل عبدالسلام النابلسي في افلام عبدالحليم حافظ العاطفية. اما طلعت زين ورغم صغر حجم الدور الذي لعبه الا انه اثبت قدراته التمثيلية حيث كان مقنعاً في دور الخادم الافريقي الامين على حديقة مخدومه وابنته وكان نطقه للحوار باللغة العربية الفصحى سليماً بدون اخطاء كتلك التي عهدناها لدى ممثلي المسلسلات التاريخية الان. نجح الفيلم في تقديم صورة جديدة على الشاشة حيث قدم لنا سياحة مجانية لجنوب افريقيا وآثارها وطبيعتها الخلابة، بل وعاداتها وفلكلورها الشعبي المتميز. امنية طلعت

Email