المـطـرب هـانـي شـاكـر: انفعلت مع الانتفاضة فغنيت على باب القدس

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبيل لحظات من ظهوره على مسرح حديقة الهيلي بالعين وقف يتمتم بآيات قرآنية واحاديث وادعية والقلق والشحوب ظاهران على وجهه وكأنه سيظهر للمرة الاولى على المسرح امام جمهور لا يعرفه, وعندما ظهر من بين الكواليس ولمحه الجمهور دوى تصفيق وهتافات تجاوزت المكان حتى كادت ان تصم الآذان لانه ببساطة كان هاني شاكر آخر مطربي الزمان الجميل احتفاظا بهوية الاغنية العربية والمقاتل الاخير من أجل الدفاع عنها. برقته المعهودة وعباراته المجاملة وصوته المميز استقبلنا في غرفته بالفندق وفتح لنا قلبه واجاب عن كل الاسئلة بكل صراحة لكنها صراحة لا تخلو من دبلوماسية وتحفظ عرفناهما عن هاني شاكر المطرب العربي الكبير.. اعرب هاني شاكر في بداية حواره معنا عن فرحته الغامرة بوجوده من جديد في الامارات التي يعتز بها وبقائدها الذي تعتز به مصر كلها لمواقفه النبيلة والعديدة مع شعبها وقياداتها ومبدأه الراسخ في دعم اخوانه واشقائه وعروبته واسلامه. وقال انها المرة الاولى التي اشارك فيها في مهرجان الهيلي بالعين وكم كانت سعادتي بالغة للحفاوة والكرم اللذين قوبلت بهما من الشيخ سعيد بن طحنون والقائمين على ادارة وتنظيم المهرجان. * اين هاني شاكر من هذه الموجات المتدفقة من المطربين الشباب والاصوات التي تزحم الساحة الفنية الآن بمناسبة وبدون مناسبة؟ ــ انا لم اغب ابدا عن مواكبة الساحة الفنية ولكني شديد الحرص على تقديم الاغنية التي تضيف جديدا لي ويحفظها المستمع ويرددها, فالفن ليس مجرد صوت يغني وموسيقى تصدح ولكن ايضا هناك دور يجب ان يلعبه الفن وهو معايشة احوال الناس والاحساس بهم والتعبير عن عواطفهم ووجدانهم وآمالهم وكذلك آلامهم, فالفنان خاصة في هذا الوقت عليه عبء ومسئولية كبيرة في الارتقاء بالكلمة واللحن وذلك ينعكس بشكل او آخر على ذوق وفكر الانسان ويرتقي بكثير من أحلامه وآمال, ولكن التطور امر طبيعي وهذا التطور اقتضى بالضرورة ان تتغير الالحان وتتغير الكلمات كما تغيرت الاصوات وتغيرت مفاهيم الناس, ولذا فانا اقدم اللون الكلاسيكي بمفهوم العصر بعيدا عن الموسيقى العنيفة وبعيدا عن التنطيط الذي اصبح يصاحب الكثير من الاغنيات والتعبير عن الحب بشكل حضاري ليس فيه ابتذال, ففي الماضي كان المحبوب يبذل المستحيل ليرى محبوبته بينما الآن اصبح المحبوب يرى محبوبته في المدرسة وفي الجامعة وفي العمل وفي الشارع والكافتيريا وحتى عبر الانترنت اصبح هناك حب وزواج لذا يجب على الفنان ان يتطور مع زمنه واحداثه والتفاعل مع ما يظهر فيه من الحديث المتطور مع الحفاظ على القالب الكلاسيكي الذي انتمى اليه, ويمكنك اعتباري مطربا غير شبابي وكذلك غير كلاسيكي. المدرسة الكلاسيكية * في اي مدرسة فنية تجد نفسك؟ ــ انا انتمي للمدرسة الكلاسيكية بكل روادها العظام ام كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الاطرش, وفي الحقيقة انا اعتبر نفسي امتداداً لمدرسة عبد الحليم حافظ الفنية التي تتميز بخصوصية فنية لها مقاييسها ومعاييرها ولها لونها وطابعها الذي لم يتكرر حتى الآن وذلك لاسباب كثيرة اهمها كما ذكرت هذه الخطوات المتسارعة والمتلاحقة من التطور الفني على الالحان ومستوى الكلمة. وقد كان عبد الحليم يوم ان ظهر على الساحة الفنية ظاهره فنية جديدة ومدرسة لها اسلوبها وطريقتها, وبالطبع كان لابد ان يكون لها طلابها وهذه المدرسة الفنية التي قادها عبد الحليم تأثرت انا بها كثيرا وكثيرين من ابناء جيلنا ولكن حين ادركنا التطور الموسيقي الذي تشهده الساحة الفنية والغنائية الآن كان من الطبيعي ان نتطور معها وان نمشي حسبما يتطلب العصر ولكن في نفس الوقت نحافظ على الاصول الفنية التي طلعنا عليها. * كيف كانت العلاقة بينك وبين عبد الحليم حافظ في بداية ظهورك والى ماذا انتهت؟ ــ في الحقيقة ان العلاقة بيني وبين الفنان الراحل عبد الحليم حافظ كانت في بداياتها علاقة مشوشة وفيها شيء من الغضب من جانب الفنان الكبير, وذلك بسبب دخول عناصر واطراف خارجية كان من مصلحتها الا اقترب في بداية ظهوري من هذا الفنان الكبير. ولكن استطعت ان اقترب منه وان ازيل سوء الفهم والغموض الذي شاب العلاقة بيني وبينه وبعدها اثنى على وحضر لي حفلتين احادهما في شيراتون القاهرة وهنأني بعدها ولكن لم يمهله القدر حتى تتوثق هذه العلاقة بيننا. * وماذا عن محمد عبد الوهاب ولماذا لم يعطك لحن من غير ليه؟ ــ محمد عبد الوهاب هو استاذ الاجيال وله بصمة واضحة على الفن العربي والتعامل معه يعتبر نقلة مهمة جدا في حياة اي فنان وانا اعتز به ولكن لم تتهيأ الظروف لكي يعطيني احد الحانه وذات مرة سمع لي بعض الاعمال وكان قد غنى من غير ليه بنفسه بعدها وعدني ان يعطيني لحنا خاصا لي لكن لم يمهله القدر ليمنحني هذا اللحن. الغناء الوطني * اثارت اغنيتك عن الانتفاضة شجون الناس فلماذا انت مقصر في الغناء الوطني وكيف استطعت ان تواكب الانتفاضة بأغنتيك على باب القدس؟ ــ نعم اعترف بأني مقل كثيرا في اعمالي الوطنية ولكن اين الحدث الذي يثير فيك الحماسة الوطنية فتغني من قلبك, عبد الحليم كان غزيرا في انتاجه الوطني لانه عاش فترة غنية بالاحداث والتحولات التي مرت بها مصر ومر بها الوطن العربي عموما فكان من الطبيعي ان يعبر عن هذه المرحلة ويثريها ولكن الآن ليس امامنا سوى القضية الفلسطينية وهذه دخلت مراحل التسوية والمفاوضات ولكن عندما اندلعت الانتفاضة وجدت نفسي في حالة ورغبة شديدة في المشاركة في هذا الحدث وبالفعل وجدت الشاعر منصور الشادي كتب الاغنية والملحن ابو السعود لحنها بكل انفعالاته بالحدث وكنا وقتها في جلسة عمل وقررنا ان نغني اغنية له وفي يوم اجرينا البروفات وفي يوم آخر سجلنا وفي اليوم الرابع كانت تذاع وقطعت الاعلامية الشهيرة سلمى الشماع ارسال التلفزيون على قناة النيل واعلنت عن اذاعة الاغنية ولقيت صدى واسعاً لدى كل الناس. * ولماذا لم نعد نراك في افلام كما حدث في الماضي؟ وهل معنى ذلك فشلك كممثل؟ ــ انا لم افشل كممثل, ولكن ربما كانت تجربتي في البداية ضعيفة نظرا لقلة الخبرة والتجربة ولكن اعتقد اننى لو شاركت في عمل سينمائي الآن ستكون الامور افضل بكثير ولكن افتقد الى النص الذي يتناسب مع طبيعتي كمطرب او كأنسان واذا وجدت النص سوف اعود للتمثيل, وانا لم يفشل لي سوى فيلم واحد من ثلاثة افلام وهو عايشين للحب اما فيلمي عندما يغني الحب مع عادل امام فقد نجح وكذلك فيلمي مع حمدي حافظ هذا احبه وهذا اريده نجح نسبيا ايضا. * ما رأيك في الموضة الجديدة من المطربين وأبرزهم شعبان عبد الرحيم الذي بدأ ينتشر كمطرب بشكل واسع؟ ــ اولا شعبان عبد الرحيم ليس مطربا وانما منولوجست وهذا ليس تقليلا من شأنه وهو يخاطب بهذه المنولوجات طبقة معينة والكلام الذي يغنيه وشكله وآداؤه يجعله (منولوجست) وليس مطربا, وانا شخص اشتريت شريط لشعبان عبد الرحيم واغنياته اعجبتني. * الا يعني ظهور شعبان عبد الرحيم ان الطرب والغناء في ازمة؟ ــ بالتأكيد هناك ازمة ولكن ليس سببها ظهور شعبان عبد الرحيم ولكن الازمة هي زحمة المطربين الذي ملأوا الساحة الفنية, بمناسبة وبدون مناسبة بحيث اصبحنا لا نشعر بهم من كثرتهم, لقد اصبح من السهل ظهور مطرب او مطربة وان يكون لأي منهم شريط في السوق. * وما رأيك في الاغنية الخليجية؟ ــ الاغنية الخليجية اغنية مميزة وذات طابع جميل واستطاعت ان تفرض نفسها على الساحة الغنائية العربية وانا سبق لي وغنيت اغنية خليجية اسمها (من يجول) للشاعر خالد البزال والحان سليمان الملا كما غنيت في الماضي اغنيتين خليجيتين, والآن لو كان امامي كلمات سهلة ومميزة استطيع تأديتها فسوف اغنيها. * وما هو انطباعك عن مهرجان العين هذا العام؟ ــ هذه اول مرة اشارك واتمنى ان اشارك مرة اخرى والجمهور اكثر من رائع والتنظيم والحفاوة التي قوبلت بها تجعلني حريصا دائما على المشاركة في هذا المهرجان الرائع.

Email