« البيان» تفتح ملف تدخلات نظام الملالي في المنطقة والعالم ( 2 )

إيران.. محاولات ممتدة عبر التاريخ لاستهداف مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

(لمشاهدة ملف "إرهاب إيران" pdf اضغط هنا)

تصبو إيران إلى تحقيق حلم الإمبراطورية الفارسية، وفي سبيل ذلك تسعى إلى المزيد من التدخلات الخارجية لتأمين مصالحها وأذرعها وخلاياها في المنطقة، ولم تكن مصر في أي وقت بمنأى عن هذا الطموح التوسّعي لحكام طهران.


بدأت إيران في حياكة المؤامرات لمصر والمشاركة في صياغتها والتخطيط لها منذ فترة ما بعد الثورة الإيرانية من خلال دعمها للجماعات المسلّحة، على اعتبار أن الثورة المسماة بالثورة الإيرانية كانت ملهمة آنذاك للعديد من جماعات الإسلام السياسي، واستغلت إيران ذلك في محاولة تصدير الثورة. وإبان وبعد ثورة يناير انكشفت العديد من الأدوار التي لعبتها إيران بالتعاون مع حركة حماس في مصر.


وجسدت التطورات التي وقعت في أعقاب الثورة الإيرانية في العام 1979 قمة التوتر بين مصر وإيران، على خلفية استضافة مصر لشاه إيران الذي يعتبره النظام الإيراني «عدو الثورة الإيرانية»، ورفض الرئيس المصري الأسبق أنور السادات آنذاك تسليمه، واعتباره - في مؤتمر صحافي في شهر سبتمبر 1981- أن استضافة مصر لشاه إيران جاءت من منطلق «كنه الإسلام، وليس إسلام الخميني»، وأن هذه الاستضافة من واقع أخلاقي وديني، على اعتبار أن الإسلام أمر بذلك.


اشتهر السادات بانتقاداته اللاذعة وسخريته من النظام الإيراني، وهو ما يبرر عداء النظام الإيراني لمصر آنذاك، حتى أن طهران أطلقت اسم قاتل السادات خالد الإسلامبولي على أحد شوارع العاصمة الرئيسية، في تجسيد واضح لمدى الكره الإيراني للرئيس المصري الراحل، وهو الكره الذي تجسد بعد ذلك في الفيلم الإيراني «إعدام فرعون».


وكان السادات ينتقد بقوة ما سميت بالثورة الإسلامية الإيرانية، حتى أنه في أحد خطاباته قبل اغتياله بأيام قليلة قال منتقدًا النظام الإيراني على وقع عمليات إعدام 1429 في ثلاثة أشهر فقط: «الدستور الإسلامي بقى عايز واحد يتحط ورئيس الجمهورية يروح يبوس إيده.. ده اللي حصل.. الدولة الإسلامية بيقول إيه المعصوم.. أصله معصوم هناك عندهم زي الأنبياء وأكثر.. بيقول ان الاغتيالات تقوي الجمهورية.. القتل وسفك الدماء والخراب اللي عمله كل ده يقوي الجمهورية!».


قطع العلاقات
وجاء قطع العلاقات بين مصر وإيران آنذاك على خلفية تصاعد التوتر بين الجانبين وفي ضوء مواقف السادات وانتقاداته للثورة الإيرانية ورفضه تسليم الشاه الذي كانت الثورة الإيرانية تسعى لمحاكمته لكسب جولة سياسية مهمة بالنسبة إليها آنذاك، وتذرّعت طهران باتفاقية السلام في ذلك التوقيت لتبرير قطع العلاقات مع مصر، ذلك رغم العلاقات الإيرانية الإسرائيلية السرية في حينها والتي تحدث عنها السادات وقال إن حديثه مع الإسرائيليين جاء علنيًا وأمام الجميع، بينما الخميني الذي يهاجم الفلسطينيين يحصل على قطع غيار وأسلحة وغذاء من إسرائيل سرًا.


وفي تلك الآونة عملت طهران على دعم الجماعات المسلّحة في مصر، وسعت إلى «تصدير الثورة» إليها، خاصة أن تلك الثورة كانت بمثابة الإلهام للكثير من جماعات الإسلام السياسي في المنطقة منذ نهاية السبعينيات، حتى أن وفدًا مصريًا منتميًا إلى تنظيم الجهاد زار إيران واستعرض هنالك خطة لما سمّاه بـ «الثورة الإسلامية في مصر» وتقوم تلك الخطة على اغتيال الرئيس السادات.. وظهرت حفاوة واضحة في خطاب الخميني بعد اغتيال السادات، وعمل على تحريض الشعب المصري على القيام بثورة مماثلة للثورة الإيرانية.


عهد مُبارك
تعمقت جذور العداوة الإيرانية لمصر في ذلك الحين، في خطٍ متوازٍ مع صياغة طهران أحلامها الإمبراطورية وخططها الرامية لتأسيس الإمبراطورية الفارسية من خلال بسط النفوذ على النظام العربي في المنطقة والسيطرة عليها، حيث أدركت منذ ذلك الحين أن ذلك الأمر لن يتأتى إلا من خلال تدخلاتها في الدول العربية، وبخاصة مصر.


وإبان الحرب العراقية الإيرانية (حرب الأعوام الثمانية من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988) جاء الدعم المصري للعراق ليزيد العداوة الإيرانية للقاهرة ونظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي اتهمه الخميني بداية توليه السلطة في مصر بكونه ـ أي مبارك - يرتهن للقرار الأميركي. وما عزز تلك العداوة هو اتهام القاهرة لإيران برعاية الإرهاب في المنطقة ودعم الجماعات المسلّحة في مصر.


وفي العام 1987 ـ في عهد مبارك - اعتبرت القاهرة‏ رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة شخصاً غير مرغوب فيه‏ واتهمته بالقيام بمراقبة حركة الناقلات في قناة السويس المتجهة إلى العراق. وفي 1988 لدى انتهاء الحرب طالبت إيران مصر بالاعتذار عن دعم العراق في الحرب العراقية الإيرانية كشرط لعودة العلاقات مع مصر.


وأخذ الفتور يغلب على العلاقة بين القاهرة وطهران في الفترة التالية من حكم مبارك، وذلك بعد فترات التوتر. وفي العام 1989 جاء أول الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين في جنيف ودمشق حول عملية الإفراج عن مئة محتجز مصري في إيران، وزار السفير منير زهران إيران في 1990 كأول مسؤول مصري يزور طهران منذ قطع العلاقات بمناسبة وفاة أحد المراجع الدينية، وتوالت الزيارات بين البلدين، وفي 1991 تم رفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وتوالت مظاهر تصحيح العلاقات في العديد من الأمور مثل إفراج مصر عن الأرصدة الإيرانية في بنوكها وغير ذلك، وصدر عن الجانبين العديد من التصريحات التي تعكس الرغبة في رفع مستوى العلاقات، ودان مبارك قصف إسرائيل للمفاعلات النووية الإيرانية، ودانت إيران محاولة اغتيال مبارك، وفي 1996 رفضت مصر قرارًا أميركيًا بفرض حظر تجاري علي إيران‏.


غير أن إيران لم تنسَ عداءها لمصر والذي يأتي في خطٍ متوازٍ مع مشروعها في المنطقة. وفي العام 2008 أثار فيلمًا إيرانيًا بعنوان «إعدام فرعون» جدلًا واسعًا، وكان له تأثيراته السلبية، يتناول حادثة اغتيال أنور السادات. وحرصت إيران إبان عهد مبارك وما اتسم به من محاولات لرفع مستوى العلاقات، على أن يكون لها أذرع وخلايا نائمة في مصر في إطار تدخلاتها في شؤون دول المنطقة، وهو ما يؤكده محللون مختصون رصدوا أذرعًا إيرانية في تلك الفترة لعبت على الشق المذهبي للتغلغل في المجتمع المصري من خلال استمالة البعض.

جيش موازٍ
من بين أوجه العلاقات الإخوانية الإيرانية، ما تم كشفه عن مساعي نائب المرشد العام للاخوان خيرت الشاطر لإنشاء جيش موازٍ يشبه الحرس الثوري، وأن عناصر من الحرس الثوري قاموا بزيارة لمصر في عهد مرسي من أجل تدريب الإخوان على «إنشاء أجهزة أمنية بديلة».

اقرأ أيضاً:

«الإخوان» شكلت جسراً لتنفيذ مخطط طهران في مصر

سمير فرج: دعم للتنظيمات الإرهابية في سيناء

فؤاد علام: محاولات تم إحباطها داخل مصر

عبد المنعم كاطو: سعي لمحاصرة مصر بالمشكلات

Email