<p class='article-text'>الذكاء الاصطناعي في الطب - من الذكاء الآلي إلى البصيرة الإنسانية</p><p class='article-text'>لم يكن الذكاء الاصطناعي في الإمارات خطوة تقنية، بل قفزة فكرية في فلسفة الطب. فمنذ أن أطلقت الدولة استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي عام 2017، لم تتعامل معه كونه برمجيات أو خوارزميات، بل أداة لصنع مستقبل أكثر إنسانية. الفكرة ليست أن يُفكّر الحاسوب مكان الطبيب، بل أن يمنح الطبيب قدرة على رؤية ما لا يُرى: الأخطار قبل وقوعها، والمرض قبل ظهوره، والمستقبل قبل أن يبدأ.</p><p class='article-text'>من البيانات إلى الفهم العميق</p><p class='article-text'>التحول الرقمي وفّر البيانات، لكن الذكاء الاصطناعي حوّلها إلى معرفة. الفرق بين الأرشفة والتحليل هو ما يصنع «الطب الذكي»، ففي الإمارات، لا تستخدم الخوارزميات لمراجعة الفحوص فقط، بل لتكوين منطق علاجي جديد يربط بين الأنماط الحيوية، والعوامل الوراثية، وسلوك المريض اليومي.</p><p class='article-text'>على سبيل المثال:</p><p class='article-text'>• يتم تحليل النوم، الحركة، التغذية، والمزاج عبر تطبيقات الصحة القابلة للارتداء، لتوقّع الاضطرابات المزمنة قبل أشهر من ظهورها.</p><p class='article-text'>• تعمل أنظمة التعلّم الآلي على ربط نتائج المختبرات مع التاريخ الوراثي للمريض لتحديد أنسب الأدوية له قبل بدء العلاج.</p><p class='article-text'>وهكذا يتحوّل الطبيب من «مُعالج» إلى «مُستشرف»، والمريض من متلقٍ إلى شريك في التشخيص.</p><p class='article-text'>ذكاء يرفع إنسانية الطب</p><p class='article-text'>في الإمارات، الذكاء الاصطناعي لا يُختبر في مختبرات، بل في العلاقة بين الطبيب والمريض، وأجهزة الذكاء الاصطناعي في غرف العمليات لا تهدف إلى تقليل الكادر البشري، بل إلى إعادة الوقت للطبيب ليصغي ويشرح ويحتوي. في مستشفيات الدولة، باتت الأنظمة الذكية تقوم بالتحليل اللحظي للصور والتقارير، في حين يركّز الطبيب على القرار السريري والجانب الإنساني. وفي المراكز الحكومية، تُستخدم تقنيات التنبؤ لتحديد الفئات الأكثر عرضة للإجهاد النفسي أو أمراض القلب، لتقديم الدعم النفسي أو الغذائي قبل تفاقم الحالة.</p><p class='article-text'>الذكاء الأخلاقي: عندما تسبق الإمارات التقنية بالضمير</p><p class='article-text'>بينما تتسابق دول العالم لاعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي، تسير الإمارات بخط موازٍ نحو أخلاقيات الذكاء. فقد أطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع عام 2024 إطاراً أخلاقياً وطنياً لتنظيم استخدام الخوارزميات الطبية، يضمن 3 مبادئ تمثلت في:</p><p class='article-text'>1. الشفافية: أن يفهم المريض كيف تُستخدم بياناته</p><p class='article-text'>2. العدالة: أن تُبرمج الأنظمة بلا تحيّز لجنس أو عمر أو عِرق</p><p class='article-text'>3. الرقابة البشرية: أن يظل القرار الطبي النهائي مسؤولية الطبيب لا الآلة</p><p class='article-text'>كما تم إنشاء لجنة وطنية لمراجعة واعتماد حلول الذكاء الاصطناعي قبل إدراجها في أي منشأة صحية، ما جعل الإمارات من أوائل الدول التي تحكم التقنية بالضمير لا بالعائد.</p><p class='article-text'>من التكنولوجيا إلى البصيرة</p><p class='article-text'>الذكاء الاصطناعي في الطب ليس مجرد نظام تعلم آلي، بل منظومة تفكير مختلفة. ففي الإمارات، يتم الجمع بين علم البيانات وعلوم الإنسان:</p><p class='article-text'>• خبرات الأطباء.</p><p class='article-text'>• ثقافة المريض.</p><p class='article-text'>• البيئات الجغرافية والمناخية التي تؤثر في صحة السكان.</p><p class='article-text'>الهدف ليس إنتاج «طب آلي»، بل «طب أكثر دقة وإنسانية»، فالخوارزميات تتعلم من الأرقام، لكنها أيضاً تتغذى على قيم الطبيب الإماراتي الذي يرى أن الطب رسالة لا صناعة.</p><p class='article-text'>اقتصاد جديد.. ومعرفة جديدة</p><p class='article-text'>الذكاء الاصطناعي لا يُوجِد فقط صحة أفضل، بل اقتصاد قائم على المعرفة الصحية. تشير التقديرات إلى أن الاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية بالإمارات سيرفع الإنتاجية في القطاع بنسبة 25 % خلال 5 سنوات، ويقلل الهدر المالي بنحو 20 %، عبر نظم التنبؤ بالأمراض المزمنة والوقاية من التعقيدات. وإلى جانب ذلك، تتسع شبكة الأبحاث الوطنية بين الجامعات والمستشفيات حول «الذكاء العلاجي» و«الطب الشخصي»، ما يحول الإمارات إلى مختبر عالمي للطب الذكي العربي.</p><p class='article-text'>تجارب تلهم</p><p class='article-text'>• الولايات المتحدة تركز على الذكاء الصناعي في تحليل الأشعة.</p><p class='article-text'>• كوريا الجنوبية تمزج بين الذكاء الاصطناعي والمجسات الحيوية.</p><p class='article-text'>• سنغافورة تتجه إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم السياسات الصحية العامة.</p><p class='article-text'>أما الإمارات، فقد جمعت بين النماذج الثلاثة: استخدمت التقنية للسرير، والوقاية، وصنع القرار. إنها لا تقلّد، بل تصنع نموذجها الخاص حيث يتكامل الطبيب والآلة في خدمة المريض.</p><p class='article-text'>الذكاء الاصطناعي في الطب ليس نهاية دور الإنسان، بل بداية مرحلة يفكر فيها الطب بضمير رقمي وإنسان واحد، والإمارات تسير اليوم بخطى ثابتة نحو منظومة صحية تعرف المريض قبل أن يمرض، وتحمي الإنسان قبل أن يتألم. هذا هو جوهر الريادة الصحية لعام 2035: عقل ذكي.. وضمير إنساني.</p><p class='article-text'>المقال القادم: ثورة الجينوم والطب الدقيق – نحو طب شخصي أكثر فاعلية (15/7)</p>

خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035 (15-6)

<p class='article-text'>التحول الرقمي في القطاع الصحي – من البيانات إلى القرارات الذكية</p><p class='article-text'>في عصر أصبحت فيه البيانات المحرك الأول لأي نظام صحي متطور، لم يعد الطب يعتمد على الأدوات فقط، بل على الذكاء في إدارة المعلومة.</p><p class='article-text'>وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، يُعد التحول الرقمي في الصحة مشروعاً وطنياً شاملاً، لا يهدف إلى تحديث التقنيات فحسب، بل إلى بناء منظومة صحية ذكية تربط بين الوقاية والعلاج وتضمن العدالة والكفاءة لكل فرد.<br>فالرؤية الصحية 2035 تقوم على مبدأ واضح: كل قرار طبي يبدأ من بيانات دقيقة وينتهي بخدمة إنسانية ذكية.</p><p class='article-text'>منصّات السجلات الصحية الموحّدة</p><p class='article-text'>استثمرت الإمارات خلال العقد الماضي في بناء بنية رقمية تُعدّ الأوسع في المنطقة:</p><p class='article-text'>• أبوظبي – منصة «ملفّي»: تضم أكثر من 12.7 مليون ملف مريض و3.5 مليارات سجل سريري، وتربط 3,072 منشأة صحية داخل الإمارة. يستخدمها أكثر من 53 ألف طبيب وممرض وفني للوصول إلى بيانات المرضى فوراً وبأمان.</p><p class='article-text'>• دبي – منصة «نابض»: حتى منتصف 2025، جمعت 10.41 ملايين سجل طبي من 1,888 منشأة ودمجت 91 نظاماً إلكترونياً في قاعدة موحدة تخدم أكثر من 53 ألف مختص صحي.</p><p class='article-text'>• المناطق الشمالية – نظام «وريد»: يربط 17 مستشفى وأكثر من 80 مركزاً صحياً ويغذي المنصة الوطنية «رعايتي» بأكثر من نصف البيانات الصحية لتلك المناطق.</p><p class='article-text'>بهذه الشبكات أصبحت الإمارات تمتلك منظومة وطنية موحّدة تضم نحو 4 مليارات سجل طبي و14 مليون ملف مريض فريد، تمثل إحدى أكبر قواعد البيانات الصحية في الشرق الأوسط، وتتيح قرارات صحية دقيقة قائمة على الواقع.</p><p class='article-text'>الذكاء الاصطناعي والروبوتات: من غرفة العمليات إلى التشخيص</p><p class='article-text'>تتقدم الإمارات المنطقة في توظيف الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الطب:</p><p class='article-text'>• مستشفى دبي نفّذ أكثر من 145 جراحة روبوتية ناجحة منذ 2022.</p><p class='article-text'>• مدينة الشيخ شخبوط الطبية تخطت 500 عملية روبوتية، منها 200 في 2024 وحدها.</p><p class='article-text'>• كليفلاند كلينك أبوظبي أنجزت أكثر من 400 عملية روبوتية عام 2024، بينها أول جراحة استئصال ثدي روبوتية كاملة في الدولة.</p><p class='article-text'>• المستشفى الأمريكي دبي أجرى أكثر من 2200 عملية روبوتية منذ 2020، منها أكثر من 400 عملية خلال 2024 وحدها في جراحات الصدر والأورام والمفاصل، ليصبح من أوائل المراكز في الشرق الأوسط التي تحقّق هذا المستوى من الدقة والانتشار.</p><p class='article-text'>هذه الجراحات المتقدمة خفّضت المضاعفات بنسبة 90 % وسرّعت التعافي إلى أقل من ثلاثة أيام في بعض الحالات.</p><p class='article-text'>وفي التشخيص، أطلقت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية نظام ذكاء اصطناعي للتشخيص المبكر في 35 مركزاً بدقة</p><p class='article-text'>99 % لأمراض الرئة و98.8 % لسرطان الثدي، لتقلّص زمن إصدار النتائج إلى أقل من خمسة أيام.</p><p class='article-text'>كما أضافت منصة «ملفّي» خاصية التنبؤ بالمخاطر الصحية بالاعتماد على تحليل البيانات الضخمة لتحديد احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة قبل حدوثها.</p><p class='article-text'>كفاءة النظام ورضا المجتمع</p><p class='article-text'>انعكست الرقمنة على كفاءة الخدمات ورضا المرضى بشكل ملموس:</p><p class='article-text'>• ارتفع عدد الاستشارات الطبية عن بُعد إلى 375 ألف استشارة عام 2023 (+ 28 % عن 2022).</p><p class='article-text'>• بلغت نسبة رضا المرضى 92 % ورضا الكوادر الصحية 97 %، وأُنجزت 85 % من الاستشارات خلال يومين فقط.</p><p class='article-text'>• أسهمت المنظومة الرقمية في خفض الأخطاء الطبية وتكرار الفحوصات بنحو 20 % وتقليص تكاليف التشغيل 15 % في بعض المستشفيات عبر أتمتة العمليات وتحسين استخدام الموارد.</p><p class='article-text'>• ارتفع معدل رضا المتعاملين العام إلى 89 % عام 2024، الأعلى منذ تأسيس النظام الصحي الاتحادي.</p><p class='article-text'>موقع الإمارات في المؤشرات العالمية</p><p class='article-text'>• وفق مؤشر الابتكار الصحي العالمي 2024، جاءت الإمارات الأولى عالمياً في تبنّي التقنيات الصحية الرقمية.</p><p class='article-text'>• احتلت المرتبة 20 عالمياً والأولى إقليمياً في جودة الرعاية الصحية، وضمن أفضل 10 دول في 21 مؤشراً صحياً فرعياً.</p><p class='article-text'>• تغطي شبكة 5G في الدولة 100 % من المناطق المأهولة، ما يجعل الإمارات مؤهلة لتكون منصة عالمية للطب الذكي والافتراضي.</p><p class='article-text'>دروس من سنغافورة وكوريا الجنوبية</p><p class='article-text'>• سنغافورة: تُطبّق نظام NEHR الذي يُلزم جميع مقدمي الرعاية بربط بياناتهم بالسجل الوطني بحلول 2025، ما خفّض تكرار الفحوصات 15 % ورفع كفاءة القرارات العلاجية.</p><p class='article-text'>• كوريا الجنوبية: تعتمد منصة DUR لمراجعة الوصفات الدوائية لحظياً، ما خفّض الأخطاء 35 %، إضافةً إلى منصتها الوطنية لإدارة الأمراض المزمنة التي تخدم أكثر من 460 ألف مريض وتزيد الالتزام بالعلاج 5 % سنوياً.<br>هاتان التجربتان تؤكدان أن حوكمة البيانات والتشريعات المرنة هما أساس نجاح أي نظام صحي رقمي — وهو ما تبنّته الإمارات مبكراً ضمن رؤيتها للتحول الذكي.</p><p class='article-text'>لم يعد التحول الرقمي الصحي في الإمارات مشروعاً تقنياً، بل ركيزة وطنية للعدالة والكفاءة.</p><p class='article-text'>فمنصات السجلات الموحدة، والذكاء الاصطناعي في التشخيص، والتطبيب عن بُعد، أعادت تعريف مفهوم الرعاية الصحية.</p><p class='article-text'>وبينما تستلهم الإمارات من تجارب سنغافورة وكوريا الجنوبية، فإنها تسير بثقة نحو أن تكون الدولة التي تُحوّل البيانات إلى قرارات ذكية، وتضع الإنسان في قلب منظومتها الصحية.</p><p class='article-text'>بهذا النهج، تمضي الإمارات بثبات لتصبح عاصمة الابتكار الصحي العالمي بحلول 2035.</p>

خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035 - (15/5)

<p class='article-text'>التمويل الصحي المستدام – من حجم الإنفاق إلى قيمة الرعاية</p><p class='article-text'>من الإنفاق إلى الاستثمار</p><p class='article-text'>في عالم تتصاعد فيه كلفة الرعاية الطبية عاماً بعد عام، لم يعد السؤال كم ننفق، بل كيف ننفق؟</p><p class='article-text'>التمويل الصحي المستدام لم يعد مجرد بند في الميزانية، بل صار استثماراً وطنياً في رأس المال البشري، حيث تقاس فاعلية كل درهم بمدى تحسينه لجودة حياة الإنسان.</p><p class='article-text'>ومع رؤيتها الطموحة نحو الريادة الصحية بحلول عام 2035 تتبنى الإمارات نهجاً جديداً يقوم على القيمة قبل الكمية، وعلى جعل الصحة قطاعاً إنتاجياً يسهم في التنمية لا عبئاً على الاقتصاد.</p><p class='article-text'>ملامح النمو الصحي في الإمارات</p><p class='article-text'>تعد الإمارات من أكثر دول المنطقة إنفاقاً على الصحة كنسبة من الناتج المحلي، حيث بلغ الإنفاق الصحي نحو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 5.8% بحلول 2029، أي ما يعادل 151 مليار درهم، وفقاً لتقديرات «ألبن كابيتال».</p><p class='article-text'>هذه الأرقام تعكس تطوراً ملحوظاً في الخدمات والبنية التحتية الصحية، لكنها تفرض في المقابل ضرورة بناء آليات تمويل ذكية، تضمن استدامة هذا النمو على المدى الطويل، فالهدف ليس خفض الإنفاق بل زيادة كفاءته، بحيث يتحول كل درهم ينفق إلى قيمة مضافة لصحة المواطن والمقيم.</p><p class='article-text'>من الكم إلى القيمة.. نموذج «إجادة» في دبي</p><p class='article-text'>أطلقت هيئة الصحة بدبي في عام 2022 مبادرة «إجادة» نظام تمويل يعتمد على الرعاية الصحية القائمة على القيمة.</p><p class='article-text'>لا تُقاس كفاءة المستشفى بعدد العمليات أو الفحوص بل بنتائج المرضى وجودة التجربة العلاجية.</p><p class='article-text'>حقق هذا التحول نتائج ملموسة:</p><p class='article-text'>• خفض كلفة علاج الأمراض المزمنة مثل السكري بنسبة 25 إلى 30 % بعد استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالحالات عالية الخطورة.</p><p class='article-text'>• تدريب أكثر من 2000 من الكوادر الطبية وشركات التأمين على نظام القيمة مقابل النتائج.</p><p class='article-text'>• تطوير أكثر من 50 % من الأدلة الإرشادية السريرية للأمراض المزمنة ضمن البرنامج.</p><p class='article-text'>هذه الخطوات جعلت دبي أول مدينة في المنطقة تطبق نموذجاً تمويلياً، يقيس النجاح بمدى تحسن صحة المريض لا بعدد الإجراءات.</p><p class='article-text'>دروس عالمية في كفاءة التمويل</p><p class='article-text'>سنغافورة تعد من أكثر الأنظمة كفاءة عالمياً؛ إذ تنفق نحو 5 % فقط من ناتجها المحلي على الصحة، ومع ذلك تحقق متوسط عمر متوقع يفوق 83 عاماً. تعتمد نظام «3M»، الذي يجمع بين تمويل حكومي وادخار شخصي وتأمين جماعي، فيحقق توازناً مالياً فريداً.</p><p class='article-text'>أما الولايات المتحدة، التي تنفق حوالي 18 % من ناتجها المحلي على الصحة، فلا يزال متوسط العمر فيها دون 78 عاماً، ما يعكس ضعف الكفاءة في توزيع الموارد.</p><p class='article-text'>وفي الدنمارك، حيث يبلغ الإنفاق الصحي نحو 10.8 % من الناتج المحلي، يضمن النظام الممول من الضرائب رعاية شاملة ومتساوية مع متوسط عمر متوقع يقارب 81 عاماً، بفضل تركيزه على الوقاية وجودة الخدمة لا حجمها.<br>الدرس هنا واضح: القيمة أهم من الكلفة، والاستدامة تتحقق حين يكون التمويل موجهاً بدقة نحو النتائج، التي تعزز صحة المجتمع.</p><p class='article-text'>التكنولوجيا والتمويل الذكي</p><p class='article-text'>التكنولوجيا أصبحت العمود الفقري للاستدامة الصحية</p><p class='article-text'>تشير أحدث الإحصاءات إلى أن سوق الصحة الرقمية في الإمارات بلغ نحو 620 مليون دولار في 2024، ومن المتوقع أن يتجاوز 1.8 مليار دولار بحلول 2030 بمعدل نمو يفوق 20 % سنوياً.</p><p class='article-text'>الذكاء الاصطناعي اليوم يستخدم للتنبؤ بالأمراض المزمنة وتوجيه الموارد نحو الوقاية بدل العلاج، كما تسهم السجلات الصحية الموحدة والأنظمة الرقمية في تقليل الازدواجية والهدر بنسبة تتجاوز 15 % في بعض المنشآت.</p><p class='article-text'>هذه الحلول التقنية لا ترفع جودة الخدمات فحسب، بل تخفض التكاليف التشغيلية وتزيد كفاءة كل درهم يستثمر في القطاع الصحي.</p><p class='article-text'>نحو 2035: الصحة استثمار وطني</p><p class='article-text'>التمويل الصحي المستدام في الإمارات لم يعد هدفاً نظرياً بل تحولاً استراتيجياً يقوده التخطيط الحكومي والشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص.</p><p class='article-text'>اليوم، أكثر من نصف الإنفاق الصحي ينفذ بالشراكة مع القطاع الخاص، ما يعزز القدرة على الابتكار وتنويع مصادر التمويل، كما تواصل الدولة الاستثمار في الوقاية والتوعية، إذ تؤكد الدراسات أن كل درهم يستثمر في الوقاية يجنب النظام الصحي من 3 إلى 5 دراهم في العلاج اللاحق.</p><p class='article-text'>الطريق إلى التحول الرقمي الصحي</p><p class='article-text'>من الرعاية الأولية إلى التمويل المستدام تتشكل ملامح المنظومة الصحية الإماراتية الجديدة القائمة على القيمة، الابتكار، والاستدامة، فالتمويل الذكي ليس حسابات مالية فحسب، بل فلسفة تضع الإنسان في قلب القرار، وتحوّل الصحة إلى محرك للتنمية الوطنية.</p><p class='article-text'>وفي المقال القادم من السلسلة سنكمل الرحلة إلى المستقبل عبر محور جديد:</p><p class='article-text'>التحول الرقمي في القطاع الصحي، وكيف سيجعل السجلات الموحدة والذكاء الاصطناعي الإمارات في طليعة الدول التي تبني نظاماً صحياً متصلاً وذكياً بحلول 2035.</p>

خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035 «15/4»

<p class='article-text'>الجاهزية الوطنية للأوبئة والطوارئ الصحية</p><p class='article-text'>الدرس الذي غير العالم</p><p class='article-text'>لم يعد العالم بعد عام 2020 كما كان، فقد كشفت جائحة «كوفيد 19» هشاشة كثير من الأنظمة الصحية، وأعادت تعريف الأمن الصحي بوصفه جزءاً من أمن الدول واستقرارها، غير أن الجائحة، رغم قسوتها، كانت أيضاً اختباراً للجاهزية الوطنية ومدى مرونة الأنظمة الصحية في مواجهة المجهول.</p><p class='article-text'>ومن بين الدول التي نجحت في هذا الاختبار برزت الإمارات العربية المتحدة، التي حولت الأزمة إلى فرصة، وبنت نموذجاً عالمياً في سرعة الاستجابة وتكامل القطاعات، ورسخت مكانتها أحد أكثر الأنظمة الصحية استعداداً للمستقبل.</p><p class='article-text'>الجاهزية الصحية أكثر من خطط طوارئ</p><p class='article-text'>الجاهزية ليست مجرد خطط مكتوبة أو مخازن معدات، بل منظومة متكاملة تعمل قبل الأزمة وفي أثنائها وبعدها، وتقوم على ثلاث ركائز أساسية:</p><p class='article-text'>الوقاية والرصد المبكر: نظام مراقبة دقيق يرصد التهديدات قبل انتشارها.</p><p class='article-text'>المرونة التشغيلية: قدرة على إدارة الموارد وتدريب الكوادر أثناء الأزمات دون تعطيل الخدمات.</p><p class='article-text'>التنسيق والتكامل: شبكة وطنية موحدة تربط المستشفيات والجهات الصحية والأمنية والبحثية.</p><p class='article-text'>الإمارات.. من الاستجابة إلى الاستباق</p><p class='article-text'>قدمت الإمارات خلال جائحة كورونا واحدة من أنجح التجارب عالمياً، من حيث سرعة الفحص، ووفرة اللقاحات، والتكامل الرقمي بين القطاعات.</p><p class='article-text'>أجرت الدولة أكثر من 197 مليون فحص PCR حتى نهاية 2022، أي ما يعادل 19.6 مليون فحص لكل مليون نسمة، لتتصدر العالم في عدد الفحوص بالنسبة إلى السكان، وفق منظمة الصحة العالمية.</p><p class='article-text'>كانت من أوائل الدول التي وفرت اللقاحات لجميع الفئات منذ أواخر 2020، وبلغت نسبة التطعيم أكثر من 99 % من السكان بحلول نهاية 2022، بحسب مؤشر «بلومبرغ».</p><p class='article-text'>أطلقت أول لقاح محلي في المنطقة «حياة فاكس»، بالشراكة مع الصين، لتكون الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تنتج لقاح كورونا محلياً.</p><p class='article-text'>وفرت الفحوص والعلاج مجاناً لجميع السكان من مواطنين ومقيمين وزائرين، ما عزز الثقة المتبادلة بين المجتمع ومؤسساته الصحية، وأسهم في رفع الوعي والالتزام الطوعي بالإجراءات.</p><p class='article-text'>النتيجة كانت واضحة: من بين أكثر من مليون إصابة، لم تتجاوز نسبة الوفيات 0.22 % فقط، وهي من أدنى المعدلات في العالم.</p><p class='article-text'>منظومات وطنية ومراكز تميز</p><p class='article-text'>لم تتعامل الإمارات مع الجائحة بوصفها أزمة مؤقتة، بل بوصفها مختبراً لتأسيس منظومات جاهزية دائمة تعزز أمنها الصحي المستقبلي، ومنها:</p><p class='article-text'>مركز القيادة والسيطرة في دبي، الذي جمع كل الجهات الصحية تحت مظلة واحدة لتنسيق الموارد ووضع بروتوكولات علاج موحدة.</p><p class='article-text'>الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات (NCEMA)، التي قادت خطة الاستجابة الموحدة منذ يناير 2020، قبل إعلان منظمة الصحة العالمية للجائحة.</p><p class='article-text'>مركز أبوظبي للصحة العامة، الذي تأسس عام 2019 كأول مركز من نوعه في المنطقة، وأدى دوراً محورياً في الرصد الوبائي والتخطيط.</p><p class='article-text'>أكبر مختبر لفحوص كورونا في العالم خارج الصين، أنشئ خلال 14 يوماً فقط بطاقة عشرات الآلاف من الفحوص اليومية بالتعاون مع شركتي G42، وBGI.</p><p class='article-text'>مستشفيات ميدانية في دبي وأبوظبي بطاقة آلاف الأسرّة خلال أسابيع، لتأمين أي زيادة محتملة في الحالات.</p><p class='article-text'>كما استخدمت الدولة الروبوتات والطائرات المسيّرة لتعقيم المدن، والذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطوارئ والتنبؤ بالحالات قبل تفاقمها.</p><p class='article-text'>التكنولوجيا في خدمة الأمن الصحي</p><p class='article-text'>اعتمدت الإمارات نهج «الرقمنة الوقائية» عبر أدوات مبتكرة:</p><p class='article-text'>تطبيق الحصن لتتبع المخالطين وإدارة الحالة الصحية رقمياً.</p><p class='article-text'>الخوذات الحرارية الذكية القادرة على مسح 200 شخص في الدقيقة.</p><p class='article-text'>برنامج «طبيب لكل مواطن» للاستشارات عن بعد على مدار الساعة.</p><p class='article-text'>مركز PaCE للتحكم بالذكاء الاصطناعي في غرف الطوارئ ومتابعة الحالات الحرجة لحظياً.</p><p class='article-text'>لقد حولت الإمارات التكنولوجيا من أداة استجابة إلى ركيزة وقائية في منظومتها الصحية الحديثة، ما جعلها من أوائل الدول التي واصلت خدماتها الصحية دون توقف، في وقت شهدت فيه أنظمة أخرى انهياراً جزئياً.</p><p class='article-text'>الإمارات في مؤشرات الجاهزية العالمية</p><p class='article-text'>تؤكد التقارير الدولية أن الإمارات اليوم بين الدول الأكثر جاهزية واستجابة في العالم:</p><p class='article-text'>وفق مؤشر الأمن الصحي العالمي (GHS 2021)، سجلت الدولة 39.6 نقطة من 100، متقدمة على المتوسط العالمي (38.9)، ومتصدرة المنطقة في معايير الاستجابة السريعة وكفاءة النظام الصحي.</p><p class='article-text'>احتلت المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر «بلومبرغ للمرونة في مواجهة كوفيد 19» عام 2021، بفضل توازنها بين حماية الصحة واستمرار الاقتصاد.</p><p class='article-text'>كما صنفتها منظمة الصحة العالمية ضمن الدول الأعلى التزاماً بلوائح الأمن الصحي الدولي (IHR) وقدرات الاستجابة للطوارئ.</p><p class='article-text'>من الأزمة إلى الريادة</p><p class='article-text'>أثبتت الإمارات أن الأمن الصحي ليس استجابة وقتية، بل هو مشروع وطني مستدام يقوم على الاستباق والابتكار والتكامل المؤسسي.</p><p class='article-text'>ومن رحم أزمة «كوفيد 19» وُلدت منظومة جاهزية جديدة تعيد تعريف العلاقة بين العلم والإدارة والمجتمع، وتجعل الوقاية جزءاً من الهوية الوطنية الصحية.</p><p class='article-text'>ومع توسع الدولة في إنشاء مراكز الأبحاث والمختبرات البيولوجية المتقدمة، تتجه بثقة نحو أن تكون المرجع العالمي في الجاهزية الصحية الشاملة بحلول عام 2035. وفي الأسبوع المقبل، تتناول السلسلة ركيزة أخرى من ركائز هذه المنظومة: التمويل الصحي المستدام، وكيف توازن الإمارات بين الكفاءة المالية وجودة الخدمة في طريقها نحو الريادة العالمية.</p>

خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035 - (3/15)

<p class='article-text'>الصحة النفسية كأولوية وطنية</p><p class='article-text'>صحة الجسد لا تكفي</p><p class='article-text'>الجسد يمنح الإنسان القدرة على الحركة والعمل، لكن النفس هي التي تمنحه المعنى والدافع للاستمرار. وفي زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، أصبحت الصحة النفسية من أهم تحديات القرن الواحد والعشرين.</p><p class='article-text'>العالم اليوم يواجه موجة من القلق والاكتئاب والتوتر المزمن، تحولت إلى ما يشبه الأوبئة الصامتة التي لا تُرى بالعين، لكنها تُنهك الأفراد وتؤثر في المجتمعات والاقتصادات معاً.</p><p class='article-text'>وفي الإمارات، تدرك القيادة الرشيدة أن الريادة الصحية التي نطمح إليها بحلول عام 2035، لا يمكن أن تتحقق إلا ببناء منظومة متوازنة، تمنح الصحة النفسية نفس المكانة التي تحظى بها الصحة الجسدية.</p><p class='article-text'>لماذا الصحة النفسية الآن؟</p><p class='article-text'>في تقارير منظمة الصحة العالمية، هناك شخص من كل ثمانية أشخاص حول العالم يعاني من اضطراب نفسي بدرجات متفاوتة.</p><p class='article-text'>في الولايات المتحدة، تشير التقديرات إلى أن القلق والاكتئاب يكلّفان الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار سنوياً، بسبب انخفاض الإنتاجية.</p><p class='article-text'>أما اليابان، فبعد ارتفاع معدلات الانتحار في العقد الماضي، أطلقت الحكومة حملة «مجتمع بلا عزلة»، التي غيّرت المفهوم العام للصحة النفسية، ودمجت الدعم النفسي في المدارس وأماكن العمل، فبدأت النتائج تظهر على مستوى الاستقرار المجتمعي والثقة بالنفس.</p><p class='article-text'>هذه الأرقام لا تصف مشكلة طبية فحسب، بل تصف عبئاً إنسانياً واقتصادياً، إذ لا يمكن لأي دولة أن تحقق تنمية أو ازدهاراً، إذا كان أبناؤها يعانون في صمت.</p><p class='article-text'>وفي عالمنا العربي، بدأت المؤشرات النفسية، خاصة بين الشباب، تعكس الحاجة إلى تحرك جاد، يجعل من الصحة النفسية أولوية وطنية، واستثماراً في الإنسان نفسه.</p><p class='article-text'>دروس من التجارب العالمية</p><p class='article-text'>سنغافورة: طوّرت نظام دعم مجتمعي متكامل، يربط بين المراكز النفسية والرعاية الأولية، بحيث يمكن التدخل مبكراً قبل أن تتفاقم الحالات. النتيجة كانت انخفاض الضغط على المستشفيات، وتحسن واضح في جودة الحياة.</p><p class='article-text'>اليابان: تعاملت مع الصحة النفسية كقضية ثقافية ومجتمعية، قبل أن تكون طبية. دمجت برامج التوعية في التعليم والعمل، ونجحت في خفض معدلات الانتحار بصورة ملموسة خلال السنوات الأخيرة.</p><p class='article-text'>الولايات المتحدة: بعد جائحة كورونا، توسعت برامج العلاج النفسي عبر الإنترنت، فكسرت الحواجز الاجتماعية، ووفرت للناس سهولة الوصول إلى المساعدة دون خوف من الوصمة.</p><p class='article-text'>الإمارات: من الدعم الفردي إلى المنظومة المتكاملة</p><p class='article-text'>اتخذت الإمارات خطوات ملموسة خلال السنوات الأخيرة:</p><p class='article-text'>إطلاق حملات وطنية للتوعية بالصحة النفسية، وكسر الحواجز الاجتماعية.</p><p class='article-text'>إدراج خدمات الدعم النفسي في المدارس والجامعات، لضمان الاكتشاف المبكر.</p><p class='article-text'>تطوير منصات رقمية توفر استشارات متخصصة وسرية، ضمن نظام الرعاية المتكاملة.</p><p class='article-text'>لكن طريق الريادة العالمية يحتاج إلى استكمال الصورة عبر:</p><p class='article-text'>دمج الصحة النفسية في الرعاية الأولية، بحيث يكون طبيب الأسرة جزءاً من منظومة الكشف والدعم.</p><p class='article-text'>تأهيل الكوادر الوطنية في مجالات الطب النفسي والإكلينيكي لتوطين التخصصات الحساسة.</p><p class='article-text'>تحديث التشريعات لضمان السرية وحماية حقوق المرضى النفسيين.</p><p class='article-text'>تعاون شامل بين المدارس، والجامعات، وأماكن العمل، والإعلام، لترسيخ ثقافة الوعي النفسي.</p><p class='article-text'>هذه الخطوات كفيلة بأن تنقل التعامل مع الصحة النفسية من ردّ الفعل إلى الاستباق والتمكين.</p><p class='article-text'>نحو 2035: الصحة النفسية كمعيار للريادة</p><p class='article-text'>الريادة الصحية لا تُقاس فقط بعدد المستشفيات أو التقنيات الحديثة، بل بمدى تماسك الإنسان داخلياً، وقدرته على مواجهة ضغوط الحياة بإيجابية وثقة.</p><p class='article-text'>لذلك، فإن جعل الصحة النفسية جزءاً من مؤشرات الأداء الوطني، كجودة الحياة والسعادة المجتمعية، سيشكل مقياساً حقيقياً لتطور الدولة نحو رؤيتها لعام 2035.</p><p class='article-text'>المحطة القادمة</p><p class='article-text'>بهذا المقال، نواصل رحلتنا في سلسلة «خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035». فبعد أن تناولنا في المقال الأول دور الرعاية الأولية والوقاية في بناء النظام الصحي المستدام، نسلّط الضوء اليوم على العقل والنفس، كقوة وطنية خفية، تحتاج إلى رعاية بقدر رعاية الجسد. وفي الأسبوع القادم، سننتقل إلى المحور الثالث من السلسلة: الجاهزية الوطنية للأوبئة والطوارئ الصحية، لنتحدث عن كيف يمكن لدولة بحجم طموح الإمارات، أن تبني منظومة مرنة، قادرة على الصمود أمام التحديات والأزمات الصحية الكبرى.</p>

خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035 - (2/15)

<p class='article-text'>تعزيز الرعاية الصحية الأولية والوقاية.. حجر الأساس لنظام مستدام</p><p class='article-text'>سلسلة نحو الريادة</p><p class='article-text'>هذه المقالة هي الأولى ضمن سلسلة «خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035»، التي تستعرض على مدى الأسابيع المقبلة محاور تطوير المنظومة الصحية، مستلهمة رؤية القيادة الرشيدة بأن صحة الإنسان هي الأولوية الأولى في مشروع الوطن.</p><p class='article-text'>لماذا الرعاية الأولية والوقاية؟</p><p class='article-text'>الرعاية الأولية تعني أن يلتقي المواطن أو المقيم طبيبه في مركز الأسرة أو العيادة المجتمعية قبل أن يصل إلى غرفة الطوارئ. الوقاية تعني أن نوقف المرض قبل أن يطرق الباب.</p><p class='article-text'>تقدر منظمة الصحة العالمية أن الاستثمار الجاد في الرعاية الأولية قد ينقذ 60 مليون حياة عالمياً، ويضيف نحو 3.7 سنوات لعمر الفرد بحلول 2030. بالنسبة للإمارات، حيث تصل معدلات السمنة والسكري إلى أكثر من 20% بين البالغين، تصبح الوقاية ضرورة وطنية، وليست خياراً.</p><p class='article-text'>دروس عالمية ملهمة</p><p class='article-text'>سنغافورة: خصصت 5% فقط من ميزانيتها للوقاية، لكنها نجحت في خفض سنوات العمر المهدرة، بسبب المرض بنسبة 40% بين 1990 و2019، وتصدرت العالم في متوسط العمر الصحي.</p><p class='article-text'>الولايات المتحدة: تنفق 90% من ميزانيتها الصحية (4.9 تريليونات دولار) على علاج الأمراض المزمنة، لذلك عززت برامج الفحص واللقاحات، حيث يوفر كل دولار يُنفق على التطعيمات نحو 5 دولارات من تكاليف العلاج.</p><p class='article-text'>اليابان: بفضل الفحوص المبكرة ونمط الحياة الصحي تحقق اليابان أعلى متوسط عمر متوقع عالمياً (87.6 للنساء، 81.5 للرجال) مع معدلات وفيات منخفضة من أمراض القلب والسرطان.</p><p class='article-text'>الإمارات: من العلاج إلى تعزيز الصحة</p><p class='article-text'>في الإمارات بدأت الخطوات واضحة:</p><p class='article-text'>• توسع مراكز الرعاية الأولية.</p><p class='article-text'>• حملات وطنية ضد السكري والسمنة.</p><p class='article-text'>• سياسات مثل ضريبة المشروبات السكرية والتبغ.</p><p class='article-text'>• مبادرات تشجع على النشاط البدني ونمط الحياة الصحي.</p><p class='article-text'>هذه ليست مجرد برامج، بل تحول فلسفي من «علاج المرض» إلى «تعزيز الصحة» باعتباره استثماراً في الإنسان واقتصاد الدولة معاً.</p><p class='article-text'>نحو نظام صحي متكامل 2035</p><p class='article-text'>الطريق إلى الريادة الصحية يتطلب:</p><p class='article-text'>• أن تكون المراكز الأولية هي البوابة الأولى للرعاية.</p><p class='article-text'>• أن يكون لكل مواطن طبيب أسرة متابعاً لحالته.</p><p class='article-text'>• أن تتكامل الرعاية الرقمية عبر سجل صحي وطني موحد.</p><p class='article-text'>•أن يتعلم الجيل الجديد منذ المدرسة أن الوقاية أسلوب حياة.</p><p class='article-text'>البداية من هنا</p><p class='article-text'>الرعاية الأولية والوقاية ليست تفصيلاً صغيراً، بل حجر الأساس لخريطة الطريق الصحية الإماراتية. تجارب العالم واضحة: من يستثمر في الوقاية يحصد أعماراً أطول، مجتمعاً أكثر إنتاجية، وتكاليف أقل.</p><p class='article-text'>هذا المقال هو البداية. وفي الأسبوع المقبل نستعرض معاً المحور الثاني: الصحة النفسية أولوية وطنية، لنؤكد أن بناء الإنسان المتوازن نفسياً لا يقل أهمية عن علاج جسده.</p>

خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035 - (1/15)

<p class='article-text'>في ملتقى محمد بن راشد للقادة، الذي انعقد في دبي وجمع مئات القادة وصانعي القرار والمفكرين من القطاعين العام والخاص، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، نداء صريحاً بأن تكون دبي الأولى عالمياً، ليس في مجال واحد، بل في كل مجال يمس الإنسان وحياته.</p><p class='article-text'>كانت كلماته قاطعة، تحمل في طياتها عهداً جديداً بأن يبدأ كل مشروع من الإنسان، وينتهي إليه، وأن تكون جودة حياته الهدف الأسمى لكل رؤية وسياسة وخطة، ولأن الصحة هي الأساس الذي تقوم عليه جودة الحياة، فقد وضعها سموه في صميم هذه المبادرة، فلا تعليم بلا صحة، ولا اقتصاد بلا صحة، ولا مستقبل بلا صحة. الصحة ليست مجرد خدمة تقدم عند الحاجة، بل هي مشروع حضاري شامل، ومقياس حقيقي لريادة أي مدينة.</p><p class='article-text'>دبي والريادة الصحية.. من الحلم إلى الالتزام</p><p class='article-text'>دبي ليست جديدة على الريادة؛ فقد اعتادت أن تكسر المستحيل في الاقتصاد، والسياحة، والبنية التحتية، والتقنية. واليوم، جاء الدور على القطاع الصحي ليكون عنوان المرحلة المقبلة. ليس السؤال: هل يمكن لدبي أن تصبح الأولى صحياً؟ بل متى سننجز ذلك؟</p><p class='article-text'>لدينا ما يؤهلنا: بنية تحتية طبية متقدمة، إرادة سياسية لا تعرف المستحيل، وموقع استراتيجي يجعلنا نقطة جذب للعقول والخبرات، لكن ما ينقصنا هو تحويل هذه المقومات إلى منظومة موحدة، بخطة جريئة، تضع الصحة على رأس الأولويات الوطنية.</p><p class='article-text'>الركائز الخمس لمستقبل الصحة في دبي</p><p class='article-text'>لقد تحدثت سابقاً عن حلمي بأن تكون دبي المدينة الأولى عالمياً في الصحة، واليوم أرى أن هذا الحلم يتحول إلى التزام. ولتحقيق ذلك، هناك خمس ركائز أساسية لا بد من التركيز عليها:</p><p class='article-text'>1. أفضل تجربة للمريض عالمياً</p><p class='article-text'>لا يكفي أن نبني مستشفيات متطورة، بل أن نصنع تجربة علاجية استثنائية تُشعر المريض بالكرامة والرحمة والأمان من لحظة دخوله حتى خروجه، يجب أن يعيش المريض في دبي تجربة لا تضاهيها أي مدينة أخرى.</p><p class='article-text'>2. منظومة صحية رقمية ذكية</p><p class='article-text'>المستقبل لا ينتظر، لا بد من دمج الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتطبيب عن بُعد في كل تفاصيل النظام الصحي. يجب أن تكون الملفات الطبية موحدة، والخدمات متصلة، والتقنيات في خدمة الإنسان قبل أن يطلبها.</p><p class='article-text'>3. استقطاب أفضل العقول الطبية</p><p class='article-text'>دبي يجب أن تكون المحطة الأولى لجرّاح القلب النادر، ولعالم الأورام المتميز، وللمبتكر الذي يغير وجه الطب. نحن لا نريد أن نستورد العقول، بل أن نجعل دبي وطناً دائماً لهم، بيئة تُلهمهم وتمنحهم القدرة على صناعة المستقبل.</p><p class='article-text'>4. رعاية وقائية وشاملة للجميع</p><p class='article-text'>الريادة لا تقاس بعدد العمليات الجراحية الناجحة، بل بقدرة النظام الصحي على حماية الناس قبل أن يمرضوا. يجب أن يحصل كل مواطن ومقيم وزائر على رعاية وقائية شاملة بجودة عالمية، لأن الصحة حق للجميع وليست امتيازاً لفئة محدودة.</p><p class='article-text'>5. الصحة أسلوب حياة</p><p class='article-text'>في دبي، يجب أن ننتقل من مفهوم «العلاج عند المرض» إلى «الصحة كل يوم». الرياضة، والتغذية السليمة، والصحة النفسية، كلها عناصر يجب أن تتحول إلى ثقافة مجتمعية راسخة، مدعومة بالبرامج والسياسات والبنية التحتية.<br>من الرؤية إلى التنفيذ: ساعة العمل قد دقت</p><p class='article-text'>قد يقول بعضهم إن هذه طموحات كبيرة، لكننا في دبي تعودنا أن نعيش على الطموحات الكبيرة. لقد علّمنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن المستحيل كلمة لا مكان لها في قاموسنا. ما نحتاجه الآن هو التنفيذ، بسرعة وبشجاعة.</p><p class='article-text'>الأحلام لا تكفي، والخطط على الورق لا تكفي. ما يصنع الفارق هو أن تتحول الرؤية إلى برامج عملية، يقودها فريق متكامل من القادة والأطباء والإداريين والباحثين، بروح الفريق الواحد الذي تحدث عنه سموه في الملتقى.</p><p class='article-text'>نداء لا يحتمل التأجيل</p><p class='article-text'>إن نداء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ليس مجرد توجيه، بل هو عهد في أعناقنا. عهد بأن نضع الصحة في صدارة كل شيء، وأن نرفع اسم دبي عالياً كأول مدينة في العالم في صحة الإنسان وجودة الحياة.</p><p class='article-text'>اليوم رسالتنا واضحة، ولا مجال للتأجيل:</p><p class='article-text'>من نداء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تنطلق رسالتنا: «بالصحة نصنع الريادة، وبالصحة تتصدر دبي العالم. ماذا ننتظر؟».</p>

من نداء محمد بن راشد تنطلق رسالتنا: بالصحة نصنع الريادة وتتصدر دبي العالم.. ماذا ننتظر؟

<p class='article-text'>هل القائد الفاشل يولد كذلك؟<br>أم أن الفشل يأتي لاحقاً بفعل تراكمات الإهمال، والتبرير، وسوء فهم معنى القيادة؟<br>في هذا التقرير العلمي/الساخر، أجرينا فحصاً جينياً دقيقاً لعينة من نوع «القائد الفاشل»، وجاءت النتائج مدهشة: تركيبة كاملة من الطفرات النفسية والسلوكية، وكأن الفشل محفور في الحمض الإداري النووي.<br>التركيبة الجينية للقائد الفاشل:<br> Fear of Greatness Mutation<br>طفرة نادرة مسؤولة عن الخوف المزمن من اتخاذ القرار.<br>المريض يفضل التأجيل على التحرك، والسلامة على الريادة، يعيش في «منطقة رمادية» مريحة، ويخشى القفز حتى لو كان الحبل مربوطاً.<br>EGO-XL – تضخم الأنا الوراثي<br>هذا الجين يؤدي إلى اعتقاد راسخ بأن القائد دائماً على حق، حتى في قمة الفشل.<br>لا يتقبّل النقد، لا يعترف بالخطأ، ويعيش داخل فقاعة من الإعجاب الذاتي.<br>VISION-0 – غياب البصيرة القيادية<br>خلل حاد في الجزء المسؤول عن الرؤية.<br>لا توجد خطة، لا مستقبل، لا سؤال «إلى أين؟».<br>المريض يتفاعل فقط مع ما يحدث اليوم، وغالباً بعد فوات الأوان.<br>BLAME-R – نزعة لوم الآخرين<br>عند ظهور أي خلل، يُفعّل هذا الجين فوراً آلية «الإنكار»، ويلقي المسؤولية على: الفريق، السوق، الظروف، الطقس، وأحياناً «الطاقة السلبية».<br>FILTER-% 100 – عزل الواقع الإداري<br>يسمح للقائد بسماع ما يعجبه فقط، ورؤية ما يلمّعه الآخرون له.<br>التقارير وردية، الاجتماعات منمقة، والمشاكل لا تظهر على الرادار أبداً.<br>التشخيص النهائي<br>المريض يعاني من فشل قيادي مزمن ناتج عن تركيبة مركّبة من التردد، والغرور، وضعف الرؤية، وانفصال شبه تام عن الواقع.<br>البيئة المحيطة (المطبّلون، ثقافة الخوف، والكرسي المريح) تفاقم الحالة.<br>بروتوكول الوقاية والعلاج<br>1. جلسات توعية إدارية مكثّفة مع جرعة من التواضع.<br>2. علاج سلوكي بالاحتكاك الميداني اليومي مع الفريق والعملاء.<br>3. مكمّلات «فيتامين الشجاعة»، و«مضاد تضخم الأنا».<br>4. لقاح سنوي ضد الإنكار ولوم الآخرين.<br>5. عزل القائد عن التقارير المزيفة، وربطه بأرض الواقع مباشرة.<br>ملاحظة ختامية<br>بالطبع، هذه الجينات غير حقيقية، هي تسميات رمزية ساخرة، تهدف لتشريح الفشل القيادي بطريقة ذكية ومرحة.<br>الفشل ليس جينياً، لكنه في بعض الأحيان يبدو وكأنه كذلك، إذا أصر القائد على البقاء في فلك الذات، ورفض مواجهة مرآة الحقيقة.</p>

الفحص الجيني للقائد الفاشل.. تشخيص حالته وطرق الوقاية

<p class='article-text'>هل هناك شيء مشترك بين كل القادة الذين يلهمونك؟</p><p class='article-text'>تلك الهالة الهادئة، القرار الواثق، النظرة التي ترى أبعد مما نراه، والطاقة التي ترفع من حولهم بدل أن تُرعبهم</p><p class='article-text'>اليوم، نُجري فحصاً جينياً غير تقليدي — لكن بدقة معنوية — على هذا النموذج القيادي النادر... لا لنمدحه، بل لنفهم:</p><p class='article-text'>ممّ يتكوّن القائد الناجح؟ وما الذي يجري في حمضه الإداري النووي؟</p><p class='article-text'>التحاليل القيادية الإيجابية:</p><p class='article-text'>1. جين VSN – Vision Sense Neuron</p><p class='article-text'>قدرة فطرية على رؤية الصورة الكبرى، وربط التفاصيل الصغيرة بهدف واضح.</p><p class='article-text'>لا يتحرّك القائد الناجح بلا بوصلة، ولا يسمح بأن تُغرقه التفاصيل في مستنقع التردد.</p><p class='article-text'>2. بروتين EQ-R – Emotional Quotient Receptor</p><p class='article-text'>يمتلك مستقبلات عاطفية فائقة الذكاء.</p><p class='article-text'>يفهم الناس، يُنصت دون تصنّع، ويتفاعل مع المواقف بصدق وإنسانية.</p><p class='article-text'>3. ACT-NO-FEAR – شجاعة تنفيذ بلا تهوّر</p><p class='article-text'>هذا الجين يجعله لا يختبئ خلف اللجان والتقارير.</p><p class='article-text'>يعرف أن القرار مسؤولية، لا مجرد توقيع.</p><p class='article-text'>4. EGO-LITE – مستوى منخفض من تضخم الذات</p><p class='article-text'>تواضعه ليس استعراضاً... بل انعكاس عميق لثقة حقيقية بالنفس.</p><p class='article-text'>يعرف قيمته، دون أن يُقلل من الآخرين.</p><p class='article-text'>5. ADAPT-FLEX – مرونة تكيف ذكية</p><p class='article-text'>لا يتصلّب أمام التغيير، بل يرقص معه.</p><p class='article-text'>يفهم أن الثبات الوحيد في القيادة هو: التغير.</p><p class='article-text'>التشخيص العام:</p><p class='article-text'>القائد الناجح ليس خارقاً.</p><p class='article-text'>لكنه بنى نفسه على وعي حقيقي، واختبر الفشل دون أن يستسلم، وعرف متى يتقدم ومتى يتراجع، دون أن يفقد كرامته أو بوصلته.</p><p class='article-text'>طرق الاستنساخ الأخلاقي:</p><p class='article-text'>•منح الفرصة لاختبار الأخلاق قبل المهارات</p><p class='article-text'>•مكافأة الشجاعة حتى في لحظات الفشل</p><p class='article-text'>•صنع بيئة تسمح بالتجريب والخطأ دون جلد</p><p class='article-text'>•محاربة ثقافة الصوت العالي والمجاملات الفارغة</p><p class='article-text'>نماذج من أرض الواقع:</p><p class='article-text'>هذا النموذج ليس خيالاً. بل نراه حيّاً في قادة تركوا بصمتهم العميقة في مسيرة الوطن:</p><p class='article-text'>•سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم: نموذج للثبات والقيادة الاقتصادية الرصينة، والذي قاد طيران الإمارات من حلم إلى صرح عالمي.</p><p class='article-text'>•معالي الفريق ضاحي خلفان: حضور قيادي أمني وفكري متوازن، يجمع الحزم بالابتكار.</p><p class='article-text'>• سلطان بن سليم: قائد صنع من الموانئ الإماراتية قصة نجاح عالمية بتواضع وجرأة.</p><p class='article-text'>وجميع هذه الصفات والمعايير القيادية...</p><p class='article-text'>تتجسّد كأيقونة خالدة في شخص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم،</p><p class='article-text'>القائد الذي لم يكتب نظريات... بل جسّدها.</p><p class='article-text'>لم يرفع شعارات... بل حوّلها إلى واقع نعيشه.</p><p class='article-text'>قائدنا الملهم، ومعلم القادة، والخلطة الجينية التي لا تتكرر.</p><p class='article-text'>تنويه قبل الفحص التالي:</p><p class='article-text'>هذا المقال يُسلّط الضوء على الخلطة القيادية للنجاح.</p><p class='article-text'>لكن في المقال القادم، سندخل إلى المختبر مرة أخرى، لنفكك شيئاً أكثر شيوعاً...</p><p class='article-text'>القائد الفاشل – تحت المجهر!</p><p class='article-text'>تشخيص مؤلم... لكنه ضروري</p>

الفحص الجيني للقائد الناجح: تشخيص الحالة.. وسر الخلطة

<p class='article-text'>في مقالي السابق تناولت كيف تحول القرار الطبي في كثير من الأحيان من يد الأطباء المتخصصين إلى شركات التأمين، بما يحمله ذلك من ظلم للمريض وتقييد لحقه في العلاج. لكن الحقيقة أن شركات التأمين ليست وحدها مصدر الخلل. فحتى لو أصلحت سياسات التأمين، فإن منظومتنا الصحية لن تشفى ما لم نطلق العين والرقابة على المستشفيات الخاصة التي جعلت من المريض سلعة ومن العلاج سوقاً مفتوحاً.</p><p class='article-text'>المريض بين العمولات والتحويلات</p><p class='article-text'>وصلت بعض الممارسات في القطاع الخاص إلى مستوى الفضيحة الأخلاقية:</p><p class='article-text'>• عمولات بين الأطباء وشركات الأدوية لتصريف وصفات لا لزوم لها.</p><p class='article-text'>• عمولات بين المستشفيات لتحويل المرضى كما لو كانوا عقود استثمار.</p><p class='article-text'>• عمولات بين الأطباء أنفسهم لإجراء عمليات لا يحتاجها المريض إطلاقاً.</p><p class='article-text'>في هذه السوق السوداء، لم يعد المريض إنساناً يحتاج الرعاية، بل أصبح رقماً في فاتورة، يغادر المستشفى مثقلاً بالديون بدلاً من أن يغادر معافى.</p><p class='article-text'>الفحوصات والتجارب بلا مبرر</p><p class='article-text'>ولم يقف الأمر عند حدود العمولات، بل امتد إلى طلب فحوصات مكثفة بلا سبب طبي حقيقي، فقط لتضخيم الإيرادات. الأخطر أن بعض المستشفيات دخلت في تجارب سريرية دون موافقات رسمية أو رقابة أخلاقية، في مقامرة بحياة البشر تحت شعار البحث العلمي.</p><p class='article-text'>أين دور القطاع الخاص الحقيقي؟</p><p class='article-text'>إذا كان القطاع العام هو الحارس الأول لصحة الوطن، فإن القطاع الخاص يجب أن يكون سنداً لا عبئاً. غير أن الواقع يكشف أن كثيراً من المستشفيات الخاصة جعلت الربح غايتها الأولى، وتجاهلت أن مسؤوليتها تتجاوز جدرانها لتشمل حماية الإنسان وصون كرامته.</p><p class='article-text'>الحلول: من التشخيص إلى التطبيق</p><p class='article-text'>لا يكفي وصف الداء؛ بل لا بد من خطوات عملية واضحة:</p><p class='article-text'>1. تجريم العمولات الطبية:</p><p class='article-text'>إصدار تشريع واضح يجرم أي عمولات بين الأطباء والمستشفيات وشركات الأدوية، مع إعلان أسماء المخالفين للرأي العام.</p><p class='article-text'>2. ضبط الفحوصات والإجراءات:</p><p class='article-text'>إلزام المستشفيات ببروتوكولات علاجية وطنية موحدة، تمنع طلب أي فحص أو إجراء دون مبرر علمي معتمد.</p><p class='article-text'>3. حماية المرضى في التجارب السريرية:</p><p class='article-text'>ربط أي بحث سريري بلجنة وطنية للأخلاقيات الطبية، وفرض عقوبات مشددة على أي تجاوز.</p><p class='article-text'>4. المسؤولية المجتمعية كإلزام لا رفاهية:</p><p class='article-text'>جعل مساهمة المستشفيات الخاصة في التعليم الطبي، والأبحاث، ودعم القطاع العام أثناء الأزمات شرطاً أساسياً لتجديد الترخيص.</p><p class='article-text'>5. تفعيل آليات الشفافية:</p><p class='article-text'>نشر تقارير سنوية عن تكلفة العلاج، مصادر الدخل، ونسب الفحوصات غير الضرورية، بحيث يطلع المجتمع على الصورة كاملة.</p><p class='article-text'>الرقابة والمحاسبة أولاً</p><p class='article-text'>الرقابة ليست أوراقاً تملأ ولا لجاناً شكلية ترضي الإعلام. الرقابة الحقيقية هي تلك التي تمتلك سلطة التحقيق والعقاب، وتفرض الشفافية وتحاسب من يتاجر بالمريض. المطلوب اليوم ليس توصيات ولا بيانات، بل أجهزة رقابية مستقلة تمتلك الجرأة على مواجهة المستشفيات المخالفة، وأن تسحب تراخيص وتفرض غرامات ويكشف للرأي العام كل من يستهتر بأرواح الناس.</p><p class='article-text'>كلمة أخيرة</p><p class='article-text'>المريض ليس سلعة، والمستشفى ليس سوقاً. وإذا لم يحاسب القطاع الخاص على انحرافاته بصرامة وشفافية، فسوف يفقد شرعيته أمام المجتمع، ويضعف الوطن من داخله. الإصلاح يبدأ بالاعتراف، لكن استمراره مرهون بالمحاسبة الفعلية وتطبيق الحلول. وإذا لم نتحرك اليوم، فلن يكون الثمن مجرد فاتورة مالية، بل انهيار الثقة في الطب وتحول المريض إلى ضحية دائمة.</p>

القطاع الخاص... المسؤول الأول عن استغلال المريض

<p class='article-text'><div data-empty="false">القرار الطبي يفترض أن يكون بيد الأطباء أصحاب الخبرة، ممن درسوا وتدرّبوا لسنوات طويلة في أكبر المستشفيات العالمية، لكن الواقع المؤسف أن هذه القرارات المصيرية تُراجع اليوم في بعض مكاتب شركات التأمين، وأحياناً تُرفض أو تُؤجل بقرار صادر عن موظف قد لا يكون طبيباً أصلاً، أو من مختصين لا علاقة لهم بالعلاج، مثل إخصائيي العلاج الطبيعي أو صيادلة إداريين.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هذه ليست فقط مفارقة صادمة، بل إهانة صريحة للطب، وتلاعب مباشر بمصير المريض.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">مفارقة تثير الغضب</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كيف يمكن أن تُلغى خطة علاج وضعها أستاذ استشاري بخبرة دولية، لمجرد أن موظف تأمين يرى أن «العلاج غير مبرر»، أو أن «التكلفة مرتفعة»؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كيف يُقبل أن يقرر غير المختص مصير عملية جراحية أو دواء منقذ للحياة، بينما الطبيب المعالج يستند إلى أدلة علمية وفحوص موثقة؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">إنها معادلة غير منطقية تجعل العلم بلا قيمة، والخبرة بلا وزن، والمريض بلا حماية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أمثلة تكشف العبث</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• مريض إصابة معقدة في الركبة، قرر الاستشاري ضرورة التدخل الجراحي العاجل، ومع ذلك رُفض الطلب مراراً بذريعة أسئلة شكلية، مثل: ما سبب الإصابة؟ هل جُرّب العلاج الطبيعي؟ رغم أن الطبيب أكد أن العلاج الطبيعي مضاد للاستطباب. النتيجة: أيام ضائعة ومعاناة بلا مبرر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• مريض سرطان احتاج إلى جلسات علاج إشعاعي، لكن النقاش لم يكن حول ضرورة العلاج، بل حول تفاصيل الفاتورة وتكلفة المستهلكات الطبية، وكأن حياة المريض مجرد بند تفاوض مالي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• مريض آخر احتاج لجراحة في الغدة الدرقية، فتوالت طلبات التأمين لمستندات وتقارير قديمة من مستشفيات أخرى، ما تسبب في تأجيل العملية لأسابيع وهو يصارع المرض.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">حين تسقط العراقيل بالواسطة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الأخطر أن هذه العراقيل تختفي تماماً إذا وُجدت واسطة أو معرفة داخل شركة التأمين، حينها تتحول الموافقات إلى إجراء سريع بلا تعقيدات، بينما غيرهم يظلون أسرى أسئلة بيروقراطية لا تنتهي.. هذه الازدواجية تفضح أن ما يحكم المنظومة ليس الطب ولا المعايير، بل العلاقات والمصالح.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أثر مدمر على الثقة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هذه الممارسات تستنزف المريض صحياً ونفسياً، وتضعف مكانة الأطباء أمام مرضاهم، وتقيّد المستشفيات عن أداء دورها، الأخطر أنها تهدم الثقة في النظام الصحي كله، فما فائدة استقدام أفضل الأطباء وتجهيز أحدث المرافق إذا كان القرار النهائي بيد غير المختصين في مكاتب التأمين؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المطلوب عاجلاً</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">1. إعادة القرار الطبي إلى أصحابه: لا يحق لغير الأطباء المتخصصين تعطيل أو رفض علاج موثق.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">2. لجان خبراء مستقلة: أي خلاف يُعرض على لجان طبية محايدة، لا على إدارات مالية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">3. كشف المؤهلات: يجب أن تعلن شركات التأمين مؤهلات من يراجع طلبات العلاج.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">4. مساءلة صارمة: تعطيل أو رفض بلا مبرر طبي يجب أن يُحاسب كخطر على سلامة المريض.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">5. آلية شكاوى فورية: لحماية المريض والطبيب من قرارات مجحفة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كلمة أخيرة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لم يعد السؤال من يتخذ القرار، بل إلى متى نقبل أن تُدار حياة المريض بمنطق الحسابات لا بمنطق الطب.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">فإما أن يُعاد القرار الطبي إلى يد الخبراء الحقيقيين، أو سنبقى نرى مريضاً ينهش المرض جسده، بينما يقرر غير المختص مصيره من خلف مكتب.</div></p>

من يقرر العلاج: الطبيب الخبير أم غير المختص في شركات التأمين؟

<p class='article-text'><div data-empty="false">قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»: «مكان المسؤولين والوزراء والقادة هو الميدان... نريد أن نراهم بين الطلاب والمعلمين، في السوق بين التجار، مع المزارعين والصيادين، عند الأمهات وكبار المواطنين، في المستشفيات بين الأطباء والعاملين... نحن حكومة إنجازات، ولسنا حكومة محاضرات».</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كلمات تختصر فلسفة القيادة الحقيقية، وتكشف أن الميدان هو الامتحان الأول والأخير لأي مسؤول، سواء كان في القطاع العام أو الخاص.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الغائبون عن الميدان</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الميدان ليس رفاهية ولا خياراً إضافياً، بل هو أصل القيادة، ومع ذلك، أصبحنا نرى اليوم مسؤولين يعيشون عزلة مخططاً لها، يحملون هاتفين: واحداً للشركاء والعمل لا يردّون عليه إلا حين يشاؤون، وآخر للأصدقاء والمقربين، وكأن المنصب ملك شخصي، لا أمانة في خدمة العمل ومن فيه.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في الصحة... الغياب جريمة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في قطاع الصحة تحديداً، الغياب عن الميدان ليس مجرد تقصير، بل جريمة بحق المرضى والعاملين. القائد الذي لا يمر على أقسام الطوارئ، ولا يرى وجوه الممرضين بعد نوبات مرهقة، ولا يجلس مع الأطباء لسماع ما يواجهونه، لا يملك الحق في الحديث عن تطوير أو تحسين.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كيف يمكن أن تبني رؤية مستقبلية، وأنت لم تشاهد الواقع بعينيك؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الهواتف المزدوجة... والولاء المنقوص</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من يقسّم حياته بين هاتف للعمل مغلق أكثر مما يرن، وهاتف للأصدقاء مفتوح بلا انقطاع، يعلن ضمنياً أن أولوية العمل تأتي في المؤخرة. هذه العقلية تحوّل الشركاء والموظفين إلى عبء، بدل أن يكونوا قوة دفع، وتحوّل المنصب إلى منصة شخصية، بدل أن يكون وسيلة لخدمة المؤسسة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا أعذار بعد اليوم</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الميدان لا ينتظر دعوة، ولا يحتاج خطاباً معدّاً، ولا يرحم من يتأخر. الميدان هو أن تذهب بنفسك حيث المشكلة، وتسمع بأذنك قبل أن تصلك الكلمات مصفّاة في تقرير. هو أن تكون أول من يواجه الصعوبة، وآخر من يغادر موقعها.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الخلاصة... إما الميدان أو المقعد الشاغر</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الأوطان لا تُبنى بالصور الرسمية، ولا بالشعارات المنمقة، بل بالحضور الفعلي، حيث تُصنع القرارات على الأرض، وكما قال سموه: «نحن حكومة إنجازات، ولسنا حكومة محاضرات»، فإما أن نكون في الميدان، أو نترك المكان لمن يعرف طريقه. </div></p>

في الميدان تُبنى الأوطان لا في قاعات المحاضرات

<p class='article-text'><div data-empty="false">في زمن المعلومة السريعة، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى «عيادات افتراضية»، مفتوحة بلا ضوابط، يتصدرها أشخاص يقدمون أنفسهم كأطباء أو خبراء، ويطلقون فتاوى طبية، قد تودي بحياة الناس، بدلاً من إنقاذهم.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هذه الظاهرة لم تعد مجرد محتوى عابر، بل خطر حقيقي على الصحة العامة، حيث يتخذ آلاف المرضى قرارات مصيرية، بناءً على مقاطع أو منشورات بلا أساس علمي أو مؤهل مهني.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">خطر متصاعد على الصحة العامة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• تشخيصات خاطئة تؤخر العلاج، أو تحرم المريض من التدخل الطبي في الوقت المناسب.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• وصفات عشوائية تسبب مضاعفات خطيرة أو تداخلات دوائية قاتلة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• ترويج لمكملات ومنتجات مجهولة المصدر، بهدف الربح على حساب صحة الناس.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الترخيص... خط الدفاع الأول</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ممارسة الطب مسؤولية لا يمكن أن تكون متاحة للجميع. يجب أن تُلزم القوانين بأن أي نصيحة أو فتوى طبية تُوجَّه للعامة، تصدر فقط من طبيب مرخّص، وفي مجال اختصاصه حصراً، وبما يتوافق مع المعايير الطبية المعتمدة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وأي مخالفة لذلك تستوجب عقوبات رادعة، من الغرامة إلى الحجب والملاحقة القانونية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">مسؤولية مشتركة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• الهيئات الصحية: تفعيل الرقابة على المحتوى الطبي المنشور على المنصات الرقمية، والتعاون مع شركات التواصل لإزالته فوراً، عند ثبوت التضليل أو المخالفة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• المجتمع: الامتناع عن مشاركة أو تصديق أي فتوى طبية، ما لم تصدر من مختص معروف أو جهة موثوقة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الذكاء الاصطناعي... مساعد لا بديل</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في عصر التكنولوجيا، برزت أدوات مثل ChatGPT، كوسيلة تدعم الأطباء في الوصول السريع للمعلومات أو تلخيص الأبحاث، لكنها لا يمكن – ولا يجب – أن تحل محل الطبيب. فهي تفتقر إلى الفحص السريري، والتشخيص الدقيق، وفهم خصوصية كل حالة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الاعتماد عليها يجب أن يكون كأداة مساعدة، لا كبديل عن الخبرة الطبية البشرية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كلمة أخيرة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الصحة ليست مجالاً للتجربة، أو أداة لجذب المشاهدات والمتابعين. حياة الناس أغلى من أن تتحول إلى محتوى للربح أو الاستعراض.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أوقفوا فتاوى الموت الطبية... قبل أن نخسر المزيد من الأرواح. </div></p>

فتاوى الموت الطبية تغزو مواقع التواصل

<p class='article-text'><div data-empty="false">«نَعَم، إنها الأزمة الطبيعية التي يفرزها إعلاء حب كراسي الحكم على حب الشعب... وتقديم مصلحة الفرد ومصيره على مصير الوطن ومصلحته، ووضع مصالح الجماعات والشلل المحيطة بالقائد فوق مصالح الناس».</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">— محمد بن راشد آل مكتوم، رؤيتي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">رغم أن هذه الكلمات قيلت في سياق أوسع، إلا أن جوهرها ينطبق تماماً على واقع كثير من المؤسسات اليوم، في القطاعين العام والخاص، حيث لا يزال بعض المسؤولين يعتقد أن القيادة تبدأ وتنتهي عند اللقب والمكتب المغلق... بينما الواقع تغيّر، والمجتمعات والمؤسسات باتت تقيس القيادة بمعيار القرب، والشفافية، والتأثير الحقيقي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">حين يتحول الكرسي إلى هدف</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في كثير من المؤسسات، نرى مديرين أو مسؤولين يتشبثون بكراسيهم، كأنها غاية بحد ذاتها. يتعاملون مع المنصب على أنه امتياز شخصي، لا مسؤولية جماعية. يغلقون أبوابهم، ويُحاطون بطبقات من المساعدين والحواجز، ويتخذون القرارات في عزلة تامة عن الواقع اليومي لفِرَقهم، وعن احتياجات العملاء أو المتعاملين.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وهنا تحديداً يكمن الخطر: لأن الإدارة الناجحة، سواء كانت في مستشفى خاص، أو بنك، أو دائرة حكومية، لا تقوم على الأوامر من الأعلى، بل على التواصل الأفقي والشفافية والقدرة على الاستماع الحقيقي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">واقع لا يمكن تجاهله</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">نحن في عصر تغيّرت فيه توقعات الناس. الموظف لم يعد يقبل العمل مع مدير لا يراه. والعميل لم يعد يثق في شركة يُدار فيها كل شيء من وراء ستار. أصبح التقييم علنياً، والسمعة تنتشر بسرعة، والعزلة الإدارية لم تعد خياراً ذكياً.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في المقابل، تطوّرت مؤسسات كثيرة لأنها احتضنت ثقافة الباب المفتوح. مؤسسات فهم قادتها أن المسؤول الناجح هو الذي يعرف أسماء موظفيه، ويتنقل بينهم، ويُصغي للعملاء مباشرة. هذا النموذج الإداري لا يرتبط بالحجم أو القطاع، بل بعقلية القائد.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">مدرسة محمد بن راشد في الإدارة المؤسسية</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ما رسّخه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، طوال عقود لم يكن مجرد نموذج حكم، بل مدرسة إدارية عملية تصلح لأي مؤسسة تبحث عن التميز. عندما قال إن الحكومة وُجدت لخدمة الناس، فقد وضع أساساً يمكن تطبيقه في كل شركة، وكل مستشفى، وكل جامعة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">فـ«الناس» هنا قد يكونون مرضى، متعاملين، عملاء، أو حتى موظفين... وفكرة خدمتهم والتفاعل معهم عن قرب لا تزال حجر الزاوية في أي مؤسسة ناجحة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من يُطبق.. ومن لا يزال يتفرّج</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لحسن الحظ، هناك اليوم العديد من المديرين الذين فهموا المعادلة. تراهم يتواجدون ميدانياً، يسمعون ويُعالجون المشكلات بسرعة، ويتّخذون قراراتهم بناءً على ما يلمسونه على الأرض لا ما يُكتب في التقارير. هؤلاء يصنعون فرقاً حقيقياً، ويبنون مؤسسات عالية الكفاءة، وفي الوقت نفسه، عالية الثقة والاحترام.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أما من لا يزال يُغلق بابه، أو يتعامل مع موقعه كأنه برج عاجي، فهو لا يسيء فقط لفريقه أو لعملائه، بل يُضيّع على مؤسسته فرصة التطور والتفوق.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">رسالة إلى كل من يجلس على كرسي قيادة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القيادة ليست في توقيع البريد اليومي ولا في الجلوس على الكرسي الأرفع.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القيادة الحقيقية اليوم هي قربك من فريقك، ومرونتك، واستعدادك للاستماع والاعتراف والتغيير.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المنصب ليس درعاً ضد الواقع... بل هو نافذتك إليه. وإن أغلقتها، فقد أغلقت على نفسك فرص النجاح.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">*لقد قالها محمد بن راشد منذ عقود</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">حب الكرسي لا يصنع قائداً.*</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وهي مقولة تصلح أن تكون اليوم شعاراً لأي مؤسسة تريد أن تتطور بصدق، وأي قائد يريد أن يُحدث فرقاً لا مجرد أن يوقّع أوراقاً. </div></p>

حب الكرسي لا يصنع قائداً.. قالها محمد بن راشد منذ عقود

<p class='article-text'><div data-empty="false">نحن لا نولد خائفين، بل يُزرَع الخوف فينا تدريجياً، تحت مسميات مثل الحذر أو «اعرف حدودك». ولا نولد جاهلين، لكننا أحياناً نُفضّل الجهل، لأنه لا يحرجنا ولا يدفعنا إلى التغيير.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في القيادة، الخوف والجهل يتشابكان بطريقة قاتلة. الخوف هو جهلٌ بما لم نختبره، والجهل هو خوفٌ من أن نُسأل ولا نعرف.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أسوأ ما في الخوف القيادي، أنه لا يظهر دائماً في صورته الصريحة، بل يتخفى خلف «الحكمة» أو «الحرص» أو «الخبرة»، وراء كل قرار مؤجل، أو مشروع مُعطَّل، أو فرصة مهدورة... غالباً ما يوجد قائد يعرف ما يجب فعله، لكنه يخشى أن يتحرك.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وهنا نقولها ببساطة:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من يخاف... لا يحق له أن يقود</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">حين يتخفّى الخوف في ثياب الحكمة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كم مرة سمعنا:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• «الفكرة متقدمة جداً».</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• «نحن نعرف سوقنا».</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• «التوقيت غير مناسب».</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هذه ليست نصائح استراتيجية، بل تبريرات أنيقة للتردد.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">نخشى التقنية لأننا لم نفهمها.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">نرفض التغيير لأنه يُجبرنا على الخروج من منطقة الراحة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ونتشبث بالماضي، لأنه لا يُحرجنا بأسئلة لا نعرف أجوبتها.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الخوف لا يرفض الجديد لأنه خطر... بل لأنه يتطلب شجاعة البداية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ولا يقدّس القديم لأنه عظيم... بل لأنه مألوف، ومريح، وخالٍ من التحديات.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من دبي... حيث لا مكان للخوف في القيادة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">حين قرر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن يجعل من دبي مدينة تتفوق على عواصم العالم، لم ينتظر موافقة أحد، ولم يتوقف عند أسئلة الخائفين.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">قالوا إن مترو دبي بلا جدوى، فأثبت نجاحه.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">شككوا في برج خليفة، فصار رمزاً عالمياً.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لم تكن هذه مجرّد مشروعات، بل رسائل قيادية، تقول:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القرار لا يُؤجَّل بسبب الخوف، والرؤية لا تُخفى بسبب التردد.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">دبي اليوم ليست نتيجة «تفكير تقليدي»، بل نتاج شجاعة قيادية واجهت المجهول... وتحركت.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المعرفة دون شجاعة... شهادة بلا عمل</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المعرفة اليوم في متناول الجميع، لكن امتلاك المعلومة لا يكفي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القيادة تعني أن تتحرك بها... لا أن تخزنها.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من يقول «لا أعرف» لا يُلام،</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لكن من يرفض أن يعرف وهو قادر...</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">فهو يختار الجهل، ويتنازل عن القيادة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القيادة الحقيقية... بين عقل جريء وقلب واعٍ</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">نحتاج أولاً أن نُصارح أنفسنا:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هل نحن مترددون لأننا حكماء... أم لأننا خائفون؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هل تأجيلنا قرارات مهمة سببه التروّي... أم التهرب من المسؤولية؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المعرفة دون شجاعة كالنور في غرفة مغلقة،</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">والشجاعة دون معرفة نيران بلا اتجاه.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لكن حين يجتمع العقل الجريء مع القلب الواعي... تولد القيادة الحقيقية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا تخف من الجهل... بل من التعايش معه</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا تخشَ أن تُسأل، بل أن تصمت وأنت تعرف أنك لا تعرف.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">فالخطأ لا يقتل،</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لكن التبرير الطويل له يقتل ما هو أهم:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القدرة على الإصلاح.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وأقسى صوت في أي مؤسسة تنهار...</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هو صوت الجهل،</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">حين يرتدي وجه الخوف،</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ويتحدث بثقة... على طاولة القرار. </div></p>

من يخاف... لا يحق له أن يقود

<p class='article-text'><div data-empty="false">دبي ليست كأي مدينة تقليدية، ولكنها نتاج رؤية استراتيجية استثنائية من قائد استثنائي أطلق العنان لفرق عمله بالقيام بتجارب جريئة في الميادين كافة. نعم تجارب حولت الرؤية إلى إنجاز والخطط إلى واقع، والتحديات إلى فرص.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ولعل من أبرز ما ميز تلك التجربة، هي رؤية التعاون بين قوة وتسهيلات القطاع العام من ناحية ومرونة وسرعة القطاع الخاص من ناحية أخرى، فلم تكن مجرد شراكة، بل تكاملاً يدرس في كبرى كليات الإدارة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وتم إنجاز ذلك وتحقيقه على أرض الواقع عندما نجحت دبي في أن تخلق في قطاعات مثل الطيران، والخدمات الحكومية، والسياحة، واللوجستيات، معادلة فريدة:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الحكومة ترسم الاتجاه وتمكن... والقطاع الخاص ينفذ ويبتكر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">والنتيجة؟ مؤسسات مرنة، متسارعة، متحدة في الهدف، رغم اختلاف أدوات التنفيذ.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ففي قطاع الطيران مثلاً، لم تكن طيران الإمارات مجرد شركة ناجحة، بل قصة تروى عن التمكين والثقة والتكامل.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وفي السياحة، لم تبنِ دبي فنادق فاخرة فقط، بل منظومة خدمات متكاملة يديرها القطاع الخاص، بدعم حكومي لا يتدخل في التفاصيل... بل يمكن عبر القوانين، الترويج، والبنية التحتية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وفي الخدمات الحكومية، يكفي أن تسأل أي مقيم عن تطبيق «دبي الآن»، لتدرك كيف تحول التكامل بين الجهات إلى تجربة متكاملة سلسة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لكن ماذا عن القطاع الصحي؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">رغم التطور الكبير الذي شهده في السنوات الماضية، إلا أن التعاون بين العام والخاص لا يزال أقل نضجاً مقارنة بالقطاعات الأخرى.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا تزال هناك حاجة لتعزيز العلاقة ما بين القطاعين لعدم تداخل الأدوار، ولوضع رؤية موحدة تلزم كل طرف بمخرجات قابلة للقياس.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وفي الوقت الذي نجحت فيه قطاعات أخرى في خلق «قصة دبي»، لا يزال القطاع الصحي بحاجة إلى أن يكتب قصته... بالحبر نفسه.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لماذا حان الوقت الآن؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• لأن هدف دبي هو أن تكون الأولى في جميع المجالات، ومنها القطاع الصحي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• لأن دبي أصبحت وجهة استراتيجية في السياحة العلاجية والرعاية المتقدمة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• لأن القطاع الخاص يملك الإمكانيات... والحكومة تملك البيئة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• ولأن المريض في النهاية، لا يهتم بمن يدير المنشأة... بل بجودة الرعاية وسرعتها وتجربته الكاملة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">اقتراح: ذراع استشارية تطوعية مكونة من فريق استراتيجي لديه روح وسرعة ورؤية دبي</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ولأن التكامل لا يبنى بالنوايا فقط، فإن الخطوة الأهم قد تكون في تشكيل فريق استشاري تطوعي مشترك بين ممثلين عن القطاعين العام والخاص، ليصبح ذراع دبي في وضع تصور موحد لمستقبل الرعاية الصحية في دبي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لضمان نجاح هذه الذراع الاستشارية التطوعية وتحقيق رؤيتها في تطوير القطاع الصحي بدبي، لا بد أن يشكَل من أعضاء يمثلون روح التكامل الحقيقي بين القطاعين العام والخاص، بحيث تأتي كل فئة بما يميزها من خبرات وسلوكيات. وتتلخص أبرز الصفات المطلوبة في:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من القطاع الخاص:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• القدرة على حل المشكلات والتعامل مع الأزمات: صفة محورية يتميز بها قادة القطاع الخاص نتيجة تعرضهم اليومي لضغوط السوق، تحديات التشغيل، ومتطلبات التكيف السريع.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• السرعة والمرونة في اتخاذ القرار: متأصلة في بيئة العمل الخاصة، حيث لا مجال للتأخير أو البيروقراطية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• التركيز على تجربة المتعامل (المريض): نظراً لطبيعة المنافسة، يبرز في القطاع الخاص الحرص على جودة الخدمة وكفاءة الرحلة العلاجية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من القطاع العام:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• الرؤية الاستراتيجية وبعد النظر التنظيمي: يملك صناع القرار الحكوميون القدرة على صياغة توجهات شاملة تضمن استدامة النظام الصحي وتماشيه مع رؤية الإمارة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• المعرفة العميقة بالبيئة التشريعية والتنظيمية: مما يسهم في صياغة الحلول ضمن الإطار القانوني وتمكين المنظومة بدلاً من تعطيلها.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• القدرة على التمكين والتنسيق متعدد الجهات: القطاع العام يجيد تنسيق العمل بين الأطراف المختلفة وخلق بيئة عمل موحدة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">إن الجمع بين هذه الصفات في مجلس واحد هو جوهر النجاح، وهو ما أثبتته دبي في قطاعات كبرى أخرى.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أما آلية العمل، فيجب أن تتجاوز الاجتماعات الشكلية، وتعتمد على نهج تنفيذي مرن وفعال، يشمل:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• صياغة رؤية موحدة لمستقبل الرعاية الصحية في دبي، متوافقة مع أولويات الإمارة وتوجهاتها العالمية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• تشكيل فرق عمل مختلطة من القطاعين لتنفيذ كل محور من محاور الرؤية، مع خطط تنفيذية زمنية محددة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• إطلاق مبادرات تجريبية سريعة (Pilot Projects) لاختبار حلول عملية قابلة للتوسع لاحقاً.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• تحديد مؤشرات أداء واضحة (KPIs) لقياس جودة الخدمات، تجربة المريض، والكفاءة التشغيلية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• إعداد تقارير دورية (ربع سنوية) ترفع إلى القيادة، تتضمن ما تم إنجازه، وما يواجهه التنفيذ من تحديات، مع توصيات عملية قابلة للتطبيق.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• ضمان مشاركة مستمرة من مختلف الأطراف (مقدمو خدمات، شركات تأمين، الجهات التنظيمية، القطاع الأكاديمي)، لتعزيز الشفافية والانخراط الجماعي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">بهذا التوازن، يصبح هذا الفريق انعكاساً حقيقياً لتجربة دبي الناجحة: الرؤية من الحكومة... والتنفيذ بابتكار من القطاع الخاص.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">فنجاح دبي في مجالات أخرى لم يكن عشوائياً، بل بدأ من وضوح الأدوار... وإيمان مشترك بأن النجاح لا يصنع من طرف واحد.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">دبي أثبتت أن التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص هو وصفة النجاح في عصر التغيير.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وإذا استطاعت أن تفعلها في الطيران، والسياحة، والخدمات...</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">فلماذا لا يفعلها القطاع الصحي؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">متى يكتب قصته الخاصة... كما كتبتها دبي في كل شيء آخر. </div></p>

ماذا لو تعلم القطاع الصحي من تجربة دبي؟

<p class='article-text'><div data-empty="false">في كل منظمة، في كل مجلس إدارة، في كل مؤسسة عامة أو خاصة، يتكرر المشهد: شخص يجلس على كرسي القيادة، يحمل لقباً رسمياً، صلاحيات واسعة، وفريقاً يعمل «تحت إدارته».</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لكن الحقيقة التي يتجاهلها البعض — أو يخشون مواجهتها — هي أن الكرسي لا يصنع قائداً... بل يفضحه.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الكرسي لا يمنحك الهيبة، بل يكشف إن كنت تستحقها.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا يمنحك الرؤية، بل يختبر قدرتك على صنعها.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا يهبك الاحترام، بل يمتحنك في أصعب لحظاتك أمام الناس والقرارات.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القيادة ليست في المسمّى... بل في الأثر</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كم من شخص يحمل لقباً رنّاناً، لكنه غائب؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كم من مدير يخشى القرار، ويتجنّب المواجهة، ويختبئ خلف اللجان والتقارير؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في المقابل، كم من شخص بلا منصب رسمي، لكنه يبادر، يدفع الفريق للأمام، ويُحدث فرقاً حقيقياً؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القائد الحقيقي لا ينتظر الضوء الأخضر... بل يُضيء الطريق.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا يقفز إلى الصورة عند النجاح فقط... بل يتحمّل المسؤولية عند الفشل أولاً.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الكرسي مسؤولية، لا مظلّة حماية</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من يجلس على كرسي القيادة، ويتعامل معه كوسادة للراحة، سيفقد احترام الناس سريعاً.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أما من يراه منصة للعمل، والقرار، والتغيير، فهو من يُحدث الأثر، ويترك بصمة، ويُلهِم.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الكرسي لا يصنعك... بل يعطيك الفرصة لتُثبت من أنت.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الضعيف يخاف أن يُنتزع منه، فيتشبّث به.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">والقوي يعرف أن تأثيره لا يتوقف على وجوده فيه.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">سمات القائد الذي لا يصنعه الكرسي... بل يصنع هو المعنى</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• يتقدّم لا يختبئ.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• يُشارك لا يُلقّن.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• يُلهم لا يُصدر أوامر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• يرفع من حوله بدل أن يخاف من تألقهم.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• يعرف متى يتخذ القرار... ومتى يصمت ليفهم أكثر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في زمن التغيير المتسارع... نحن بحاجة لقادة، لا لمسميات.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المؤسسات اليوم لا تحتاج لمن يملأ الكرسي... بل لمن يملأ المكان بالحضور، بالقرار، بالمسؤولية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الناس لا تُلهمهم المسميات... بل الشخص الذي يقف في وقت التخبط، ويتحرك في وقت الجمود، ويحتوي الآخرين دون أن يفقد صلابته.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الخلاصة؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الكرسي لا يصنع قائداً!!</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">قد يرفعك لحظياً، لكنه سيكشفك حتماً.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الكرسي يُظهر صوتك، لكنه لا يمنحك المعنى.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">والقيادة الحقيقية... تُبنى بالفعل، لا بالمكان. </div></p>

الكرسي لا يصنع قائداً!!

<p class='article-text'>في زمنٍ تُنقذ فيه الأرواح بقرارات دقيقة وسريعة، ما زال هناك فيروس إداري خفي يفتك من الداخل، لا بالجسد... بل بالأداء. إنه فيروس البيروقراطية، لا يُرى تحت المجهر، ولا يظهر في التحاليل، لكنه ينهش قلب المؤسسات الصحية بهدوء وثبات. والأخطر أنه ما زال منتشراً داخل بعض المستشفيات... في بلد قطعت فيه الحكومة أشواطاً غير مسبوقة في اجتثاث البيروقراطية من الجذور.</p><p class='article-text'>حين تسبق الحكومة القطاع... شيء ما خطأ.</p><p class='article-text'>دولة الإمارات، بقيادة حكومتها الرشيدة، قدّمت نموذجاً عالمياً في القضاء على التعقيد الإداري.</p><p class='article-text'>منصة واحدة لكل الخدمات. توقيع رقمي معتمد. لا حاجة لورق، لا انتظار، لا موافقات متسلسلة.</p><p class='article-text'>دبي اليوم تُدار بلغة السرعة، بالكفاءة، بالرقمنة، بفرق تعرف أن القرار البطيء هو قرار مرفوض.</p><p class='article-text'>فكيف نقبل أن تتشبث بعض المؤسسات الصحية بأساليب متكلّسة، تقاوم التفويض، وتُعطّل الابتكار بحجج «الإجراءات»؟</p><p class='article-text'>مستشفى يتأخر فيه القرار... هو مستشفى يعاني. حين يُصاب مستشفى بفيروس البيروقراطية، يتحوّل من مؤسسة علاج إلى مؤسسة انتظار. ملف بسيط يحتاج 5 تواقيع. جهاز عاجل لا يُشترى إلا بعد 3 اجتماعات. قرار تطوير يُجمد بانتظار الموافقة من «المجموعة». والمريض في كل ذلك... ينتظر.</p><p class='article-text'>الضرر لا يُقاس بالوقت فقط... بل بالثقة.</p><p class='article-text'>الفريق الطبي يفقد حماسه حين يرى الإدارة تتردّد. الموظفون يشعرون بالعجز حين تعوقهم اللوائح بدل أن تمكّنهم. والمريض، وهو الأهم، يشعر أن الرعاية متأخرة، وأن النظام يعامله كرقم، لا كإنسان.</p><p class='article-text'>الحكومة فتحت الباب... فهل نتقدم؟</p><p class='article-text'>حين تُقدّم الإمارات حلولاً حكومية رقمية في دقائق، لا يمكن لمؤسسة صحية أن تطلب من المريض «ختماً» أو انتظار لجنة! حين تُعلن دبي أنها ستكون المدينة الأذكى والأسرع عالمياً، لا يجوز أن يُدار مستشفى فيها وكأنه جهاز حكومي في التسعينات.</p><p class='article-text'>البيروقراطية في المستشفى ليست ضعفاً إدارياً... بل خطراً صحياً.</p><p class='article-text'>والمطلوب ليس إلغاء الإجراءات، بل تبسيطها، وتسريعها، وتحويلها إلى قرارات مسؤولة تُتخذ في وقتها.</p><p class='article-text'>القيادة الذكية لا تنتظر... بل تُفوّض.</p><p class='article-text'>والنظام الذكي لا يعطّل... بل يُسرّع.</p>

فيروس إداري بلا لقاح.. البيروقراطية تدمّر الرعاية الصحية

<p class='article-text'><div data-empty="false">في المستشفيات، حيث تبنى الثقة أو تنهار بثوانٍ، وحيث تحسب النجاحات بنبض المرضى لا بعدد الاجتماعات، لا مكان على طاولة القيادة لمن لا يضيف.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ومع ذلك، في كثير من المؤسسات الصحية، نجد طاولة القرار مزدحمة... لا بالكفاءات، بل بالمجاملات.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">مسميات كبيرة... وأدوار غائبة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ما الذي يجعل منصباً قيادياً يمنح لشخص لا يملك خطة، ولا يؤثر على التشغيل، ولا يعرف تحديات الميدان؟ الجواب ببساطة: المجاملة، الترضية، أو «التاريخ الطويل» داخل المؤسسة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لكن الخبر الصادم: الخبرة لا تعني بالضرورة الكفاءة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">والوفاء للمكان لا يبرر البقاء في موقع لا يصنع فرقاً.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">طاولة القيادة ليست نادياً اجتماعياً</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من يجلس على طاولة القرار في مستشفى، يجب أن يحمل هم المؤسسة، ويفهم لغة الأرقام، ويتفاعل مع الأزمة، ويقود لا يقاد.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القيادة ليست حضوراً في الاجتماعات، ولا توقيعاً على المذكرات. القيادة موقف.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">من لا يتحدث وقت الصمت، من لا يصحح وقت الخطأ، من لا يقترح وقت الجمود... لا يجب أن يكون ضمن صناع القرار.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">التنوع ليس خياراً... بل ضمانة للنجاة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لكي تنجح قيادة مستشفى، لا بد أن تجمع خلفيات مختلفة: طبية، مالية، تشغيلية، رقمية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">لا يكفي أن يكون الجميع من خلفية واحدة، أو طريقة تفكير واحدة. إذا اتفق الجميع على كل شيء... فهناك أحدهم لا يفكر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المشكلة الحقيقية: مناصب تمنح بلا مساءلة</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أحد أسباب ضعف القيادة في المستشفيات هو غياب تقييم حقيقي لأداء القياديين أنفسهم.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">متى كانت آخر مرة سئل فيها مدير:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• ماذا أنجزت خلال 6 أشهر؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• كم مبادرة قادها بنفسه؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• ما الأثر الملموس لفريقه؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">وإذا لم يكن هناك إجابة واضحة... فلماذا مازال يحتل الكرسي؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الفريق القيادي ليس لاستعراض الرتب... بل لحماية المرضى</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">كل قرار إداري في المستشفى، مهما بدا بسيطاً، ينعكس على الرعاية الصحية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">تأخر التوظيف؟ نقص في الكادر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">تردد في شراء جهاز؟ تشخيص متأخر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">فوضى في جدول التشغيل؟ إرهاق للطواقم، وسقوط في الجودة. ومن هنا القاعدة الذهبية: من لا يضيف... يجب أن يغادر.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">ليس قسوة، بل إنصافاً. ليس عقوبة، بل حفاظاً على الكفاءة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المريض لا يرى المدير... لكنه يشعر بقراراته.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">والمستشفى لا ينهار دفعة واحدة، بل بكراسي مشغولة بأصحابها بدلاً من أن يشغلها أصحاب الكفاءة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في المقال القادم من هذه السلسلة، سنتحدث عن «البطء القاتل»: لماذا تتحرك بعض المستشفيات كأنها مؤسسات انتظار؟ ومن المسؤول عن تحويل القرار إلى إجراء... لا ورقة تنتظر توقيع؟ </div></p>

طاولة القرار لا تتسع للمجاملات! من لا يضيف... يجب أن يغادر

<p class='article-text'><div data-empty="false">في الوقت الذي تعاني فيه مستشفيات كثيرة من الجمود الإداري، النزيف المالي، والتراجع في جودة الخدمات، يرفض البعض مجرد طرح سؤال يعتبره «كفراً مؤسسياً»:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هل الحل في أن يقود المستشفى شخص ليس طبيباً؟ ليس صيدلياً؟ ليس من خلفية صحية أصلاً؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الإجابة التي رأيتها بنفسي، بعد أن انتقلت من القانون إلى قيادة واحدة من أكبر مؤسسات الرعاية الصحية في المنطقة: نعم.. وبقوة.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">العين الخارجية ترى ما لا يراه من تعود على المشهد.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">أكبر خطر على أي مؤسسة هو الاعتياد. عندما تكون «قادماً من الداخل» ترى الواقع كما اعتدت عليه، وتتعامل مع المشكلات كما تعلمت، لكن القادم من الخارج لا يحترم التقاليد الإدارية لمجرد أنها معتادة، ولا يخشى سؤال «لماذا؟» حين يصطدم بإجراء غير منطقي، أو بقرار غير مبني على بيانات.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">القادة من خارج القطاع يطرحون أسئلة جوهرية:</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• لماذا يتم صرف هذه الميزانية بهذا الشكل؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• هل فعلاً هذه الوظيفة ضرورية؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• ما الجدوى من هذا النظام المعقد؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">• لماذا نُصر على طريقة تشغيل عمرها 20 سنة في عصر الذكاء الاصطناعي؟</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المستشفيات لا تحتاج فقط إلى فهم طبي، بل إلى عقلية إدارة معقدة،</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">المستشفى ليس مكاناً للعلاج فقط. هو مؤسسة مليئة بالموارد، التحديات، الأطراف المختلفة، البيانات، والقرارات الدقيقة. من يدير مستشفى اليوم يجب أن يفهم المال، التحول الرقمي، الحوكمة، القيادة، سلوك البشر، ثقافة الأداء.. قبل أن يفهم معنى «تحاليل CBC» أو «نتائج MRI».</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الفكر الجديد لا يأتي من نفس المصدر الذي صنع الأزمة،</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">بعض المستشفيات تستمر في إعادة تدوير نفس الأسماء، ونفس أنماط التفكير، ونفس أساليب التشغيل، متوقعة نتائج مختلفة، وهذا هو تعريف الجنون المؤسسي.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">الحل أحياناً ليس في «تطوير الموجود» بل في استدعاء المختلف — شخص يرى المنظمة كائناً حياً يجب إعادة تصميم أعضائه من الصفر، لا ترقيعه من الخارج.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">هل نرمي الخبرات الطبية جانباً؟ بالطبع لا، بل نعيد ترتيب الأدوار</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">نحن لا نلغي دور الطبيب أو المدير الطبي، لكننا نعيد تعريف من يمسك بدفة القيادة العليا. من يُركّب الصورة الكاملة. من يسأل الأسئلة غير الطبية، التي تحدد مصير المؤسسة. من لا يخاف من الاصطدام بالموروث، طالما الهدف هو: الكفاءة، والشفافية، والعدالة، وجودة الرعاية.</div></p><p class='article-text'><div data-empty="false">في المقال القادم من هذه السلسلة سننتقل من الرؤية إلى الفعل: كيف نبني فريق قيادة حقيقياً داخل المستشفى؟ ما الصفات؟ ما المعايير؟ ومن يجب أن يكون على الطاولة. </div></p>

شريف بشارة