في استطلاع « البيان » عن روايات تستوحي أحداثها من الواقع الراهن

نسب متقاربة بين تأجيل الكتابة وتفاصيل تعكس الواقع

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول قائل ما فائدة الكتابة عن بلد يعيش الحرب، فصوت الحرب حينها سيكون أقوى عند الناس من صوت كلمة مؤلف، وكان لهذا الرأي بأنه يفضل عدم الكتابة الآن ما يعادل 40% من استطلاع «البيان» على «تويتر» بينما انخفضت النسبة إلى 27% في التصويت على الموقع الإلكتروني.

لكن في ذات الوقت لا يمكن للروائي أن يكون محايداً تجاه ما يجري لبلده، يكتب بأدواته، من هذا المنطلق ظهر خلال العقود الماضية عدد من الروايات التي تستمد أحداثها من الواقع الذي تعيشه بعض الدول العربية، وهو ما جعل نسبة التصويت على أن هذا النوع من الروايات يعكس الواقع تصل إلى 39% على الموقع، وتنخفض إلى 30% على «توتير».

تدفق أحادي

الرأي الثالث من الاستطلاع يذهب للتأكيد على أن الكاتب لا يمكنه أن يعكس الواقع وحصل هذا الرأي على 30% من نسبة التصويت على «تويتر» بينما حصل على 34% بالتصويت على الموقع الإلكتروني.

ومن وحي هذه الاتجاهات الثلاثة استطلعت «البيان» آراء عدد من النقاد والكتاب، وقالت الناقدة د. أمينة ذيبان التي ترأست لجنة تحكيم مسابقة «البوكر» العربية عام 2016: في الرواية العربية يتطور الزمن والحدث بالتزامن المرجعي لفكرة التدفق الأحادي وليس التراكمي لمعنى الكتابة، وعليه لا نجد بالرواية معنى للأسئلة الأكثر إنسانية من منطق الكاتب أو المجتمع القريب أو شاشة التلفزيون، وأسئلة الإنسانية العميقة كقولنا الشر آفة عالمية.

وقالت: هنا نتراجع فكرياً وتبقى الرواية منفى اغترابياً كبيراً أو متاهة سياسية بلا جمالية وإبداع كما هو في أدب الإسراف أو السلق لمعطيات الواقع الاجتماعي والسياسي المبني على التباين والزمن المنفي. وأضافت: الحرب «مثلاً» قيمة روائية لم نفهمها من منطلق الرؤى الفكرية المقنعة بل من أصل التزامن اليومي والبكاء أو حريق المدن المشتعل وليس المتزامن للرمز.

وأوضحت: مشكلة الرواية العربية بالعموم تبدأ من الخلف ولا أعني النهاية وإنما التجربة المعاشة كما بتجربة الصراع الإسرائيلي العربي، فالبحث فيها يتراجع. إيحاء الواقع

وقال الناقد د. رسول محمد رسول: لا يوجد أي عمل سردي إلّا ويعكس الواقع الإنساني مهما تعالى عليه وحلق بعوالم الخيال.

وأوضح: عندما تمر المجتمعات بأزمات طاحنة كالحروب، وغيرها سنكون إزاء واقع متأزم كما يحدث في عدد من البلدان العربية. وأضاف: تحوّل فيها القمع السلطوي للأنظمة السياسية العربية المعتقة بإرهاب البشر وتجويعهم، وإبادتهم تحت رعاية دول الاستعمار المختلفة بسياسات إذلال البشر تحوّل لثورة «الربيع العربي». وتابع: هو بواقع الحال، سياسة جديدة لتدمير الإنسان العربي، عادت بالشر عليه وليس الخير.

وقال رسول: في واقع مزري الحال كهذا، دموي المشهد، ما كان أمام السرد التخييلي إلّا أن يلعب دوره التاريخي، فالسرد التخييلي صوته وفنه. وأوضح: وجدنا منذ 2003 حتى اليوم ظهور نصوص جمالية عكست جحيم ما جرى. وأضاف: هذه المرة ثمة وفرة في الإنتاج الجمالي تختلف عن مثيلها مع هزيمة 1967 وأشار إلى أنه أمر غير مدروس حتى اللحظة على نحو موسع.

تأثر وانفعال

قال الروائي سعيد البادي: الكاتب يكتب متأثراً بلحظة وفكرة ما، وبما يراه من حوله. وأوضح: ليس من الضرورة أن ينتظر حتى اكتمال المشهد وانتهاء الأحداث. ولكنه بذات الوقت رأى أن أكثر الروايات التي تدور أحداثها عن الواقع العربي الراهن لا تتعدى الحالات الانفعالية. فهناك روايات مبنية على وقائع في الغالب. وأضاف: عندما تكون الكتابة آنية، سيطغى عليها بالطبع الانفعال وتأتي مختلفة عن حالة يكون فيها الوضع مستقراً والمشهد مكتملاً.

القاص محسن سليمان قال: خلال حدث ما، قد تختفي أسماء روائية وتظهر أخرى تتحدث عن تطورات ذات الحدث. وأوضح سليمان: الواقع يبلور الفكرة كرواية، ويمكن رصد الواقع بشكل جيد، كون الكاتب ابن بيئته ويكتب من وحيها. وقال: نمر بمرحلة الرصد، وتبقى لكل كاتب طريقته برصد هذه الحقبة المستمرة لسنوات.

Email