الشرطة تداهم بيوت 21 من صديقاته

رذائل برلسكوني بلا سقف

برلسكوني برفقة الممثلة الإيطالية فيرونيكا فاريو - أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقدمت الشرطة الإيطالية، أخيراً، على مداهمة منازل 21 من صديقات رئيس وزراء إيطاليا السابق سيلفيو برلسكوني، وسط شكوك تدور حول إقدامه على رشوتهن للإدلاء بشهادة كاذبة في المحكمة حول حقيقة ما كان يجري في حفلات «البونغا بونغا» سيئة السمعة، واستمرار تقديمه مدفوعات مالية لهن حتى اليوم.

وأفادت صحيفة «تايمز» البريطانية، في تقرير نشر أخيراً، أن القضاة قد أصدروا أمراً بالتفتيش، يضم البيانات المصرفية وأجهزة الكمبيوتر، للتحقق ما إذا برلسكوني لا يزال يدفع مبالغ طائلة تصل إلى ألوف اليوروهات شهرياً، لتلك النساء، اللواتي قلن تحت القسم إن الحفلات التي كان يقيمها برلسكوني عبارة عن أمسيات راقية، بعيدة عن الخلاعة والممارسات المخلة بالآداب.

وكانت النساء، بمن في ذلك فتيات الاستعراض التلفزيوني، والراقصات، ومتسابقات حفلات الجمال قد أدلين بشهادات خلال جلسات محاكمة برلسكوني السابقة تتعلق بالدفع للراقصة المغربية القاصر آنذاك كريمة المحروق المعروفة بـ«روبي سارقة القلوب»، بهدف إقامة علاقة معها عام 2010، في دارته الواقعة في منطقة آركور الإيطالية بالقرب من العاصمة ميلانو.

 وصدر، على الأثر، حكم على برلسكوني بالسجن سبعة أعوام في قضية عرفت بـ«روبي غيت»، واتهم الرجل على أساسها بالإساءة لقاصر، واستغلال المنصب لإخفاء الجريمة. إلا أن القضاء الإيطالي عاد وأعلن براءته، عند استئناف القضية عام 2014، بحجة عدم معرفته بحقيقة أن المحروق كانت في السابعة عشرة من العمر فقط، ما يجعلها قاصراً.

ويذكر أن ممارسة الرذيلة مقابل المال، في إيطالياً ليست بالأمر الذي يعاقب عليه القانون، خلافاً لممارسة علاقة مع قاصر، الذي يعدّ جريمة تستحق العقاب. هذا وتنظر محكمة الاستئناف العليا في روما، حالياً، بالدعوى القضائية بهدف إعادة المحاكمة، بعد أن تواصلت مجريات التحقيق الأساسية حول ملابسات القضية، التي تحوم فيها الشبهات حول برلسكوني بالمضي في رشوة الشهود.

وفي سياق منفصل للمحاكمة، وجهت التهمة إلى ثلاثة من أعوان برلسكوني مدانين بممارسة مهنة القوادة لصالحه، حيث أدين كل من ليلي مورا العاملة في مهنة الاستعراض سابقاً، وإميليو فيدي المقدم التلفزيوني بتهمة تأمين الفتيات الجميلات للحفلات، في حين جرّمت نيكول مينيتي الاستعراضية الأنغلو-إيطالية بإيجاد مساكن للفتيات في شقق فخمة في ميلانو.

ويؤكد برلسكوني أنه توقف عن دفع تلك المبالغ عام 2013، إلا أن المحققين يعتقدون أنه لا يزال يواصل دفعها، في حين أفادت تقارير صادرة عن وسائل الإعلام الإيطالي، أخيراً، عن عثور الشرطة على مبالغ كبيرة من الأموال النقدية خلال عمليات الدهم التي قامت بها.

وكان منزل أحد المحامين الموكلين الدفاع عن باربرا غويرا، فتاة الاستعراض التي حلت كإحدى ضيفات الحفلات، من ضمن الأماكن التي خضعت للتفتيش، إضافة إلى منزل محامي المحروق. ويخضع عموماً 45 شخصاً من بينهم برلسكوني نفسه، والمحروق، وعدد من المحامين للتحقيق دون أن يتم توجيه الاتهام إلى أي منهم بعد.

وقيل إن عمليات الدفع للفتيات كانت تتم من خلال مسؤول حسابات برلسكوني، غويسيبي سبينيللي، الذي حققت الشرطة معه كذلك، أخيراً على مدى سبع ساعات، وقامت بتفتيش منزله إضافة إلى منزل 20 فتاةً، حيث عثرت على جهاز كمبيوتر في منزل المحروق الكائن في مدينة جنوة شمالي إيطاليا.

ويجري المحققون تحريات تبحث في مواصلة برلسكوني تمويل أسلوب حياة الرفاهية الباهظ للمحروق، وذلك بعد أن تبين أن الدخل الفردي السنوي الذي تصرح به لإدارة الضرائب لا يتناسب مع حياة البذخ التي تعيشها، لا سيما إجازتها في جزر المالديف، وحفل ميلاد ابنتها، وشراء الملابس من أفخم المحال.

وقد أثار ذلك الواقع شكوكا في تلقيها مبالغ مالية كبيرة، على شكل دفعات نقدية تجنباً لترك أثر، وتقفي مصدرها. ودفع هذا بالقضاة إلى البحث عن دليل ما يثبت حصول المحروق على مبالغ معينة خارج إطار القانون، وأصدروا بناءً عليه قرار التفتيش المفاجئ.

وفي حين كانت المحروق تخضع للتحقيقات، خلال جلسة سابقة، فضحت عملية التنصت على إحدى مخابراتها الهاتفية حصولها على مبلغ 4.5 ملايين يورو مقابل نفي وجود أي علاقة حميمة بينها وبين برلسكوني، كما للادعاء أنها مجنونة.

وقد أعلنت ذلك أمام الملأ فعلاً، وأبعدت شبح الإدانة عن برلسكوني الذي يقوم بخدمة المجتمع في إحدى دور رعاية مرضى الزهايمر، تنفيذاً لعقوبة الإقدام على الاحتيال الضريبي صدرت بحقه عام 2013، ومن المتوقع الإفراج عنه قريباً.

إفادة مغايرة

أكد عدد كبير من النساء، في إفادات أمام القضاة خلال محاكمة برلسكوني السابقة، أن الحفلات التي كان يقيمها الأخير، لم تشهد من قلة الاحتشام ما يتخطى النكات الجريئة، التي كان يطلقها إمبراطور الإعلام الإيطالي. غير أن الراقصة ماريا مكظوم أبلغت القضاة أنها كانت تراقب بحالة من الرعب طريقة رقص كل من العارضتين الشقيقتين إيما وإليونورا دي فيفو، وحركاتهما الراقصة غير المحتشمة حول برلسكوني، وأكدت أنه كان يشاركهن مستمتعاً.

وكان برلسكوني قد ادعى تقديم مبالغ من المال بشكل منتظم للحاضرين في حفلاته، كلفتةٍ تنم عن حسن نية، بعد أن تعرضت مهن هؤلاء وسمعتهم للضرر إثر ظهورهم في المحاكمة. إلا أنه أنكر تماماً أن تكون تلك المبالغ موازية للرشوة.

ويعاين المحققون ما إذا كانت بعض النساء قد تلقين مبالغ من المال لشراء صمتهن، بعد المشاركة في مثل تلك الحفلات.

Email