الإفلاس الفني يحيي أغاني الزمن الجميل

ت + ت - الحجم الطبيعي

«من فات قديمه تاه».. يبدو أنها مقولة أراد أن يسير على خطاها كثير من الفنانين، والذين وجدوا أن التأثر بزمن الفن الجميل تخطى مرحلة الاقتداء إلى إعادة تقديم أغانيه بصوتهم، ما جعل الساحة الفنية تشهد بقوة عودة لأغاني لطالما بقيت في البال، واحتلت في فترات معينة شهرة واسعة، بل شكلت لأصحابها مفاصل حيوية في مشوارهم الفني، لتصبح ظاهرة لافتة للانتباه أو أشبه بـ «الموضة» التي يتجه إليها أغلب الفنانين في مصر والوطن العربي، ممن أرادوا إحياء أسماء ظلت لحقب لامعة في سماء الطرب الأصيل.

كبار المطربين

ولعلَّ غناء محمد منير لأغنية «أنا بعشق البحر» لنجاة الصغير منذ سنوات طويلة، فتح الطريق لكثير من المطربين ليتخذوا نفس المسلك، ليعيد تقديم أغنية شادية «أسمراني» بعد ذلك، وأغنية «لولا السهر» لنجاة الصغيرة، وأدرجهما ضمن ألبوم «أحمر شفايف»، كما غنى لشادية ووردة، وكذلك أنغام، والتي أعادت تقديم بعض أغاني كبار المطربين، مثل أم كلثوم ونجاة ومحمد عبد الوهاب، إضافة إلى شيرين ونانسي عجرم، وإعادتها لأغنية «مستنياك» لعزيزة جلال، و«يا واد يا تقيل» لسعاد حسني، ورولا سعد، والتي غنت بعض أغاني الشحرورة صباح، إضافة إلى كارول سماحة، أغنية سلوى القطريب «خدني معاك».

جدل جديد

وأخيراً، كانت إليسا،التي قدمت في ألبومها الأخير «حالة حب»، أغنيتين قديمتين غنتهما بصوتها، وهما «أول مرة تحب يا قلبي» للعندليب الراحل عبد الحليم حافظ، و«حلوة يا بلدي» لداليدا، لتفتح باب جدل جديد حول هذه الخطوة، والتي تباينت ردود الفعل حولها، منهم من رأى أنه ليس هناك أفضل من داليدا لأداء أغنيتها، وكذلك الأمر بالنسبة للعندليب الأسمر، والذي كان أداؤها للأغنيتين ليس على المستوى المطلوب، في حين رأى آخرون أن الأداء كان متميزاً، وفرصة لإحياء أغان ما زالت في الوجدان منذ عقود.

وهي ليست المرة الأولى التي تتجه فيها إليسا إلى إعادة غناء الأغاني القديمة، فقد قدمت سابقاً في ألبومها «أسعد واحدة»، أغنية «لولا الملامة» للفنانة الراحلة وردة، وكذلك «قالولي العيد» التي سبق أن قامت بغنائها الراحلة سلوى القطريب، من كلمات وألحان روميو لحود، وأغنية «لو فيي» لعايدة شلهوب، من كلمات وألحان إلياس الرحباني، وأدرجتها ضمن ألبوم «تصدّق بمين».. وهو ما أثار أسئلة عديدة حول حقوق ملكية الأغاني المقدمة، وخاصة أنها المرة الأولى التي يتم فيها إعادة غناء «أول مرة»، فقد صرح ابن شقيق العندليب الراحل محمد شبانة، أن إليسا لم تحصل على إذن منهم قبل أن تؤدي الأغنية، ما يوقعها تحت المسائلة القانونية حول حقوق ملكية الأغنية الأصلية.

تساؤلات

وقد اثارت هذه الظاهرة تساؤلات عديدة حول أسباب اتجاه المطربين حالياً إلى هذا النوع من الغناء، وهل يعد نوعاً من الإفلاس، ورغبة في «حشو» الألبومات لأغراض تجارية بحتة، أم أنه نوع جديد من الدعاية الفنية، أم رغبة حقيقية في إحياء ذكرى هذا الزمن الجميل، وإعادة تقديمه في قالب من العصرية؟

الصوت الأصلي

رئيس اتحاد النقابات الفنية الموسيقار هاني مهنى، يرى أنه لأمر جميل ومحمود أن نجد من فناني هذا العصر من منهم ما زال يعتز بأغاني الزمن القديم، ويعمل على إحيائها بشكل أكثر عصرية ليناسب شباب هذا الجيل، إلا أنه بشكل عام، يظل مطرب الأغنية الأصلي هو قامة فنية لا يمكن أن يصل إليه أي مطرب آخر مهما فعل، فسيظل الصوت الأصلي هو المحفور في ذاكرة الناس، وهذا لا يمنع أن الحكم في النهاية للجمهور.

Email