الحكم بإرساله إلى السجن يبدو احتمالاً بعيداً

تبرئة «بلاي بوي» إيطاليا وعودته للسياسة غير مستبعدة

برلسكوني حصل على زخم سياسي بعد تبرئته من الفضيحة أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعددت ردود الفعل المدوية والتوقعات المثيرة في الساحة السياسية الإيطالية أخيراً، بعد التحول غير المتوقع في فضيحة «روبيغيت»، وعقب تبرئة محكمة استئناف ميلانو رئيس وزراء إيطاليا الأسبق سيلفيو برلسكوني من هذه القضية التي كانت قد عززت صيته في العالم، باعتباره فتى الـ «بلاي بوي» الإيطالي رغم إيغاله في العمر، وجعلت مصطلح الـ «بونغا بونغا» الذي أطلقه على حفلاته المبهرجة والماجنة لفظا متداولاعلى كل لسان، وتعبيرا مدرجا ضمن ثقافة البوب الشعبية.

ورأت صحيفة «غارديان» البريطانية في تبرئة الملياردير الإيطالي من التهمة التي كانت ستودي به إلى السجن حتماً، دفعة معنوية قوية له، بعد مرور أكثر من عام على صدور حكم يقضي بسجنه سبع سنوات وحظره من تولي منصب عام طوال حياته، وهذه الدفعة تتمثل أيضا في الزخم السياسي الذي حصل عليه، وهو الذي نفى مرارا كل التهم، وأصر على أنه ضحية انتقام شخصي من جانب قضاة يساريين في إيطاليا.

تعديل قانوني

وقضاة محكمة ميلانو برأوا برلسكوني من كل التهم في قضية «روبيغيت»، لا سيما التهمتين المتعلقتين بدفع أموال لساقطة قاصر مقابل ممارسة الجنس معها، واستخدام منصبه لإخفاء هذه الجريمة. وعلى ما يبدو كانت هذه القضية مصدر قلق شديد لبرلسكوني الذي كتب مقالة من صفحتين في مجلة «الجورنالي» معلناً براءته منها. ويعزى المحللون سبب ذلك إلى تعديل قانوني كان قد مرره بنفسه في عام 2005 يفيد بأن المجرمين بقضايا جنسية لا يمكنهم تفادي عقوبات الحبس.

والتوقعات الآن هي أن يتصدى المدعون العامون لهذا الحكم في استئناف آخر أمام المحكمة العليا الإيطالية، وبمعزل عما ستنتهي إليه القضية، فإن حكماً مبرماً بإرسال برلسكوني إلى السجن يبدو احتمالاً بعيد المنال حاليا.

وكان الملياردير الإيطالي قد اتهم في عام 2010 بدفع مال للراقصة من أصل مغربي كريمة محروقي، والمعروفة باسم «روبي» سارقة القلوب، مقابل ممارسة الجنس معها عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها. ووفقا للقانون الإيطالي، يعتبر هذا التصرف غير قانوني مع من هن دون سن الـ 18.

لكن محكمة استئناف ميلانو قضت بأن برلسكوني، على الرغم من دعوته قاصر إلى حفلات ماجنة ودفع أموال طائلة لها، لم يكن مذنبا، لأنه لم يجر البرهان على أن الملياردير كان على علم بأنها تحت السن القانونية. وروبي نفت إقامة علاقة جنسية معه، وتقول إن الألوف التي منحها إياها كانت تصرفا أبويا يقصد به فعل الخير. لكن ما أظهره سير التحقيق من مظاهر فحش خلال حفلاته كان يتناقض بطريقة مأساوية وهزلية مع إصراره على أنه كان يستضيف حفلات عشاء «راقية وأنيقة».

وقد علم زعيم حزب «فورزا إيطاليا» بخبر تبرئته أثناء نوبته في نزل لمرضى الزهايمر خارج ميلانو، تنفيذا للحكم الصادر بحقه بتقديم خدمة للمجتمع، والذي تم إبرامه من جانب محكمة الاستئناف العليا، في قضية تزوير ضريبي السنة الماضية. وهذا شكل أول حكم يصدر بحقه طوال 20 عاما أمضاها برلسكوني في «لعبة القطة والفأر» مع القضاء، وكان سببا أيضا في خسارته مقعده في مجلس الشيوخ الإيطالي.

حادثة دبلوماسية

وبرلسكوني حصل على براءة أيضا من التهمة الأخرى بحقه في قضية «روبيغيت»، والتي تتعلق بإساءة استخدام رئيس وزراء إيطاليا الأسبق سلطاته في محاولة لإخفاء جريمته الجنسية. والمدعون العامون قالوا إنه كذب على الشرطة وقال إن محروقي كانت حفيدة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، في سبيل إطلاق سراحها من الاعتقال في 27 مايو 2010، عندما ضبطت للاشتباه بها في سرقة، وذلك خوفا من أن تتحدث عن حفلاته الجنسية وتفضح علاقته معها. كما اعترف بأنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع الشرطة، لكنه قال إنه فعل ذلك باعتقاد أن اعتقالها قد يسبب «حادثة دبلوماسية» لأنه اعتقد أنها فعلاً قريبة الرئيس المصري الأسبق.

ويبدو أن محكمة الاستئناف في ميلانو قررت أن تعديلا مهماً في القانون قد حصل منذ الإدانة الأصلية لبرلسكوني في الجريمتين والحكم عليه بالسجن سبع سنوات في يونيو السنة الماضية، حيث أفادت أنه لا وجود لسوء استخدام للمنصب من دون أدلة واضحة بأن هذا الشخص في السلطة قدم منافع للشخص الذي يقدم له الخدمة.

وكان لهذا الحكم وقع الصدمة في إيطاليا، وحتى فريق الدفاع عن الملياردير فوجئوا. ويقول أحد محامي الدفاع فرانكو كوبي: «الحكم تجاوز أكثر تنبؤاتنا الوردية». أما برلسكوني الذي زعم دوما أنه ضحية قضاة يساريين، فصرح بعد إعلان الحكم: «الاحترام للقضاء الذي أكد اليوم ما كنت اعتقد به دوما، وهو أن الغالبية العظمى من القضاة الإيطاليين يقومون بعملهم بصمت وبشكل منصف ومثير للإعجاب».

تناقض واضح

برأت محكمة في ميلانو رئيس وزراء إيطاليا الأسبق سيلفيو برلسكوني من قضية «روبيغيت»، وقال القاضي الذي يترأس المحكمة إنه لم تكن هناك «جريمة» تتعلق بسوء استخدام للسلطة من جانب برلسكوني، وأن تصرفاته « لا تشكل جريمة» بغاء.

لكن ما أظهره سير التحقيق من مظاهر فحش خلال الحفلات التي كان يطلق عليها مصطلح «بونغا بونغا»، والتي كانت تدعى إليها الراقصة المغربية البالغة من العمر 17 عاما، كان يتناقض بطريقة مأساوية وهزلية مع إصراره على أنه كان يستضيف حفلات عشاء «راقية وأنيقة»، حيث أشارت التقارير إلى راقصات تعر بثياب راهبات، وعن توظيف مقاولي حفلات مفلسين للعمل كقوادين بالنيابة عن برلسكوني.

Email