يقرب شكل معيشة الأجداد ومعالم حياتهم الماضية

سوق القطارة..التراث في أبهى صوره

Ⅶ تحولت فعاليات السوق إلى مهرجان تراثي سنوي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تتوقف الجهود التراثية القائمة على حفظ ذاكرة المكان الإماراتي القديم، وإعادة تقديمه للأجيال الجديدة، لتكون على معرفة بهويتها وتاريخها الثقافي الأصيل، فتكاد تكون كل الأماكن التراثية من قلاع وحصون وأسواق وبيوت أعيد ترميمها، وتشييدها لتصبح محطة سياحية وتراثية تؤكد تاريخ المنطقة، وتكشف معالم حياة أهلها قبل عقود ماضية.

مرحلة مفصلية

تظهر هذه الجهود في الكثير من المعالم التراثية القائمة اليوم، إلا أنها تتجلى في واحد من الأسواق الموسمية الكبيرة الذي تحتفي بها مدينة العين في الشهر العاشر من كل عام، والمتمثل في سوق القطارة التراثي، الذي يشهد معماره وتاريخ تأسيسه على مرحلة مفصلية في تاريخ الإمارات إذ يعود تاريخ تأسيسه إلى منتصف القرن العشرين حيث أسسه المغفور له بإذن الله الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان على الطريق التي تصطف أشجار النخيل على جانبيها والتي تربط القطارة وواحة الجيمي في العين.

ذاكرة المكانويشير الرواة المعاصرون لتلك المرحلة التاريخية إلى أنه من الأسباب التي دعت إلى إنشاء السوق في ثلاثينيات القرن الماضي توفير الوقت والجهد والعناء الذي كان يبذله السكان في تأمين احتياجاتهم من المواد الأساسيّة من سوق البريمي.

إلا أن السوق تجاوز تلك الغاية، ليصبح مركزاً للحياة الاجتماعية والثقافية، فكان له أثر واضح في تحقيق التواصل الجغرافي بين المناطق، وتجمع أهالي العين، وتثقيف الأجيال الجديدة مع تحول القلعة المحاذية له - قلعة بن عاتي الدرمكي- إلى مركز للفنون والثقافة.

تظهر أهمية السوق على صعيد البعد التراثي وسيرة المكان الإماراتي بأكثر من مستوى، إذ لا يشهد السوق على جهود التطوير الحاصلة في منتصف القرن العشرين على يد المغفور له بإذن الله الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، وحسب، وإنما تكشف العناية الكبيرة التي لاقاها المكان من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فكان المغفور له حريصاً على حفظ ذاكرة المكان الإماراتي وتوثيق مشوار نهوضه، فجرت في عهده عناية واضحة بالمكان.

علاقة بالأجيال

ويفتح السوق بمحاله التي يبلغ عددها ثمانية عشر محلاً، باباً واسعاً على مجمل أشكال الحياة التراثية الإماراتي، سواء على صعيد انواع المأكولات الشعبية، أو الملابس التقليدية، وصولاً إلى الحرف اليدوية، و الألعاب الشعبية، فيعرض الباعة في السوق مختلف السلع التراثية التي لم تعد متوفرة في الأسواق والمتاجر الكبيرة الحديثة.

يحقق السوق بذلك علاقة متينة بين الأجيال الجديدة وماضيهم، فتكفي جولة واحدة في السوق، للتعرف على شكل الحياة التراثية القديمة، فيتجاوز السوق العلاقة المتحفية بين الأجيال الشابة وتاريخهم الثقافي والحضاري إلى تواصل أكثر قرباً، كما يعتمد على جهود السكان المحليين في فتح أبوابه، ويستند على الصناعات اليدوية والحرف التي تسعى جهود العناية بالتراث للعناية بها، وإبقائها حية.اليوم تحولت فعاليات السوق إلى مهرجان سنوي تدرجه هيئة السياحة في أبوظبي على قائمة أنشطتها السياحية والتراثية، فتنظم فعالياته وتدعم المشاركين فيه خلال الأشهر السبعة التي يعقد فيها من شهر أكتوبر إلى شهر مايو، ويشتمل على العديد من الفعاليات الثقافية والتراثية من بينها أعمال الحرف اليدوية التراثية وعروض العيالة، وعروض حية لطرق البناء بالطين التقليدية وصناعة العريش من سعف النخيل، إضافة إلى «سوق الجمعة»، وفق النسق التقليدي للأسواق القديمة.

تاريخ المكان

يعرف مهرجان القطارة التراثي الزائرين بالعديد من الحرف المهنية، ومن ضمنها حرفة صناعة الخوص، حيث تقدم بعض النسوة عرضاً لصناعة الخوص، يعرفن فيه الزوار على أسرار صناعتها ودقتها، كما يقدم المهرجان ندوات تراثية في مجال التراث الإماراتي والمواقع الأثرية في مدينة العين، حيث يستقطب متحدثين متخصصين في تلك المجالات، فاتحين الباب أمام الزوار وذلك لطرح التساؤلات على مختلف التفصيلات الدقيقة في تاريخ المكان.

Email