فنون توارثتها الأجيال وتم تطويرها بطريقة عصرية

»الحربية« وجدان حي ينبض بالحماس

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الفنون المعروفة والمشهورة في الإمارات، والتي كان يؤديها الآباء و الأجداد قديماً، فن الحربية، أو ما يسميها البعض فن الرزفة، والبعض يسميها اليولة، وعن المسميات واختلاف المفاهيم، التقينا بعضاً من الشباب المُمارسين لهذا الفن، لتوضيح آلياته، خاصة أنه فن مازال شاهداً كوجدان حي ينبض بالحماس في الذاكرة الجمعية.

فن عريق

منذر بن نعمان الكعبي، أحد محترفي هذا الفن، وهو قائد فرقة «بن نعمان الحربية»، ورث هذا الفن من العائلة، واستلم زمام أمور الفرقة التي أسسها عبد الواحد كميدش بن نعمان الكعبي سنة 2008، وطور العمل بها وطرح ألبومات في السوق وأعمالا متنوعة، ويصف فن الحربية بقوله: «الحربية عبارة عن صفين متقابلين، يتوسطهم شاعر أو أكثر، والشعر كان فيها ارتجالياً من أحد الشعراء المشاركين معهم، وكانت هناك محاورات بين شاعرين أو أكثر، وفي البدايات كان بعض الرجال في الفرقة يجولون على لحن الرزفة، وهي نفسها الحربية، وكانت قديماً تستخدم كنداء للحرب، لبث الحماس لذلك سميت حربية، وكانت اليولة تؤدى بالبنادق (صمعا) والعصا والسيوف، والآن يجولون بالسلاح، وفي السابق كانت تمارس بدون أي نوع من الموسيقى، كما يستعين البعض في أدائها بالطبول، وكان اللحن عبارة عن شلة، ولله الحمد هذا الفن مازال موجوداً، كما يوجد من يحافظ عليه، ولايوجد أي احتفال يخلو من الحربية، وكذلك في المناسبات الاجتماعية، حتى في اللقاءات التي تجمع الشباب»، وأضاف «هذا الفن مقتصر على الرجال، وهناك تطور حصل في الحربية في العصر الحديث، وهو إدخال آلآت موسيقية و إيقاعات أكثر».

مهارات وشجاعة

سعيد المزيود، قائد فرقة «المزيود للحربية»، قال «الرزفة مصطلح للأداء الاستعراضي وتنقسم الى أكثر من مسمى، منها العيالة والحربية وهي مشهورة في الإمارات، أما الوهابية فتعرف لدى أهالي رأس الخيمة ورؤوس الجبال، واليولة هي الجزء الثالث في فن الرزفة واليويل هو المستعرض الثالث فيها، وجزء مكمل للأساس وهي الرزفة سواء العيالة أو الحربية لإظهار المهارة والشجاعة، والرسالة التي نريد أن نوصلها للجيل الحديث والمقبل، أن ينتبهوا بأن اليولة ليست من الفنون المنفردة إنما شمولية، وليست فقط بالبندقية المصنوعة، كالتفصيل التي تناسب تغييرات الوقت، ويجب على من يؤدي اليولة أن يكون ملماً بالرزفة أو العيالة، وتؤدى بالعصا أو البندقية أو السيف أوالخنجر».

استعراضات

محمد عبدالله المقبالي، قائد فرقة «صقور المقابيل»، قال إن اليولة ليست مسمى، إنما حركة من حركات فن الرزفة، واسم الحربية استخدم قديماً للحروب للتشجيع والحماس، ومن ضمن أشعاره:

عاش من ينقل السيف بيمينه

                  وعند المواجهة يكتم جراحه

وهذا من ضمن أبيات الشجاعة والحماسة، وأطلق على الحربية اسم الرزفة بعد ما دخلت في الاحتفالات و الأفراح الوطنية والأعياد والمناسبات، وأصبحت فناً تقليدياً، كما تنظم في عيد الأضحى بعد العودة من مصلى العيد:

سعد من زار الحرم و المصلى

                  وحج بيت الله ونال الفضيلة

وهذه رزفة يطلق عليها عرضة، والرزفة صفان متقابلان بينهما شاعر أو شاعران، واليويلة يقومون بأداء اليولة بالبندقية، ويستعرضون بحركات الرجل مع اللحن واليد تلف البندقية مع اللحن وأثناء رميها يتم توجيه الفوهة للأعلى ثم الضغط على الزند، عبر حركات فنية رشيقة».

شعر حماسي

واستطرد المقبالي، «يولة العصا تقوم على لف العصا بين الأصابع أو لف الخيزرانة المصنوعة من شجر الخيزران، ولا ترمى إلى فوق، وأحياناً تكون ارتكازية في الصف، كما يحركونها يساراً ويميناً، مع حركة اليد والرأس مع اللحن، وبالنسبة للشاعر يكون شعره عن موضوع معين، وإذا كانا شاعرين يكون بينهما نوع من المحاورة، ولايلقي الشاعر الآخر الشعر إلا بعد ترحيب الشاعر الأول، وبالنسبة للموسيقى أنا أضفتها للحربية سنة 1999 وبدأنا بعمل ألبوم يسمى مجنون ليلى، وتم تنفيذه في العاصمة أبوظبي، وبعد إنتاج هذا العمل تم دعمه من المرحوم الشيخ زايد، وبدأنا بتوظيف نظام الصوت مع الرزفة، ومن ضمن الأفكار التي اقترحتها إضافة 4 مكبرات علوية وأخرى سفلية، لوحة مفاتيح وآلة عود وأربعة طبول مع ايقاع لوحة المفاتيح، وقد واجهنا الكثير من الانتقادات قبل أن نطور هذا الفن».

تطوير

محمد عبدالله المقبالي، قائد فرقة «صقور المقابيل»، تحدث حول إدخال الآلات الموسيقية على فن الحربية، وقال «واجهت انتقادات بسيطة، لأن هذا الفن لايوجد فيه آلات، وكان ردي حول هذه الانتقادات، هو المحاولة لنشره خليجياً والخروج به من مناطق البداوة الى عموم الجمهور، وبعد 4 شهور، تم رفض أي فرقة بدون آلآت موسيقية وبعدها بدأنا على مستوى الخليج. وكنا أول فرقة تحصل على كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (الجرح الوثيج)، والآن قام الكثير من الفنانين باستخدام الإيقاع الحربي، وبعدها سافرنا الى سوريا ونفذنا عملاً من كلمات الشيخ زايد، رحمه الله، وانطلقنا في الفضائيات، وتطور الأمر إلى حد إدخال كلمات عربية مع كلمات إنجليزية في إحدى الأغنيات».

فروقات

الرزفة عبارة عن صفين متقابلين يقومان بإنشاد أبيات شعرية ارتجالية من أداء شاعر موجود في الحدث، والحربية لاتوجد بها ايقاعات نهائياً، وتوجد فقط في الرزفة الوهابية والعيالة، هي أنواع منها البحرية والبرية، والآن يرزفون على الموسيقى، وهذا ليس خطأ، إنما نريد أن نعتمد على الأساس وأداء الشلة، كما يجب أن يمتلك اليويل ثقافة عامة وإلماماً بالفن الذي يميل إليه، وفي السابق كانت الأبيات تتكلم عن الشجاعة والحماس، ويشمل الشكل العام للأداء الإيقاعيين والصفوف.

Email