الشاعر الشعبي سيف بن سليمان:

مجالسُ رمضان فردوس السمر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

سيف بن سليمان، شاعر شعبي من إمارة عجمان، ينتمي إلى أسرة شعرية معروفة بالشعر، يعشق البحر والتراث، ولا يتردد في الإجابة عن أي تساؤل يخص الموروث في وسائل الإعلام المختلفة برحابة صدر ومحبة للجميع، يتذكر سيف أيام رمضان قديماً وكيف كان الناس يمارسون مهنة صيد السمك، وصناعة أدواته والحياة الاجتماعية، عندما كان صغيراً بدأ الصيام كأي طفل منذ سن مبكرة، ويذكر مجلس والده الرمضاني الذي كان يختص بالشعر وقراءة سيرة القدماء من الشخصيات العربية والإسلامية، وفي حديث شائق عن رمضان حدثنا الوالد سيف بن سليمان عن رمضان في الماضي، وعن مجالسه التي تشكل فردوس سمر، فإلى الحوار التالي:

مجالس

هل تذكر المجالس التي أقيمت قديماً في رمضان؟

كانت المجالس منتشرة في رمضان بشكل كبير، وكان أفراد من ثمانية إلى عشرة بيوت يتجمعون في مجلس واحد، وكل شخص يحضر وجبة معينة من بيته، وإذا كانت هناك براحة أو عريش أمام بيت أحدهم يقوم بتقديم دعوات للمارة وكلهم من أهل البلاد، كما أن الحريم يتجمعن في غرفة أو مجلس وكل واحدة تجلب فطورها، ويخرج الرجال إلى الصلاة، أما النساء فيذهبن إلى الصلاة في بيوتهن، وبعض المجالس تبدأ من بعد التراويح، وفي العيد يخرجون من المصلى، وتقدم لهم دعوات إلى القهوة.

شعر ومرويات

ما أشهر الأسماء التي كانت تقيم هذه المجالس؟

لا أذكر الأسماء فقد كنت صغيراً وقتها، لكن أذكر بيت والدي حمد بن سليمان، فهذا المجلس كان مختصاً بالشعراء فقط، وفي الأيام التي يكون فيها البحر مضطرباً «خب» والرياح شديدة يجلسون في المجلس وقت العصر، ويقرأون كتب سيرة بني هلال والزير سالم، والفروسية، وعنترة بن شداد.

وأحياناً تجتمع النسوة أو الرجال عند العريش ويقولون «الحزاوي والخراريف» والقصص، ونستمع لقصص جحا وأبو نواس، وغيرها من طرائف التراث العربي ونوادره.

وفي هذا المجلس كنت صغيراً، وكنت أستمع له كي أتعلم من الشعراء، وفي بداية الستينيات قلّت المجالس، بسبب هجرة الرجال طلباً للرزق، فكانوا يذهبون إلى السعودية والكويت واليمن وعدن وزنجبار لطلب الرزق، خاصة مع ظهور البترول في السعودية، وبعد حكم الشيخ زايد عادت المجالس، وعاد الاهتمام بالتراث، لأن الإماراتيين لم يضطروا إلى السفر خارج البلد للعمل، ولأن الشيخ زايد كان مشجعاً ومهتماً بالتراث.

وقد كانت مجالس النساء تختلف في أحاديثها عن مجالس الرجال، إذ كانت يتم فيها التطرق إلى «سوالف» تخص النساء، وقهوة ورمسة قبل إعداد السحور.

طقوس

كيف كانت طقوس الإفطار في رمضان قديماً؟

قديماً، بعض الناس كان يفطر مرة واحدة، وهناك من يفطر باللبن والرطب، ويتناول الوجبات بعد المغرب، وهناك من يتناولها بعد التراويح، مثل «الخبيص والهريس والبثيث»، وحتى في المسجد يحضرون «الهريس، والثريد، واللقيمات».

وكان المسحر يدق على طبله، ويتجول في «الفريج»، وأشهر ما كان يردده على لسانه «قوم تسحر يا نايم تسحر عشان تصبح صايم» وهكذا، وكان الناس يهدونه مالاً أو طعاماً، كل حسب استطاعته، ليلة العيد.

جد ونشاط

هل كان الناس يعملون في رمضان؟

نعم كانوا كذلك، وكانوا يذهبون إلى العمل بجد يملأهم العزم والنشاط، سواء إلى الصيد، أو صناعة أدواته مثل «الألياخ» وغيرها، لكن الغوص كان يتوقف في رمضان، لأنه مُفطّر، ومن ثم لا يجوز في فترة الصيام. وكان نظام العمل في ذلك الوقت يبدأ بعد صلاة الفجر، وفي السابق لا توجد محركات بخارية، ويعتمد أهل البحر فقط على «الميداف والشراع، ولا يذهبون بعيداً عن الشاطئ، ويعودون قبل الظهر للراحة».

جنة الصغار

متى بدأت الصيام في رمضان، وما ذكرياتكم عنه في تلك المرحلة؟

بدأت الصيام وعمري نحو 7 أو 8 سنوات، وكنت مع رفاقي في السن نفسها، وكنا نجيب حينما نسأل بأننا صائمون، وكانت تلك الفترة من أحلى الفترات وأجملها، تحفل بالكثير من الذكريات بمنزلة جنة للصغار، فكنا نلعب بعد التراويح حتى منتصف الليل، وخاصة أيام «القيظ»، إذ كل العائلات أقارب، فننام في أي بيت شئنا.

أريحية الحديث

تحتضن المجالس الرمضانية في الماضي مختلف النقاشات عن أمور الحياة، فاتحة أبواب السمر وأريحية الحديث، فكان الناس يتحدثون فيها عن حياتهم اليومية، كالبحر والسمك، وأمور الغوص، والموضوعات الاجتماعية المختلفة كالأفراح والزواج والمناسبات، كما كانت مجلساً للشعر يروى فيه الجديد من القصيد والقديم من القريض.

Email