المستقبل في حجم كف

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبح العالم قرية. لا، بل أصبح في حجم كف اليد، يمكن التجول فيه خلال دقائق، والتنقل بين مكتبات ومصادر المعرفة بلمسات تتبعها خطوات من جهاز الهاتف المحمول، والأسواق في كل بقاع الأرض نقلت واجهات عرضها إلينا، حيث نكون من خلال شاشات هواتفنا، وقوائم المطاعم صارت بين أيدينا بوجباتها الساخنة دونما حاجة لإدارة محركات سياراتنا، وكل خدمات السفر والتنقل داخل وخارج الحدود تتم في بضع دقائق بحركة أو اثنتين على الهاتف النقال، والعمليات الجراحية صارت تعبر المحيطات دون أن يغادر الأطباء مشافيهم. وصار بإمكان أقلنا خبرة في قيادة السيارات الوصول إلى وجهته في أقدم المدن وأبعد الوجهات بفضل «خرائط غوغل» ومثيلاتها. والقائمة تطول.

سرعة فائقة في اختزال المسافات الزمنية، واندفاع عصيّ على الاستيعاب في حرق المراحل، حتى وصف بعض المتابعين التغيرات والتحولات في المجتمع البشري خلال المئة عام الأخيرة بتجاوز حركة التغيير طوال العصور الماضية من عمر الإنسان. ولذلك صرنا لا نستشعر الأسبوع ولا الشهر ولا حتى السنة قياساً بحساباتها الزمنية الحقيقية. ومع ذلك لا يزال الحديث عن المستقبل سيد الموقف كلما اجتمع الناس وأصحاب الاختصاص والمخططون لبحث سبل تحسين أوضاع العالم ورفع مستوى حياة الإنسان وحفظ نعم الله على خلقه. فماذا يخبئ لنا المستقبل؟ وماذا بقي في جعبة الإنسان يدّخره للمستقبل؟

خزائن المعرفة انفتحت أمام البشر ففتحت شهيتهم للتدحرج بسرعة أكبر نحو سبر أغوار المستقبل، وأصبح التنافس في الابتكار والإبداع وكسر التوقعات هو الشغل الشاغل، والتفكير الفاعل، حتى ضاق علينا كوكبنا بما رحب، فصار سكن الفضاء وفتح الكواكب همّ يشغلنا وطموح يجذبنا.

وربما يكون كثير من هذا أحلام تراودنا إذا أخضعنا تفكيرنا لواقعنا البشري، وربما يعتبره البعض من باب الترف العلمي، ولكنه في الأصل علامة على علو الهمة وشحذ للطاقات وتنافس في الإمساك بزمام المستقبل.

ومن بيده الزمام ستكون بيده بطاقة التأهل للريادة والقيادة. وطالما كنا بعيدين ومأسورين بتدني مراتبنا بين الأمم حتى رضينا بالمؤخرة مكاناً، وارتضينا بالجلوس في مقاعد المعاقين حضارياً، واقتنعنا بمقعدنا في مؤخرة الصفوف فصرنا قصعة تداعت عليها الأمم.

اليوم من دبي تنطلق عبر القمة العالمية للحكومات الدعوة ليكون العرب والمسلمون شريكاً أصيلاً في صناعة المستقبل برؤية الإمارات العربية المتحدة وفكرها الذي بنى حاضراً مبهراً ومتيناً ليكون قاعدة صلبة للانطلاق نحو المستقبل.

 

Email