للفنون حضور خاص في النفس البشرية، تفتح شهيتها على الجمال، وتأخذنا نحو عوالم منسية، تتشكل مفاتيحها من مجموعة الخطوط والألوان وتشابكها، إلا أن الفنون التشكيلية لم تعد في العقود الأخيرة مجرد لوحة، وألوان فقط، وإنما تحولت إلى أساليب للشفاء والعلاج النفسي، ونجحت في الدخول إلى أروقة مراكز تأهيل أصحاب الهمم، التي وجدت في حضرة الفن التشكيلي ملاذاً يعين أصحاب الهمم على تجاوز التحديات.

«البيان» وعبر استطلاعها الأسبوعي، سعت إلى استكشاف مدى قدرة الفن التشكيلي على تعزيز جهود وبرامج علاج بعض فئات أصحاب الهمم، لتأتي النتائج داعمة لناحية قدرة الفن التشكيلي على تعزيز علاج أصحاب الهمم، وهو ما أكدته آراء 67 % من المستطلعين عبر الموقع الإلكتروني، في حين عارضهم الرأي 33 %، ومالت كفة نتائج الاستطلاع على تويتر، نحو الآراء التي أيدت قدرة الفن التشكيلي على تعزيز علاج أصحاب الهمم، حيث بلغت نسبتها نحو 75.8 %، مقابل 24.2 % عارضت هذا التوجه.

تطور

ولاستطلاع آراء المختصين في المجال، تواصلت «البيان» مع مريم عثمان، المدير العام لمركز راشد لأصحاب الهمم، التي قالت: «لا يمكن اعتبار العلاج بالفنون التشكيلية حديث العهد، فعلى مر التاريخ كان مستخدماً، ولكن أساليب هذا الفن تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة، واتسعت دائرة استخدامه من قبل مراكز تأهيل أصحاب الهمم بشكل عام، وذلك لما تمتلكه الفنون التشكيلية من تأثير لافت في النفس، ومساهمتها في تعديل السلوك، واكتشافه أيضاً».

وأضافت: «بالنسبة لنا، هذا التخصص موجود في المركز منذ سنوات، ولدينا متخصصين فيه، حيث يخضع الطلبة من أصحاب الهمم إلى حصص رسمية في الفنون التشكيلية، بحيث نتيح لهم مساحة واسعة للتعبير عن أنفسهم، وما يدور في أذهانهم»، وأشارت مريم إلى أن اعتماد المركز لبرنامج العلاج بالفنون التشكيلية، قد ساهم في اكتشاف مجموعة من المواهب لدى أصحاب الهمم. وقالت: «عملنا على تطوير هذه المواهب، وتنميتها من خلال إتاحة المجال أمامها للمشاركة في المعارض الفنية».

وأكدت أهمية هذا النوع من العلاج، وقالت: «أهمية هذا العلاج تكمن في قدرته على تدريب أصحاب الهمم على التمييز وطرق التعبير، بالإضافة إلى تأكيد الذات». وواصلت: «الألوان والخطوط لديها القدرة على بث الطاقة الإيجابية في نفوس أصحاب الهمم».

خيال

من جانبها، قالت الفنانة عائشة العبار، مؤسسة عائشة العبار آرت غاليري: «بتقديري أن الفن التشكيلي لديه القدرة على معالجة كل إعاقات الأطفال، كما يساهم أيضاً في علاج الأمراض النفسية، وذلك لما تمتلكه الفنون التشكيلية من بُعد خيالي واسع، وتشابك في الخطوط والألوان وحتى الأساليب، فضلاً عن ذلك، فالفنون التشكيلية على اختلاف مدارسها، تعتمد على فلسفة التنفيس عن اللاشعور، وتفريغ مشاعر القلق، كما يمكنها بث الطاقة الإيجابية في نفوس أصحاب الهمم، خصوصاً أولئك الذين يواجهون صعوبات في الحديث أو التعبير عن رغباتهم». ونوهت عائشة إلى أن العلاج بالفنون التشكيلية قادر على تمكين أصحاب الهمم، عبر تحفيز مشاعر الثقة بالنفس لديهم.