دبي تحتضن «فرانكو فيلم» وتضيء على ثقافات أفريقيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين أرجاء دبي تكثر الحكايات، تطل من بين ثنايا الأفلام، تلك التي تروي قصصاً شائقة، ولدت من رحم المجتمعات الأخرى، جل جنسياتها تعيش بسلام تحت سقف دبي.

وكذلك هو مهرجان «فرانكو فيلم» الذي يجمع في برنامجه أفلاماً مختلفة، بعضها تنطق بلسان عربي، وأخرى بلغة عاصمة النور باريس، تقدمها السفارة الفرنسية، بالتعاون مع سفارات بلجيكا وكندا ولوكسمبورغ وسويسرا، والرابطة الفرنسية في دبي وسينما عقيل، أمام عشاق الفن السابع، الذين تعودت سفنهم أن ترسو على شواطئ سينما عقيل في منطقة السركال أفنيو.

هي 9 أفلام، تقوم على 9 حكايات متباينة في شخوصها، وحبكتها ورؤيتها الإخراجية، تسلط الضوء على «موسم الثقافات الأفريقية في فرنسا»، ولكنها تشترك في وجودها في حضن «دانة الدنيا»، التي تعودت فتح قلبها قبل أبوابها أمام صناع الإبداع، فيجدون فيها ملاذاً هنيئاً، يفيض بالإنسانية.

10

مهرجان «فرانكو فيلم» أضاء أخيراً شمعته العاشرة، لينير بها درب عشاق السينما، ممن يتطلعون إلى استكشاف تنوع ثقافات أفريقيا، والتراث الإنساني المشترك، عبر مجموعة أفلام تأرجحت بين الوثائقي، والكوميديا والدراما، لتأتي تلك الإضاءة على وقع أحداث «البؤساء» للمخرج لادج لي.

والذي خرج لتوه من منافسات الأوسكار، بعد جولة ناجحة دار فيها بين أروقة «كان السينمائي»، حكاية الفيلم الجديد تنبض بالحياة، وتعكس شغف صانعه بتقديم لمحة عن طبيعة الضغوط النفسية والفروقات الاجتماعية التي يعيشها سكان الضواحي الفرنسية الفقيرة.

«البؤساء» لم يكن وحيداً في برمجة المهرجان، فقد وقف إلى جانب حكاية «ساحرة الحرب» (War Witch) التي يرويها المخرج كيم نغوين، ويصور فيها تجنيد الأطفال في حروب القارة الأفريقية، أملاً منه أن يدفع الجمهور للاهتمام بقضية تجنيد الأطفال في الحروب، من خلال قصة الطفلة «كومانا» التي تتحول إلى مقاتلة رغم عدم تجاوزها لعتبه الـ 14 من العمر، في حين تسلط المخرجة ميشا هيدنغير، عبر مشاهد فيلمها الوثائقي «المرآة الأفريقية» (African Mirror) الضوء على الواقع الأفريقي، وتحديداً واقع الكاميرون في خمسينيات القرن الماضي.

بينما يأخذنا المخرج أدولف العسال، عبر فيلمه «سواح» نحو حكايات اللجوء، ليروي لنا قصة سكآراب، وهو منسق أغان مصري، يحصل على دعوة للمشاركة في حفل موسيقي سيقام في العاصمة البلجيكية بروكسل، ولكنه يجد نفسه في لوكسمبورغ بدلاً من بلجيكا، ويقع في ورطة كبيرة بفقدانه لجواز سفره، ليظن الجميع أنه لاجئ غير شرعي.

لم تخلُ برمجة المهرجان من «النفس العربي»، الذي تمثل في فيلم «بيك نعيش» للمخرج التونسي مهدي البرصاوي، والذي يجنح في عمله نحو قضايا التسامح، والتغيير، عبر روايته لقصة أسرة صغيرة، تعترض طريقها أزمة تتكشف معها خبايا كثيرة، لتبدو تلك الأسرة تصغيراً لمجتمع كبير، يستأنس بها المخرج، ليلقي الضوء على مشكلات تونس ما بعد ثورة 2011.

لا تتوقف أفلام المهرجان عند هذا الحد، وإنما تتضمن أيضاً فيلم «سيستم كي» (System K) للمخرج رينو باريت، وكذلك فيلم «رحمة الغابة» (THE MERCY OF THE JUNGLE) للمخرجة جويل كاريكزي، وغيرها.

مزيج

بثينة كاظم، مؤسس سينما عقيل، قالت لـ«البيان»: نحتفل هذا العام بالنسخة العاشرة من المهرجان، الذي فضلنا فيه الخروج عن طابع الأفلام المحصورة فقط باللغة الفرنسية، وأن نركز على مجموعة الأفلام المعاصرة التي خرجت من قارة أفريقيا، من شمالها إلى جنوبها، بحيث نعاين من خلالها مجموعة من اللغات السينمائية المختلفة، وهذا شيء نادر في منطقتنا أن يكون هناك تركيز، بشكل أساسي على السينما الأفريقية.

وأشارت إلى أن هذا المهرجان يمنحها الفرصة لتقديم أعمال سينمائية جديدة، ومختلفة تماماً عما يعرض في الصالات. وقالت: فضلنا أن يكون هناك مزيج من كل الثقافات الأفريقية، وألا تكون مرتبطة بالفرانكوفونية بشكل أساسي، وبلا شك فإن ذلك يصب في إطار توجهاتنا في سينما عقيل، بعرض جميع أنواع الطرح السينمائي، ومنحها حقها من العرض، خاصة أن معظم هذه الأفلام تغيب عن شاشات العروض التجارية.

كما أنه يمنحنا الفرصة للاطلاع على سينما الجنوب، والحوار الأفريقي المعاصر، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن مارس الجاري، سيشهد تنظيم أسابيع سينمائية خاصة، مستوحاة من سينما المنطقة، منوهة بأن الجمهور سيكون على موعد مع أسبوع السينما السودانية مع نهاية الشهر الجاري.

Email