حساسية السير الذاتية تحول دون معالجتها في الدراما الخليجية

لطالما مثلت السير الذاتية، مصدر إلهام لصناع الدراما العربية وحتى العالمية، لما تمثله من ثراء في الأحداث التي تكشف عن بعض أسرار حياة الشخصيات، وتأثيرها على واقع بلادهم، وتاريخها، واللافت أن الدراما الخليجية لا تزال بعيدة عن هذه المنطقة، رغم أن رمضان العام الماضي قد شهد إطلالة مسلسلي «المهلب بن أبي صفرة» و«الماجدي بن ظاهر» الإماراتي واللذين مثلا نقلة نوعية فيها.

إشكالية دخول الدراما الخليجية إلى منطقة السير الذاتية، ومدى نجاحها في ذلك، شكل محور استطلاع «البيان الأسبوعي»، الذي خلصت نتائجه إلى اتفاق نحو 78% من قراء الموقع البيان الإلكتروني على أن الدراما الخليجية لم تنجح في تقديم السير الذاتية، بينما رأى نحو 22% خلاف ذلك، في حين، اتفق نحو 91% من رواد موقع «تويتر» أن الدراما الخليجية فشلت في دخول هذا الحقل، وذلك مقابل 9% قالوا إنها نجحت في ذلك، بينما جاءت نتائج موقع الفيسبوك متقاربة مع نتائج الموقع الإلكتروني و«تويتر»، حيث رأى 81% أنها لم تنجح في ذلك، مقابل 19% قالوا خلاف ذلك.

المخرج عبد الله الجنيبي، علق على النتائج بقوله: «للأسف الدراما الخليجية وقعت في السنوات الأخيرة في فخ الترفيه والذي جاء على حساب النوعية والجودة العالية، وهذا ما أبعدها عن دخول حقل السير الذاتية، على الرغم مما تتضمنه هذه الأعمال من أحداث ثرية، وبتقديري أنه يوجد لدينا في منطقة الخليج العديد من الشخصيات التي تستحق سيرها أن تتحول إلى أعمال درامية، بالنظر إلى أهمية هذه الشخصيات وتأثيرها في تاريخ المنطقة، وفي مختلف القطاعات الابداعية والأدبية والاجتماعية».

وأرجع الجنيبي عدم اهتمام صناع الدراما الخليجية بهذا الجانب إلى أسباب عدة، ذكر من بينها، أن القائمون على الدراما اتجهوا نحو منح الجمهور ما يريده من دون الانتباه لما يحتاجه من أعمال تجمع الفكر والإبداع في آن.

أبعاد

أما السيناريست محمد حسن أحمد، فقال من طرفه: «أعتقد أن طرح أعمال السير الذاتية في الخليج، أمر مهم جداً، وذلك لأسباب كثيرة، من بينها وجود العديد من السير الذاتية المهمة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والتاريخية، والشعر والأدب وغيرها، على مستوى منطقة الخليج، وحتى على مستوى الإمارات، يوجد لدينا العديد من الشخصيات التي عايشت لحظات مهمة جداً في التاريخ، مثل لحظات بناء الدولة، ولكن بالتأكيد أن هذه الأعمال تحتاج إلى حساسية عالية خاصة في منطقتنا، وتعتمد على كيفية تقديم هذه الشخصيات ومن أي ناحية، خاصة الاجتماعية منها، وإن كانت معاصرة أو قديمة، وهذه الإشكالية وتقديم النموذج في التلفزيون، سيأخذ أبعاداً كثيرة في السير الذاتية، وعلاقتها مع عائلة الشخص نفسه، وموافقتها على الطرح، وكيفيته، وذلك يحتاج إلى معاينة وموافقات».

قدم

وأشار إلى أنه يتمنى أن تبدأ الدراما الخليجية في تقديم السير الذاتية، وأن تكون قديمة للغاية، تعود إلى الوراء نحو 500 عام، حتى لا يكون هناك ارتباك أو مواجهة مع العائلة.

وأضاف: «لهذه الأسباب وغيرها فإن أعمال السير الذاتية في الخليج قليلة جداً، وان وجدت فهي تحيط بها مآخذات كثيرة، وذلك لا يعيب الفكرة نفسها، وإنما تحتاج إلى كتاب يملكون المعرفة الكاملة في هذا الموضوع، وشخصياً إذا أتيحت لي الفرصة لأن أتناول شخصية ما في الدراما، سأتناولها بشكل بحثي بهدف الوصول إلى فكرة تقديم الشخصية كما هي، بمعالجة درامية فنية، جيدة».

وتمنى حسن أن يتم في المستقبل، الاهتمام بهذا الجانب، وأن تقدم أعمال السير الذاتية لما لها أهمية في عملية توثيق للتاريخ.