فاطمة لوتاه: مفردات تعكس تقاليدنا العريقة وتبرز قيمة هويتنا الوطنية

«صون التراث الثقافي الإماراتي».. مخزون ثرّ وتأصيل نوعي

■ فعاليات وأنشطة متنوعة في الحدث ترسخ أهمية التراث | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت رعاية سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس مجلس إدارة هيئة الثقافة والفنون في دبي، تنطلق اليوم بمتحف الاتحاد فعاليات منتدى صون التراث الثقافي الإماراتي والذي جاء تحت شعار «نحو بناء القدرات المؤسسية لصون الحرف اليدوية التقليدية» من 5-6 الجاري.

ويتطلع المنتدى من خلال جلساته المتعددة إلى إبراز الثروة التراثية الثقافية الإماراتية وماهيتها وتأصيل صناعاتها المتوارثة عبر الأجيال من خلال العديد من الفعاليات والأنشطة ذات الصلة، حيث تحتل الحرف اليدوية والصناعات التقليدية مساحة واسعة من التراث الإماراتي ويعتمد فيها الصانع على مهاراته الفردية الذهنية واليدوية، باستخدام الخامات الأولية المتوافرة في البيئة الطبيعية المحلية أو الخامات الأولية المستوردة.

قيم محلية

وحول أهمية الحرف والصناعات اليدوية ومزجها بالمعاصرة، تقول فاطمة لوتاه، مدير إدارة البرامج الثقافية والتراثية في «دبي للثقافة» ل"البيان": إن تلك الصناعات التراثية المتوارثة انعكاس للقيم الإماراتية والتقاليد العريقة التي تبرز هويتنا الوطنية وانتشار ثقافتنا المحلية بكثير من الوعي لأهمية استثمارها على نطاق اقتصادي أيضاً، عبر بناء القدرات والكفاءات في هذا القطاع إلى جانب التحديات ومتطلبات النجاح كذلك.

وعلى سبيل المثال، أدركت كثير من بلدان العالم أهمية استثمار تراثها الحرفي، فعملت على إقامة آلاف الورش والمصانع.

وبالتالي خلق مئات الآلاف وربما الملايين من فرص العمل لشبابها، وفتح أسواق لتصريف منتجاتها في كل مكان، ما جعلها تتحول من دول نامية أو مستهلكة لما ينتجه غيرها، من أزياء وأثاث ومفروشات وأدوات منزلية وكافة احتياجات الحياة اليومية، إلى دول غنية من عائد تصدير منتجاتها الغزيرة من الحرف اليدوية لمختلف أنحاء العالم، إضافة إلى تعميقها للبعد الثقافي كدول ذات إرث حضاري يجعلها تقف باعتداد أمام الدول المتقدمة في عصر العولمة، بلا ميزة تنافسية غير إبداعها الشعبي.

نمط اقتصادي

وتؤكد فاطمة لوتاه أن الحرف والصناعات اليدوية تعد شكلاً من أشكال التراث الثقافي غير المادي وكانت الحرف اليدوية التقليدية أكثر اختراقاً في حياة عامة الشعب على نطاق واسع في كل المراحل التاريخية، واحتفظت البعض منها بالقيمة الفنية والعملية اللتين تحوزان الاحترام والتقدير الواسع لدى الجماهير حتى الآن غير أن التغيرات الكبيرة التي طرأت على نمط الإنتاج والحياة والتي واكبت التطور الاقتصادي الحديث والتغيرات الاجتماعية قد جعلت حماية هذا التراث الثقافي وتنميته تحدياً عصرياً شاقاً يستوجب حلولاً جذرية وخططاً استراتيجية لتفعيل دورها المجتمعي والحضاري.

غرس زايد

وتضيف لوتاه: المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عرف مبكراً بنظرته الثاقبة أن منتجات الحرف اليدوية التي كانت سائدة أصبحت لا تظهر إلا على استحياء أمام طغيان المنتجات الحديثة التي ستحيل المنتجات القديمة إلى متاحف التاريخ، ولهذا غرس المغفور له الشيخ زايد حب الاهتمام بقطاع الصناعات والحرف التقليدية وحرص على إشراك المرأة في خططه الثرية لإحياء التراث والمحافظة عليه، فافتتح مركزاً للصناعات التقليدية واليدوية القديمة عام 1978 تحت إشراف الاتحاد النسائي العام، وسارت القيادة الرشيدة على النهج نفسه، ومن هذا المنطلق يناقش المنتدى في إحدى جلساته الهامة أهمية التركيز على منظومة الحوكمة المؤسسية ودورها في صون الحرف اليدوية.

هوية إنسانية

وتشير فاطمة إلى أن هوية الإنسان المعاصر لا تكتمل إلا بتراثه سواء كان مادياً أو معنوياً؛ فهو ضرورة إنسانية، وإحدى ركائز الهوية التي من دونها يُصبح الإنسان كالريشة تتقاذفها الرياح، فالتراث بشقيه يكتسب يوماً بعد آخر أهميته من كونه مصدراً للفخر بحضارات الأجداد، وبالتالي يُعد الحفاظ على التراث والعمل على تنميته خياراً استراتيجياً للدول العربية، التي تنعم بتاريخ طويل وممتد في حضارات عظيمة أوجدت لنفسها مكانة سامية، وتقف شواهدها شامخة، منذ عصور ما قبل التاريخ وصولاً إلى أحدث الإبداعات الإنسانية، والحفاظ عليه ضرورة لها، وخصوصاً هي تنظر بأمل تستشرف آفاق المستقبل، ولهذا لزاماً عليها أن تسترجع النقاط المضيئة في ماضيها؛ لتستمد منها العون للوصول لغدٍ أفضل.

ومن المؤكد أن الحفاظ على التراث، كان، ولا يزال، نواة المفهوم الجديد للتراث العالمي الذي تضمنته اتفاقية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 التي وضعت بنودها منظمة يونسكو.

تطوير القطاع

وتضيف فاطمة: لقد توّج التعاون البناء بين دولة الإمارات ويونسكو بإنجاز استراتيجية الحفاظ على التراث الثقافي لدولة الإمارات في عام 2005، ومنذ ذلك التاريخ والتعاون مستمر، والصلات لم تنقطع.

ويعكس نجاح الإمارات في تسجيل هذه المفردات ما شهده قطاع التراث من تطور واهتمام في السنوات الأخيرة، وما بات يتميز به من منهجية عالية على مستوى الجمع والرصد والتوثيق وآليات العمل الأخرى، فضلاً عن تحوله من مجرد جهود فردية متناثرة إلى عمل مؤسساتي يتسم بالشمولية، وتتوافر له الإمكانيات المادية والخبرات البشرية المدربة، ولا يخفى ما لهذا من فوائد على الصعد كافة، لكونه بوتقة تضم تنوعاً ثقافياً بما يضمن التنمية المستدامة.

ملف ترشيح

وحول أهم المحاور التي سوف يطرحها المنتدى، تؤكد فاطمة أن هناك الكثير من المحاور الاستثنائية والتي يبرزها المنتدى وأهمها نشر التراث الإماراتي عبر رؤية إعلامية رقمية ودور المؤسسات الإعلامية إلى جانب أن استعراض ملف ترشيح تسجيل حرفة التلي في قائمة الصون العاجل لمنظمة يونسكو يستحوذ على الاهتمام ضمن خارطة عمل المنتدى، فهي من الحرف اليدوية التقليدية الأصيلة والمتوارثة في الأزياء الشعبية والتي تبرز الألوان البرّاقة والتصميمات المطرزة الجذّابة، التي انتشرت في دولة الإمارات عبر أجيالٍ عديدةٍ.

وكانت هذه الحرفة تُستخدم لتزيين مختلف أنواع ثياب النساء، بدايةً من فساتين الزفاف والملابس الرسمية وحتى الملابس العادية.

5 أيام في «آي تي بي برلين»

أعلنت هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، عن عزمها المشاركة في معرض «آي تي بي برلين»، الذي يقام في مدينة برلين الألمانية خلال الفترة من 6 إلى 10 الجاري.

وتشارك «دبي للثقافة» في هذا الحدث بالتعاون مع دائرة السياحة والتسويق التجاري. وعلى مدى خمسة أيام، ستقوم الهيئة بتسليط الضوء على العديد من الأنشطة الفنية والفعاليات الثقافية والمبادرات التراثية التي تتبناها لخدمة عدد من القطاعات، إلى جانب عرض سلسلة من المبادرات المبتكرة التي تطلقها بانتظام، إسهاماً منها في تعزيز المشهد الإبداعي المتنامي في الإمارة.

وقال سعيد النابودة، المدير العام بالإنابة لهيئة الثقافة والفنون في دبي: «تأتي مشاركتنا في هذا المعرض الذي يعدّ أكبر معرض تجاري للسفر والسياحة في العالم تحت مظلة جناح دبي، انطلاقاً من مهمتنا الهادفة إلى الترويج لدبي بوصفها مدينة عالمية ومبدعة ومستدامة للثقافة والتراث والفنون والآداب، والعمل على تعزيز هذه القطاعات على المستويات كافة.

وسنعمل مع شركائنا لترسيخ مكانتها على قائمة الوجهات الثقافية والسياحية الرئيسية حول العالم.

إن أجندتنا السنوية تركز على تفعيل مشاركتنا في المعارض الدولية الكبيرة، لدعم استراتيجية القوة الناعمة لدولة الإمارات من خلال برامج تحمل أبعاداً إقليمية ودولية.

لقد ارتأينا في معرض (آي تي بي برلين) منصة فريدة وقيّمة لنا لتكامل أدوارنا مع المؤسسات الحكومية الأخرى، للعمل سوياً على تعزيز السياحة الثقافية في دبي، والإسهام في تنويع اقتصاد الإمارة من خلال الصناعات الثقافية والإبداعية».

وسيمثل دبي للثقافة وفدٌ برئاسة رفيعة السويدي مدير مكتب العلاقات الدولية في الهيئة.

Email