القوالب الجديدة للبرامج الثقافية مفتاح حضورها المؤثر في رمضان

السباق الرمضاني المحموم في ما يبث عبر شاشات التلفزة خلال الشهر الفضيل لم يقتصر على الدراما، بل دخلت المنافسة البرامج التلفزيونية الحوارية والثقافية تحديداً في هذا السباق، فبرز عدد من البرامج الحوارية عبر الشاشات العربية وحظيت بنسب مشاهدة عالية، حيث يتم استضافة العديد من الشخصيات الهامة والبارزة لتستقطب المشاهدين، بعيداً عن الفكر السائد والمتداول بأن البرامج في رمضان تقتصر على برامج المسابقات أوعلى البرامج الترفيهية.

وقد استطلعت «البيان»، آراء أفراد الجمهور حول المسألة، من خلال سؤال: هل ترى أن شهر رمضان مناسب لعرض البرامج الحوارية والثقافية؟ إذ أكدت النسبة الغالبة أنها لا تجد البرامج الثقافية والحوارية مهمة ومناسبة في شهر رمضان، حيث كانت نسبة إجابات المتابعين على فيسبوك بأنها مناسبة 33% بينما أجاب 67% بلا، وعلى تويتر 49% نعم و51% لا.. وأخيراً على موقع «البيان الإلكتروني»: 46% نعم و54% لا. وهو ما يدل، حسب المتخصصين على الحاجة المثلى لتجديد قوالب ومضامين هذه النوعية من البرامج، كي تغدو ذات شعبية وحضور مؤثرين في الموسم الرمضاني.

فروقات

يقول الكاتب والإعلامي علي عبيد الهاملي، مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام: الفرق بين نسبة الموافقين والمعارضين فاجأني شخصياً، فالحقيقة أنني كنت أتوقع أن يكون هذا الفرق كبيراً بين المعارضين والموافقين لصالح المعارضين بطبيعة الحال، نظراً لأننا عودنا مشاهدينا على مدى عقود أن شهر رمضان هو شهر المسلسلات والمسابقات والبرامج الترفيهية فقط، وألغينا كل ما يخاطب العقل، اللهم إلا بعض البرامج الدينية من باب الحياء من الشهر الفضيل وروحانيته ليس إلا، إلى درجة أن القنوات قلصت حتى المسلسلات التاريخية العظيمة التي كنا نشاهدها إبان الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

هذه الثقافة التي زرعناها لدى المشاهدين هي التي جعلت أغلبهم لا يتصور أن يشاهد برنامجاً جاداً خلال هذا الشهر، وتندرج تحت هذا العنوان البرامج الثقافية والحوارية التي أغلبها سياسي أو فكري، لذلك تتراجع نسبة مشاهدة القنوات الإخبارية خلال هذا الشهر، إلا إذا كان هناك حدث بالغ الأهمية يستقطب اهتمام الناس ومتابعتهم.

أشكال وقوالب

وأضاف علي عبيد الهاملي، في رأيي أن العيب ليس في مادة البرامج الثقافية والحوارية، وإنما في القالب الذي تُقدَّم من خلاله، ولو استطعنا أن نقدم هذه المواد في قالب مشوق وجذاب، فإننا سنستطيع أن نجذب المشاهدين ونستقطب اهتمامهم.

وأضرب مثالاً على ذلك برامج المسابقات التراثية، مثل «السنيار» و«المندوس» على قناة سما دبي، «الشارة» على قناة أبوظبي، و«النيشان» على تلفزيون الشارقة، وغيرها من البرامج التي تقدمها القنوات الأخرى، وقد كان أول هذه البرامج وصاحب الامتياز والريادة فيها برنامج «مسابقات في حياة الأمس» الذي قدمه تلفزيون أبوظبي في تسعينيات القرن الماضي، وحظي بدعم وتشجيع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وزيارته لموقع تصوير البرنامج أكثر من مرة، وقد حقق نسبة مشاهدة فاقت نسب مشاهدة كل المسلسلات وقتها، فقد استطاعت نوعية هذه البرامج أن تستقطب المشاهدين رغم أنها تقدم مادة ثقافية تراثية، لأنها قدمت هذه المادة في قالب جميل وجذاب، علاوة على الجوائز التي تقدَّم للمشاركين فيها. وأضاف: هذا المثال يجعلنا نعيد النظر في مفهوم البرنامج الثقافي، فليس شرطاً أن يكون هذا البرنامج مقابلة مع شاعر أو حواراً جامداً مع كاتب أو مفكر.

وعلى هذا يمكن أن نقيس البرامج الحوارية والثقافية الأخرى، أيّاً كان نوعها، لأن المشاهد ذكي ومثقف، مهما حاولت شركات الإعلان أن تقنعنا بأنه يلغي عقله وثقافته في هذا الشهر الفضيل، فليس كل ما تقوله هذه الشركات صحيحاً، وليس كل ما يعتقده القائمون على القنوات التلفزيونية قالباً جامداً لا يمكن كسره أو تغييره.

دور

وقالت لولوة المنصوري، الكاتبة والروائية الإماراتية: لا شك في أن البرامج الثقافية الواعية في رمضان لها دور بارز في مواجهة الخواء الفكري الذي تزرعه البرامج الهزلية والرتيبة الأخرى المطروحة في هذا الشهر الكريم، ولعل رمضان فرصة لتقديم الأنشطة والبرامج التي تحرص على المحافظة على الثقافة والفنون الوطنية وتأصيل القيم الروحية والإنسانية النبيلة، التي تسهم في إيجاد الشخصية المثقفة القادرة على بذر العطاء والمحبة والتسامح.

وأضافت لولوة المنصوري: المشاهد العربي بأمسّ الحاجة في رمضان للبرامج المبتكرة التي تزرع الثقافة وبذرة المعايشة الحية للقيم والأخلاق والآداب والتلقائية لأمور الحياة، وهذه البرامج منوط بها أهل الثقافة والفكر والاستنارة ويحمل لواءها أشخاص مثقفون ومبدعون أخذوا على عاتقهم تثقيف المجتمع ومحبته.

وتابعت: في هذا الصدد أشيد بالبرنامج الثقافي (الثلاثون الخطرة) الذي يقدمه الناقد والإعلامي الإماراتي الدكتور علي بن تميم على قناة أبوظبي.

الأكثر مشاركة