لكل موسم وجبة ويتميز تحضيرها في المناسبات بالمودة والتعاون

الأكلات الشعبية في الإمارات عادات تعكس روح الكرم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتميز المطبخ الإماراتي منذ قديم الأزل بآداب وطقوس في تناول وإعداد الطعام، تلك الطقوس التي غلب عليها طابع الكرم العربي الأصيل، ولا سيما عند استقبال الضيف وإعداد الولائم الخاصة بالمناسبات والأعراس، التي تتميز بالطابع الاجتماعي وروح المودة والتعاون بين أبناء الحي الواحد.

آداب الضيافة

الشيف حنان صالح الدولة، المتخصصة بالأكلات الشعبية، حول هذا الموضوع، قالت إن كلمة «إتيكيت» لم تكن واردة ضمن الثقافة التراثية في الماضي، بل كان هناك ما يعرف بآداب تقديم الطعام وكان المجتمع الإماراتي يتميز بطابع الكرم بالضيافة، المتمثلة في طريقة تقديم القهوة والولائم المقدمة للضيف، وحفاوة الترحيب والاستقبال، وتقول: استقبال الضيف في السابق كان يعتمد على طقوس معينة اشتهرت بها دولة الإمارات، والتي تبدأ باستقبال الضيف والترحيب به، وتقديم الضيافة المتمثلة بالقهوة العربية والتمر، وبعدها يتم تقديم الطعام على حسب وقت الزيارة، فإذا جاء الضيف في الفترة الصباحية يتم دعوته إلى تناول وجبة الريوق ويقدم له الجامي مع السمن العربي والخبز والدانجو والباجيلا، وفي فترة الظهيرة لا يأتي الضيف عادةً إلا بدعوة إلى الغداء، ويتم ذبح الذبائح من الكبش أو الماعز وتطهو عليها «العيش واللحم» والهريس عدا عن السمك الذي يتميز به أهل البحر. وفي فترة المساء، يقدم للضيف الثريد وخبز الرقاق مع الشاي الأحمر، وحليب الجمل «البوش».

وتقول المتخصصة بالأكلات الشعبية إن الضيف عادة يأتي في فترتي الضحى وما بعد صلاة العصر، ويقدم له الضيافة التي تتضمن الشاي والدانجو والعصيد والخبيص، وخبز «الجبات».

وثمة طرق وأساليب تقدم بها الضيافة، وتقول الدولة: «تقدم أطباق الضيافة في صياني مصنوعة من الألمنيوم، وكانت البركة في اللمة، فلم يكن هناك أطباق خاصة بكل فرد، بل الجميع يأكل من نفس الطبق، وكانت هناك مشاركة بين نساء الحي الواحد لاستقبال الضيف، فعندما يأتي ضيف إلى منزل معين، تجتمع النسوة من الجيران والأهل وتأتي كل واحدة منهن بطبق من الضيافة، ويستقبلن الضيف عند وصوله، لقد كان هناك حب ومودة وكان الرزق فيه البركة، حتى إن النساء كن ينتظرن حضور الضيف بشغف، وما زالت هذه العادات سائدة في الإمارات الشمالية». وبعد تناول الطعام يقدم للضيف صحن «طاسة» وهي عبارة عن ماء لغسل اليدين، ويتم تنشيف اليدين بـ«الوزار» بالنسبة للرجال، والشيلة بالنسبة للنساء.

مائدة الأسرة

حول إتيكيت تناول الطعام في الأسرة الواحدة، تقول الدولة: من المعروف عن الأسر الإماراتية في الماضي أنها من الأسر الممتدة، وكانت تعتمد على موعد محدد لتناول الوجبات الثلاث، حيث يجتمع رب الأسرة بأفراد الأسرة على سفرة واحدة، بحيث يكون رب الأسرة هو القائم على رأس سفرة الطعام، وبعدها تبدأ الزوجة والأبناء بتناول الطعام، وكانوا يتبادلون أطراف الحديث ويقدم الأب النصائح والتوجيهات لأبنائه.

ووجبة الريوق يتم تناولها بعد صلاة الفجر حيث يستعد رب الأسرة لكسب الرزق، وكانت الأم تخبز القرص وتقدم الدانجو والباجيلا وتطبخ البلاليط.

أما وجبة الغداء فكانت بعد صلاة الظهر وتتضمن الفريد والأرز واللحم والسمك إذا توافر، بالإضافة إلى طبق السلطة العربية التي تشمل الجرجير والبصل الأبيض والليمون، ووجبة العشاء كانت بعد صلاة العشاء، وتشمل اللبن والتمر والأرز المضروب مع اللبن ويسمى عرصية.

وتشير حنان الدولة إلى أن الأسر في الماضي كانوا يفرشون الحصير ويضعون الأكل على السرود التي تسمى في وقتنا الحاضر السفرة والمكبّ أو المكبّة المصنوع من نوع خاص من خوص النخيل، وتغطى به الفوالة أو صينية الطعام لحفظ ما فيها من الحشرات.

أما طريقة سكب الطعام في الماضي فكانت تتم عن طريق المغرافة أو الصحن إذا كانت كمية الأرز كبيرة، وكان يتم تناول الطعام عن طريق اليد الواحدة، أما الهريس فيؤكل باستخدام إصبعين أو ثلاثة أصابع، وكانت اللقيمات يتم غمسها بدبس التمر وتؤكل باليد الواحدة.

إعداد الولائم

ولم يكن في الماضي الغابر ثمة طباخين أو مطابخ لتقدم الطعام المقدم في الأعراس والمناسبات، وكان إعداد الولائم يتم من خلال مشاركة الجيران، وتوضح الدولة: كان أهالي الحي الواحد يشاركون أهل العريس إعداد الولائم، وكانوا يذبحون «الكبش» ويطبخون عليه الهريس والبرياني والعيش واللحم، وكانت النسوة يعملن على إعداد الحلويات التي تشتهر بها دولة الإمارات، كالخبيص والساقو، القروص «اللقيمات حالياً» والعصيد و«بثيث اليقط»، وكانت تقدم في الأعراس مشروب «النامليت». وعند تقديم الطعام كان الرجال يبدؤون بتناول الطعام، وبعدها النساء مع الأطفال.

وتتميز الطبيعة الإماراتية بأنواع من الفواكه التي كانت تقدم للضيوف وفي المناسبات، ومنها؛ اللوز، الموز، التفاح، البرتقال، المانجو، وكانت تقدم مع الأكل.

آداب القهوة

وتشير الدولة إلى أن لضيافة صب القهوة آداباً، تتمثل في مسك الدلة باليد اليسرى والفناجين في اليد اليمنى، وتقول: عند صب القهوة لا بد من ملء الفنجان للربع، وعند ملء الفنجان لأكثر من الربع فهي رسالة تدل على أن الضيف غير مرحب به وعليه مغادرة المكان، وعند هز الضيف الفنجان فهذا يعني أن الضيف اكتفى من القهوة، ويبدأ المضيف بتوزيع صب القهوة على الضيوف بالشخص الأكبر سناً والأعلى قدراً، من جهة اليمين إلى اليسار.

 

راعية الدلة والسنع

عائشة الدهماني (أم ناصر) المتخصصة بالشؤون التراثية، قالت عن عادات الأكل الشعبية، في فترة ما قبل الخمسينيات من القرن الماضي كان أهالي دولة الإمارات يستخدمون الأواني المستخدمة من المعدن والتنك، وكان الطعام يتم وضعه في صينية نحاسية، وكذلك هو الأمر بالنسبة لفناجين ودلة القهوة المصنوعة من التنك، وفي فترة الستينيات ظهر فنجان «النخلة» وفنجان «الجمل»، وكان الهريس يطبح في «جدر» يسمى «البرمة» التي يتم وضعها في «التنور» المصنوع من الفخار، وكذلك هو الأمر بالنسبة لـ«الجامي»، واشتهر أهالي دولة الإمارات بتزيين البرياني والعيش واللحم بالزبيب والبيض.

وأشارت أم ناصر إلى أن بعض القبائل في القرى النائية ما زالوا يحافظون على هذه العادات والتقاليد، ولا سيما في ما يتعلق بقيام الفتيات الصغيرات بضيافة الضيف وصب القهوة بالطريقة التقليدية المتوارثة، كراعية للدلة والسنع.

Email