أبطالها باعة متجولون يجوبون «سكيك الفريج»

«الليلام»..سوق النساء في زمن البساطة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«ليلام..ليلام..ليلام» من منا لا يذكر هذه العبارة الشهيرة التي ارتبطت بالبائع المتجول في زمن البساطة، لرجل كان يحمل على ظهره بضاعته في «صرة» أو «البقشة» يجوب بها الأحياء ويطرق على أبواب المنازل وهو ينادي بأعلى صوت ليتهافت عليه الصبية والأطفال، كلٌ يسعى لاصطحابه إلى منزل ذويه فرحين متشوقين لمعرفة ما تخفيه «البقشة» من أدوات وبضاعة.

الباحث والمؤرخ حمد سلطان البدواوي قال إن الباعة المتجولين أو ما يطلق عليهم في الماضي اسم «الليلام» ظهروا في فترة الستينيات وحتى فترة التسعينيات من القرن الماضي، وانقسمت فترة ظهورهم إلى مرحلتين مرحلة ما قبل الاتحاد، حيث كان الباعة المتجولون من الرجال والنساء يأتون في كل 6 شهور إلى الدولة قادمين من باكستان وإيران وبلوشستان، ويمكثون في الأحياء لمدة 10 أيام، حاملين معهم بضائع منوعة، حيث كان الرجال يأتون بالأواني ومعدات الزراعة والري، كما كانوا يبيعون الماء الصالح للشرب، ويصلحون الأدوات الحديدية المستخدمة في الزراعة، أما النساء فكن يبعن الملابس والعطور والأعشاب.

وأضاف البدواوي «في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، شهدت ظاهرة الباعة المتجولين تحولاً كبيراً في المنطقة، ومع إدخال وسائل النقل والمواصلات، وظهور بوادر التطور الحضاري في الدولة، أصبح وصول الليلام أكثر سهولة إلى الدولة قادماً من ميناء دبي، واقتصرت هذه المهنة على الرجال، الذين يأتون ببضاعة، عبارة عن ملابس لجميع أفراد الأسرة، يحملها «الليلام» على ظهره أو رأسه ويلفها بضاعته بقطعة قماش كبيرة تسمى «صرة»، ويتجول في الأحياء، وهو ينادي بصوت جهوري «ليلام ليلام ليلام». وعندما يلمح الصبية وصوله إلى الحي يهرولون بسرعة إلى منازلهم ليبلغوا عن وصول الليلام إلى الحي».

ويضيف البداواوي: «في منزل كل حي كان الليلام يفرش بضاعته بناءً على اختيار النساء، حيث تأتي النسوة والأطفال لاختيار ما يشتهون من البضاعة، وكانت بعض الأمهات يوصين الليلام ببضاعة معينة يحضرها لهم في الزيارة المقبلة».

ويشير البدواوي إلى أن الليلام في الماضي القديم كان يأتي إلى الدولة عن طريق ساحل عمان ومنها إلى مناطق دبي، وبعد تدشين ميناء دبي أصبح قدوم الليلام إلى الإمارات أكثر يسراً وسهولة، لاسيما من ناحية كمية البضاعة.

ويشير البدواوي إلى أن النساء في الماضي كن يعتمدن على طريقة مقايضة الباعة المتجولين على سعر البضاعة، فإذا طلب «الليلام» على سبيل المثال عشر دراهم على قطعة معينة كن يطلبن 5 دراهم وعندها كان الليلام يوافق دون تردد، وكانت النسوة يوصين الليلام على بضاعة ليحضرها لهن في الزيارة المقبلة دون أن يدفعن له عربون مقدماً، إذ كانت بينهما ثقة متبادلة».

وأوضح البدواوي إلى أن الليلام عرف عنه بأنه شخص محترم وحشيم، لم يحصل وأن افتعل مشكلة مع أهل الحي أو سرق منهم أي شيء، بل كان شخصاً مهذباً قريباً من الجميع.

ويشار إلى أن ظاهرة الليلام بدأت بالاندثار في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، في ظل انتشار وسائل النقل.معنى «الليلام»

وأوضح الباحث التراثي فهد المعمري أن اسم «الليلام» لا يرمز لمعنى معين، بل هي مجرد كلمة كان يرددها البائع المتجول بين «السكيك القديمة» ليعلم الناس بوصوله، وطريقة ندائه كانت تشبه نداء «المسحراتي» في شهر رمضان، وأضاف: «لقد كانت ظاهرة الليلام في الماضي منتشرة بكثرة في المجتمع الإماراتي، وكانت النسوة يعتمدن عليه في جميع مقتنياتهن، ورغم اندثار هذه الظاهرة، إلا أنها ما زالت موجودة في بعض المناطق القبلية بنسبة 1%».

وعن تدوين هذه الظاهرة في الكتب التراثية في الإمارات، قال المعمري: «من خلال اطلاعي واهتمامي بالتراث الإماراتي وزيارتي لعدد كبير من المعارض، لم أشهد أي كتاب كتب عن هذه الظاهرة أو كتب جزءاً من تاريخها الذي ارتبط بمجتمع الإمارات، ورغم اندثار هذه الظاهرة إلا أن المجتمع الإماراتي مازال يحتفظ بذاكرته هذه الظاهرة الاجتماعية الجميلة».

Email