تضم معالم تعود إلى 5 آلاف عام قبل الميلاد

وادي الحلو قصيدة الطبيعة والآثار العريقة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في منطقة وادي الحلو تلك القرية الصغيرة الجميلة التي تتبع إمارة الشارقة، وتقع في منطقة تحتضن الجبال والرمال والطبيعة الخلابة بين مدينة كلباء وحتا، ما جعل منها قصيدة عذبة أبدعتها الطبيعة، التي أنجبت مجموعة من أشهر الشعراء في الإمارات، فيقف في الوادي الشعر جنباً إلى جنب مع جمال المكان، إضافة إلى التاريخ، حيث توجد في المنطقة بعض أبرز المعالم الأثرية، وتحتفظ برسومات أشارت إليها بعض البعثات الخاصة بالتاريخ، أنها تعود إلى حقب تمتد إلى 5 آلاف عام قبل الميلاد، كما بينت الدراسات عمليات تعدين للنحاس في المنطقة، التي ظلت إلى وقت قريب من أهم مقالع «الصخام».

حديث الذكريات

التقينا بأهالي منطقة وادي الحلو، وكانت البداية مع خميس بن سعيد المزروعي، الذي تحدث عن المنطقة، فقال: «منذ مئات السنين وآباؤنا وأجدادنا قطنوا وادي الحلو، فتعتبر المنطقة هي موطن قبيلة المزروعي، وشهدت المنطقة العديد من الأحداث وكانت شاهدة على مرحلة التطور الذي تعيشه الدولة، ففي الزمن الغابر كان مصدر العيش الوحيد مقتصراً على الزراعة ورعاية الأغنام، كما كنا نعتمد على تجارة «الصخام» (الفحم)، فبعد إخماد نيران الفحم ورمي التراب عليه، نحافظ عليه عن طريق طمرها بالتراب وبعدها ننقلها للساحل الشرقي، ونبيعها للتجار بنظام المقايضة، وتكون مقابل المواد الغذائية والاستهلاكية».

بعد قيام الاتحاد التحق الوالد خميس بن سعيد المزروعي بمدرسة «سيف اليعربي» في منطقة كلباء في سبعينيات القرن الماضي، وبعدها تم افتتاح مدرسة «المنيعي الثانوية للبنين» في منطقة وادي الحلو، يقول والي المنطقة: «كنا نبحث عن العلم اينما وجد، وفي الصغير كنت أتلقى العلم كحال أهل المنطقة عند «المطوع» وكنا نحفظ من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة عن طريق محفظ يأتي من سلطنة عُمان إلى المنطقة، بالإضافة إلى مطاوعة المساجد، حيث لم يكن هناك مبنى للمسجد وكانت عبارة عن مساحة خالية بها أشجار تمنحنا الظل، وبعد قيام الاتحاد تم تطوير المنطقة وإنشاء المدارس».

بيئة

وقد استوطنت قبيلة المزروعي في المنطقة منذ مئات السنين، ومازالت محافظة على العادات والتقاليد والطقوس القديمة بكافة حذافيرها، فسكان المنطقة لا يتعودون الـ 630 نسمة مكونة من 50 أسرة تفرعت منها 36 أسرة مصغرة، ويقطنون في 124 مسكناً شعبياً ضمن 4 شعبيات رئيسية، وقد أفرزت منطقة وادي الحلو مجموعة من الشعراء المتميزين، الذين أستلهموا قصائدهم من تلك البيئة الجبلية ذات الطبيعة الخلابة والأماكن الأثرية.

وباتت أشعارهم مصدراً مهماً لتاريخ هذه المنطقة، وما مر بها من أحداث، وتعكس عادات أهل البلاد وأخلاقهم العربية الأصيلة وتقاليدهم الإسلامية الرفيعة، ومن أشهر شعراء المنطقة؛ الشاعر سعيد سالم الدهماني، سالم بن عبد الله الكندي، سعيد خميس حسن المزرعي، وسالم سعيد الدهمانى.

عذب القصيد

وأكد الشاعر سعيد خميس المزروعي، الذي أبحر في عالم الشعر الشعبي في السبعينيات من القرن الماضي، أن القصائد الشعرية كانت تستخدم في المناسبات، فيتم إلقاء أعذب أنواع الشعر والرزيف والشلة، وغيرها من الألوان الفنية التي تعبر عن الولاء للوطن والحاكم، إضافة إلى الرثاء والشكر والثناء، وقد أنتجت المنطقة ألواناً منها.

وألقى الشاعر المزروعي أبياتاً شعرية شعبية تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وهي للشاعر جمعة محمد سعيد المحرزي، قالها عند هطول الأمطار وامتلاء السدود والوديان بالمياه الجارية، وقال فيها:

مزنه نشت على رأس شعبة سيلا

ون الرعد فيها وبرق مخبله الهبال

ومن زود سيله تشيبو العقالي

وادي الحلو قدر عليه وسالي

ووصف يوسف خميس المزروعي أحد أبناء منطقة وادي الحلو ومهتم بالشعر الشعبي، أهمية الشعر الشعبي في الماضي، وقال: «كانت الكلمة الشعرية في السابق تستخدم في توصيل الرسائل والمعلومات والأخبار من لسان الشاعر إلى المناطق الأخرى في المنطقة، حيث كان الشاعر يتنقل من منطقة إلى أخرى ويقدم من خلالها علوم الدار».

وأشار يوسف المزروعي أن اللهجة المحلية هي التي تغلب على القصائد الشعرية، وأن القصائد الشعرية تستخدم للأغراض الوطنية والرثاء والشكر والثناء، بعيداً عن استخدام القصائد الغزلية. وحالياً تلقي بعض الفتيات الإماراتيات قصائد آبائهن وأجدادهن في المكتبة العامة في وادي الحلو.

الحياة الاجتماعية

وأكد يوسف المزروعي أن الترابط الأسري مازال قوياً في المنطقة، ويظهر ذلك جلياً عند غياب صاحب الأسرة، حيث يتم تقديم الخدمة لأسرته دون أي مقابل، وتعتبر هذه العادة هي موروث متأصل في أبناء المنطقة من الكبير وإلى أصغر شخص فيها.

وأضاف: «لم أفكر أبداً أن أغادر المنطقة وأنتقل للمدن الأخرى، فإذا كان آباؤنا الأولون تحملوا مشقة الحياة من أجل البقاء في هذه المنطقة، فنحن اليوم نكمل مسيرتهم ونعاهدهم على الحفاظ على هذا الإرث العظيم».

وتحتوي منطقة وادي الحلو على مكتبة، كما تضم 3 مدارس، إضافة إلى نادي سيدات وادي الحلو ومركز الطفل، عدا عن الحدائق، التي تتميز بمساحات خضراء، إضافة إلى مركز صحي.

مهن

الوالد خميس المزروعي، وهو يتحدث عن مهن الماضي قال إن النساء كن يعملن على رعاية الأغنام، ومتابعة الحيوانات الأليفة كالأبقار وغيرها، كما يمتهن بعض الحرف اليدوية كالغزل «التلي» لتزيين ملابس النساء. ومن أشهر أنواع المنتجات الزراعية التي تشتهر بها المنطقة، هي: التمور والحمضيات مثل الليمون والسفرجل، وبعض المنتجات كالزيتون والمانجو بشكل ضئيل.

Email