في صباح برليني بارد، ليس هناك أفضل من السينما والأدب لكي يشعلا القلب، ويحلّقا بالخيال، جامحاً ومغتبطاً. «برلين السينمائي» ليس كأي مهرجان، ورسوخه، ليس بعمره المديد، وتاريخه الذي هو جزء من أرشيف عالم السينما على هذا الكوكب، وإنما هو برقيّه.

ليس هناك أرقى من مهرجان يأخذ على عاتقه إعلاء شأن الكاتب، وفتح الأبواب أمامه، فلا تظل الأضواء مسلطة على ممثل أو مخرج، بينما يضيع أصحاب الكلمة التي تبني الصورة، في الزوايا المعتمة.

روايات مختارة

في الطريق إلى حضور فعالية «الكتب في مهرجان برلين» التي تعرض فيها مجموعة من الروايات المختارة من بين العشرات، أمام منتجين من مختلف دول العالم، راغبين في خوض مغامرة تحويل الروايات الأدبية إلى السينما، كانت أسماء عربية كثيرة تتداعى إلى رأسي. أسماء لكتّاب روايات أبدعوا في الأدب، وأقرانهم من المخرجين الذين نقلوا رواياتهم إلى الشاشة السينمائية.

في مصر، تحديداً، مركز الصناعة السينمائية في العالم العربي، كان عقدا الخمسينيات والستينيات، تحديداً، فترة خصبة لنقل روايات حائز نوبل نجيب محفوظ إلى السينما. «مخرج الروائع» حسن الإمام كان أكثر المستفيدين، والماهرين في التعامل مع النبض الإبداعي لصاحب «أولاد حارتنا»: ثمة «الثلاثية» و«زقاق المدق» وغيرها.

كمال الشيخ وحسين كمال وبركات وصلاح أبو سيف وعز الدين ذو الفقار وغيرهم هم من المخرجين الذين تابعوا بشغف أوراق يوسف السباعي ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم وطه حسين وإحسان عبد القدوس. خارج مصر، ثمة محاولات خجولة في المغرب العربي ولبنان وسوريا استندت إلى الأدب لتصنع منه أفلاماً.

أين مصر، أين المغرب العربي، أين روايات العرب؟ «معرض فرانكفورت للكتاب» الذي أسهم في ترشيح الأعمال التي انتقى منها «البرلينالي» ما يعرضه على المنتجين، اقتصرت الروايات التي اختارها على دول مثل بريطانيا وهولندا وتركيا وفرنسا وبالطبع ألمانيا.

بالرغم من أن «فرانكفورت للكتاب" ليس بعيداً جداً عن منطقتنا، إذ هو شريك منذ سنوات مع «أبوظبي للكتاب»، إلا أن هذا القرب لا يبدو أنه يثمر جيداً حين يتعلق الأمر بــ«دفش» الإبداع العربي على المنصات العالمية!

يغيب الكتاب العربي، كما يغيب الفيلم العربي الروائي الكبير، عن «برلين السينمائي»، كما هي الحال منذ زمن بعيد. المسؤولية مشتركة بين الترفع الغربي والكسل العربي، ولا يجوز ذم واحدة ومدح أخرى.

أدب الشاشة

11 كتاباً معروضة اليوم أمام المنتجين، الخبراء في نقل الأدب إلى الشاشة، أو المبتدئين الراغبين في خوض هذه المغامرة. تم انتقاؤها من أصل 120 كتاباً تنتمي إلى 25 دولة.

البعض من هذه الكتب يندرج في خانة «الأكثر مبيعاً»، يأتي ومعه هذه الدعاية الذاتية التي قد تجعله أكثر بريقاً بالنسبة إلى المنتجين. البعض الآخر حديث النشر، وهناك ما أتى به الناشرون، أو ما أتت به وكالات عملها الترويج للكتب في هذه الفعالية.

«هل هذه الكتب التي نراها الآن مرصوفة على الطاولة هي أفلام المستقبل؟»، يقول طانوس كاريكوس، مدير مساعد لمهرجان سينمائي في اليونان.

الإنتاج المشترك

ربما، فجولة سريعة على موضوعات الكتب، تبيّن درجة التشويق فيها التي تصلح بالتأكيد لتشكيل «قماشة سينمائية». من جهتها تقول Sonja Heinen، مديرة سوق «الإنتاج المشترك» في المهرجان «لدينا هنا ما يناسب كل منتج. بالطبع، كان اهتمامنا منصبّاً على الروايات التي تحمل أفكاراً تصلح لكي تجسّد على الشاشة». 

لائحة

لائحة الكتب التي تم اختيارها هذا العام لكي تعرض على المنتجين هي:

«المتأخر» للكاتب Dimitri Verhulst من هولندا.

«دعم» للكاتب Paul Colize من فرنسا.

«من إنتاج كيم جونغ الثاني» لـPaul Fischer من بريطانيا.

«ميلاني» لـ Carel Donck من هولندا.

«حالة إدوارد أينشتاين» للكاتب Laurent Seksik من فرنسا.

«لا خوف في هذا المكان» لـMonika Held من ألمانيا

«الحب، أحبني، رجاء» للكاتبة Eve White Literary Agency من بريطانيا.

«المزيد» للكاتب Hakan Günday من تركيا.

ا21 متراً» لـAndi Rogenhagen من ألمانيا.

«ابنة الأزهار» لـ Vanessa da Mata من ألمانيا.

و«كيف تعلمت أن أفهم الحرب العالمية الثانية» لـHans von Trotha من ألمانيا.