التجارب السريرية .. «روشتة» الوقاية من أمراض وأوبئة العصر 1 - 3

الأبحاث السريرية عربياً.. 60 تحدياً تعيق تقدمها و«كورونا» يفضح ضعفها

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهد العالم خلال العقدين الماضيين تغيرات كبيرة في مجال توفير تجارب ومشاريع صحية فعالة ومبتكرة، وكان أحدها التجارب السريرية التي أضحت المتغير الصحي الأكثر قدرة على المنافسة عالمياً، فحتى عام 1990 كانت الغالية العظمى من اختبارات الأدوية والأجهزة من خلال التجارب السريرية، تجريها دول متقدمة ذات دخل مرتفع مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا واليابان، حيث إن أمريكا الشمالية وحدها كانت تستحوذ على 51.2% من السوق العالمية لهذه التجارب في عام 2019.

وبحلول الألفية الجديدة، دخلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السباق العالمي، باعتبارها منطقة جاذبة للتجارب السريرية؛ على الرغم من عدم استغلال كامل إمكانياتها، حيث من المتوقع أن يرتفع حجم هذا السوق في منطقتنا من 8 إلى 10 أضعاف خلال العقد المقبل. ووفقاً لتقرير صادر من شركة «جراند فيو» للأبحاث، قُدّر حجم سوق التجارب السريرية العالمية بـ 46.8 مليار دولار (171.7 مليار درهم) في عام 2019، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي يبلغ 5.1% من عام 2020 إلى عام 2027 بتوقعات إيرادات تصل إلى 69.9 مليار دولار (256.5 مليار درهم).

وفي عالمنا العربي، حدد عدد من المتخصصين في القطاع الطبي، 60 تحدياً تعيق تقدم الأبحاث والتجارب السريرية في العالم العربي، أبرزها ضعف الدعم الحكومي، وقلة الحوافز التنافسية كون الأبحاث من هذه النوع تتطلب دعماً مادياً ومعنوياً، وعدم تخصصية الجوائز الممنوحة للأبحاث الطبية، إلى جانب نقص الخبرات التخصصية، ونقص التشريعات الرسمية المنظِّمة، مؤكدين أن جائحة «كورونا» كشفت ضعف التجارب السريرية عربياً.

وأكد متخصصون أن سبب تأخر الدول العربية في إنتاج أدوية مبتكرة هو ضعف الميزانيات المخصصة لمراكز الأبحاث، والتي قد تقل عن 1% من إجمالي النفقات على الرعاية الصحية في الكثير من الدول العربية، وهي من الأقل عالمياً، رغم امتلاكها للكفاءات والخبرات ورأس المال الكافي لتمويل المراكز البحثية، فهناك أكثر من ٤٠% من البلدان ليس لديها سياسة للبحث الطبي، وأكثر من 85% ليس لديها برنامج للبحث السريري.

ورغم ذلك هناك دول عدة في المنطقة نفذت خطوات طموحة خلال الأعوام الأخيرة لتعزيز القطاع ومجاراة معايير الجودة العالمية، جراء ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة مع أهمية توفير سبل تعتمد التقنيات الحديثة للوقاية المبكرة.

ونجحت لبنان في تسجيل نفسها كإحدى أهم الدول في مجال البحوث السريرية عبر إطلاق «السجل الوطني للأبحاث السريرية»، وتمتلك عدة شركات ومراكز بحثية متخصصة بهذا المجال، فيما تعد مصر من أكثر الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، ريادة في مجال التجارب السريرية، وتعد أيضاً الثانية أفريقياً والخامسة عالمياً بالنسبة لاستضافة التجارب السريرية، وتستعد لإطلاق قانون شمولي للتجارب السريرية.

وخليجياً، أطلق المجلس الصحي السعودي مبادرته الوطنية بإنشاء هيئة سلامة الدواء ووحدة متخصصة بـ (التجارب السريرية وتطويرات المختبرات)، حيث تمتلك المملكة ما لا يقل عن 20 مركزاً بحثياً في التجارب السريرية الحكومية والخاصة مع نخبة من الباحثين والخبراء في هذا المجال.

غياب الاستثمار

في هذا الملف نسلط الضوء على تحديد سبب غياب الاستثمار الحيوي لهذا القطاع في المنطقة العربية، رغم فائدته الكبيرة، ويتركز الملف على 5 محاور رئيسية وهي: واقع التجارب السريرية داخل الوطن العربي والإمارات، وكيفية تقييم التحديات والعمل على تجاوزها، وكيفية الاستفادة لمستقبل الخمسين، والتجارب الناجحة في الوطن العربي، واستطلاع الآراء المشاركة في التجارب السريرية.

ومن أجل فهم الرؤية الشاملة لهذا القطاع الحيوي، يجب أن نبدأ بسؤال جوهري: ما هي التجربة السريرية؟، حيث تُعرفها منظمة الصحة العالمية بأنها: «أي دراسة بحثية تعين مستقبلياً مشاركين بشريين أو مجموعات من البشر لواحد أو أكثر من التدخلات المتعلقة بالصحة لتقييم الآثار على النتائج الصحية. هذا يعني أن الأشخاص مدعوون للمشاركة في الدراسة التي قد يتلقون فيها التدخل الجديد، ويتم متابعتهم بمرور الوقت لتحديد ما إذا كان يعمل كما هو الحال مع أي صناعة».

5 مراحل

ويعرف البروفسيور الدكتور غازي تدمري، عميد كلية الصحّة العامّة في جامعة الجنان في طرابلس بالجمهورية اللبنانية، التجارب السريرية بأنها تجارب تتم من خلال الأبحاث الإكلينيكية السريرية، ويتمّ تصميم هذا النوع من الدراسات البحثية الطبية على المشاركين من البشر للإجابة عن أسئلة محددة لاستكشاف مدى نجاعة بعض العلاجات التجريبية الجديدة (مثل اللقاحات الجديدة والأدوية والخيارات الغذائية والمكملات الغذائية والأجهزة الطبية)، لافتاً إلى أنه لا يُمكن إجراء تجارب سريرية في أي دولةٍ إلا بعد الحصول على موافقة الهيئات الصحية أو لجان الأخلاقيات البحثية الرسمية لإجراء هذا النوع من التجارب، فالسلطات الرسمية تعتبر أيضاً مسؤولة عن تحديد نسبة المخاطر أو الفوائد التي قد تنجم عن مثل تلك التجارب.

ويوضح تدمري أن التجارب السريرية تمر بخمس مراحل، المرحلة 0: تتضمّن تجارب اختيارية تُجرى على عدد محدود من المتطوّعين الأصحّاء (من 10 إلى 15) لجمع البيانات الأولية عن العقار التجريبي ومعرفة ما يفعله بالجسم وما يفعله الجسم بالعقار. بينما المرحلة 1 تتضمنّ تجارب على عدد من المتطوّعين الأصحاء (عادةً 20 - 80) لتقييم العقار من حيث الأمان وتحديد نطاقات الجرعات الآمنة والآثار الجانبية. أما المرحلة 2 فتتضمن تحديد الفعالية الأوّلية للعقار في «مجموعة العلاج» عبر دراسة كيفية عمل العقار بالجرعة (أو الجرعات) الموصوفة وتحديد نطاق الجرعة العلاجية.

وتهدف التجارب في المرحلة 3 إلى التأكيد النهائي لسلامة وفعالية العقار مع مجموعات كبيرة من الأشخاص (عادةً ما بين 1000 - 3000) ومراقبة الآثار الجانبية ومقارنتها بالعلاجات الشائعة الاستخدام وجمع المعلومات التي تسمح باستخدامها بأمان. وأخيراً المرحلة 4، بحيث تستمر هذه المرحلة من الدراسات أثناء بيع المنتج النهائي بعد اعتماده رسمياً وتسويقه وطوال فترة حياته لدراسة مخاطره وفوائده واستخداماته المُثلى.

ويفيد تدمري كذلك بأن التجارب السريرية قد تختلف من حيث الحجم والتكلفة، حيث يمكن أن تشمل مركزًا بحثيًا واحدًا أو عدّة مراكز وقد يتم تطبيقها في بلدٍ واحدٍ أو في بلدانٍ متعددةٍ بشكلٍ متزامنٍ، وغالباً ما ترعى التجارب السريرية المؤسّسات الحكومية أو شركات الأدوية أو شركات التقانة الحيوية أو شركات الأجهزة الطبية وقد تصل تكاليفها إلى عدّة مليارات من الدولارات لكل علاجٍ معتمد، ومع كلّ هذه التدابير والكلفة البحثية الباهظة للتجارب السريرية، تصل فقط ما نسبته 10% من وسائل العلاج التجريبية للمراحل النهائية وتصبح علاجات معتمدة.

توفير الكوادر المتخصصة وتكثيف الدعم للجامعات البحثية

قال البروفيسور علوي الشيخ علي، نائب مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية للشؤون الأكاديمية وعضو مجلس علماء الإمارات ورئيس اللجنة الاستشارية لمركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس «كورونا»: إذا فكرنا في الأبحاث العلمية أو الطبية سواء السريرية أو غير السريرية نجد أن المعطيات المطلوبة هي نفسها، فلا بد أن يكون لدينا كوادر متخصصة في البحث العلمي، وليس من الضرورة بمكان هنا أن يكونوا من العاملين الأكاديميين وإنما يمكن أن يكونوا من العاملين الأطباء العاملين في المستشفيات خاصة ممن لديهم باع طويل في الأبحاث العلمية والسريرية، تدعمهم الجامعات والبرامج المتخصصة بالأبحاث وقد يكون ذلك عن طريق استقطاب خبراء من خارج الدولة لتدريب وتأهيل الأطباء.

إضافة إلى الدعم المادي «المنح البحثية»، وهناك الآن العديد من الجهات التي تمول الأبحاث منها على سبيل المثال لا الحصر جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية ومؤسسة الجليلة للأبحاث، وصندوق الوطن، ووزارة التربية والتعليم، ولا بد أن يكون هناك منح من قبل المجتمع سواء من الشركات والمؤسسات، أو الأفراد وبفضل الله أصبح لدينا الآن مصادر كافية لتمويل الأبحاث.

وتابع: يجب أيضاً تسهيل وتبسيط الإجراءات المتعلقة بالدراسات البحثية، ممن لديهم منح سواء من صندوق الوطن أو وزارة التربية والتعليم أو غيرها، خاصة في حال الحاجة مثلاً لشراء جهاز أو تعيين مساعد أبحاث أو أخذ الموافقة من لجنة أخلاقيات مهنة الطب ولا بد من تسهيل مثل هذه الإجراءات ولكن من غير تساهل في الأمور البحثية.

وشدد البروفيسور علوي على ضرورة أن يكون هناك وعي للمجتمع العلمي والطبي والمجتمع بصورة عامة حول أهمية البحث العلمي خاصة وأن استراتيجية الدولة وتوجيهات القيادة الرشيدة تركز الآن على أهمية الأبحاث العلمية والطبية بكافة أشكالها.

مشيراً إلى أهمية تكثيف الدعم للجامعات البحثية وتكثيف الوعي المجتمعي بأهمية الأبحاث العلمية ودعم الشراكات بين الجامعات والمؤسسات الصحية سواء من داخل الدولة أو خارجها، لافتاً إلى الشراكة الاستراتيجية بين جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية وهيئة الصحة في دبي وبعض المختبرات الخاصة والتي تم التوصل منها إلى إجراء فحص «كوفيد 19»، للأطفال من عمر 3-16 عن طريق اللعاب.

إنشاء مختبرات طبية أكثر تخصصاً

أكد الدكتور عبدالكريم العلماء الرئيس التنفيذي لمؤسسة الجليلة أهمية توحيد الجهود التي تبذلها معاهد البحوث ومؤسسات التمويل والأوساط الأكاديمية والهيئات التنظيمية في سبيل تعزيز مشاريع الأبحاث السريرية الواعدة في دولة الإمارات والمنطقة بأسرها، كما تبرز الحاجة إلى إنشاء مختبرات طبية أكثر تخصصاً لدعم التجارب السريرية اللازمة لإجراء بحوث طبية حول الأمراض المعدية وغير المعدية.

وقال العلماء إن مشاريع أبحاث التجارب السريرية في الدولة والمنطقة العربية، تواجه 5 تحديات رئيسة، وهي: أولاً: محدودية فرص التمويل لترجمة مخرجات البحث إلى نتائج مفيدة يلمسها المرضى مثل الأدوية والعلاجات وغيرها.

ثانياً: الأعباء المتعارضة التي تقع على عاتق الباحثين السريريين؛ إذ يتعين عليهم تقسيم وقتهم وجهودهم بين تقديم الرعاية للمرضى والتدريس وإجراء البحوث. ثالثاً: تدني فهم عموم الناس بماهية وأهمية الأبحاث السريرية ومشاركتهم فيها.

ورابعاً: مخاوف المرضى فيما يتعلق بالإطار القانوني والأخلاقي والإداري لاستخدام البيانات الشخصية الخاصة بهم لدى مشاركتهم في الأبحاث السريرية، فضلاً عن الحاجة لتوفير إطار قانوني شامل وواضح لحماية الباحثين ولجان أخلاقيات البحوث في حال تعرضهم لمطالبات قانونية محتملة من قبل المرضى. وخامساً: محدودية تركيز شركات الأدوية على إجراء البحوث بغرض تطوير أدوية جديدة؛ إذ تُركز العديد منها حالياً على إنتاج الأدوية المعتمدة.

وأشار إلى أهمية إيجاد تمويل غير حكومي مع حث شركات الأدوية وشركات الأعمال الكبيرة للمساهمة في تمويل الأبحاث الطبية، وإنشاء مراكز طبية أكاديمية بها مجموعة كبيرة من الأطباء الاستشاريين يكونون متفرغين للأبحاث السريرية وإنشاء مختبرات معتمدة، فضلاً عن إنشاء قاعدة بيانات موحدة تضم كافة الجهات الصحية في الدولة مع ضرورة إصدار تشريع يتيح لتلك الجهات بتبادل معلومات المرضى والحفاظ على سرية وخصوصية تلك المعلومات.

مطالبة الدول العربية بتشريعات وقوانين ناظمة

قال البروفسيور الدكتور غازي تدمري، عميد كلية الصحّة العامّة في جامعة الجنان في طرابلس بالجمهورية اللبنانية: يتمثّل السبب الأهمّ لندرة وجود التجارب السريرية في دول المنطقة إلى افتقار تلك الدول للتشريعات والقوانين الناظمة لإجراء هذا النوع من البحوث ولعدم وجود مؤسّسات تُشرف على تلك التجارب وتراقب كافة مراحلها وتمتلك الصلاحيات اللازمة لتأطيرها ضمن الضوابط الأخلاقية أو لتجميدها فور ظهور بوادر سلبية لتلك التجارب.

كما يتطلب هذا النوع من التجارب أن تخضع الشركات المُنتجة للعلاج والممَوِّلة للأبحاث للقوانين المَرعية وأن لا تقوم بالتأثير على اتّجاه النتائج أو التلاعب بالإحصاءات أو تحريف الحقائق بغية التحايل وتزوير نتائج توحي بنجاح التجارب، ولهذا السبب تنحصر معظم التجارب السريرية في دول المنطقة على تلك المندرجة ضمن نطاق «المرحلة 4»، والتي تقوم بها الشركات العلاجية الكبرى للمساعدة في تسويق المنتج العلاجي محلياً عبر تعزيز دعايته واستخدام أسماء مؤسسات بحثية أو استشفائية محلية كبرى كواجهة دعائية للقول بأنّها أثبتت «فعالية المنتج العلاجي» على الرغم من أنّه قد تمّ إقرار استخدامه عالمياً في «المرحلة 3»!.

وأشار تدمري إلى أهم العوامل غير المحفّزة لإجراء التجارب في دول المنطقة، وهي نقص التشريعات الرسمية المنظِّمة لهان وعدم وجود بيئة بحثيّة محفّزة، وعدم وجود شركات دوائية وعلاجية محلّية لديها الاهتمام أو الإمكانيات الكافيين لإجراء هذا النوع من الأبحاث.

التمويل والعنصر البشري وقاعدة البيانات أبرز العقبات

قال الدكتور عبد الغفار عبد الغفور رئيس مركز المحاكاة الطبية في جامعة الخليج الطبية: تواجه دول العالم 3 تحديات رئيسية لعمل الأبحاث السريرية وهي التمويل، والعنصر البشري (الباحث والمتطوع ) وقاعدة البيانات، لافتاً إلى أن الإمارات تواجه مشكلة في تمويل الأبحاث السريرية والطبية بصفة عامة، فالحكومة هي التي تمول هذه البحوث حتى الآن، وذلك نظراً لعدم اقتناع بعض المؤسسات التجارية بأهمية هذه الأبحاث، وكذلك ضعف التبرعات من رجال الأعمال أو الشركات الكبرى لدعم هذه الأبحاث، وحتى لو أراد رجال الأعمال التبرع فسيكون لبناء مستشفى أو عيادة كأفضلية لحاجة المرضى من الأبحاث، ولا بد من الإشارة إلى أهمية التمويل في تأمين مبالغ التعويضات في حال حدوث مكروه أثناء إجراء التجارب.

وأوضح الدكتور عبد الغفار أن الدول العربية بشكل عام تعاني من قلة أو عدم وجود باحثين حقيقيين تدربوا على إجراء التجارب السريرية لأن معظم الأطباء مشغولون بعملهم اليومي من العمل الحكومي للعمل الخاص ولا يجدون وقتاً للمشاركة في الأبحاث، وإذا انخرطوا في الأبحاث فمن يدفع لهم وهل سيدفع لهم كما يدفع لهم في عملهم الاكلينيكي؟، فضلاً عن مشكلة عميقة تتمثل بالكثير من الاستشاريين الذين لم يتدربوا على عمليات البحث السريري، فهم استشاريون في العمل الطبي الكلينيكي وليس البحثي.

قاعدة بيانات

وأشار إلى عدم وجود قاعدة بيانات عن المرضى أو المصابين بالأمراض المختلفة، فالمواطنون لديهم عدة جهات صحية ولا توحد بينها البيانات، والمقيمون يترددون على العيادات الخاصة ولا يوجد ربط بين هذه العيادات وعندما نريد إجراء بحث سريري على مريض أو متطوع يحب أن تكون جميع بياناته ومعلوماتية الصحية متوفرة.

وتابع: في ضوء هذه التحديات نحتاج فعلياً إلى عدة أمور للتغلب على هذه العوائق منها: نشر ثقافة بحثية حقيقية بين أفراد المجتمع حول أهمية الأبحاث السريرية وما قد تتوصل إليه من علاجات ناجعة، ويمكن إدخال هذه الثقافة في المناهج الدراسية والجامعية، إنشاء معاهد رئيسية للأبحاث الطبية وتدريس الأطباء على كيفية إجراء البحوث السريرية وتدريبهم على الضوابط الأخلاقية المطلوبة واطلاعهم على قوانين الأبحاث السريرية، إيفاد الأطباء إلى المراكز البحثية العالمية بمنح بحثية تؤمن لهم التفرغ في هذا القطاع، تدريس مبادئ البحث الطبي في كليات الطب وإشراك طلبة الكليات الطبية في الأبحاث السريرية التي تجريها المراكز البحثية وتعريفهم على السلوك الأخلاقي للبحث الطبي، تنمية المهارات البحثية عند الأكاديميين والأطباء عبر عقد دورات متخصصة وورش عمل متخصصة بالبحث السريري.

108

قدّر الدكتور هايل محمد عبيدات، مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء في الأردن، حجم سوق الدواء العربي بأكثر من 108 مليارات درهم سنوياً، 65-85% منها يأتي من الدول الأجنبية رغم وجود أكثر من 200 مصنع لصناعة الأدوية في الدول العربية و 34 مصنعاً في الإمارات، لافتاً إلا أن كل التجارب السريرية التي يتم إجراؤها في الدول العربية هي لأدوية تم إنتاجها وتصنيعها في الدول الأجنبية، وغالباً ما تكون تجارب للمرحلة الثالثة أي بعد إجازته مبدئياً من قبل الجهات الصحية العالمية مثل منظمة الغذاء والدواء الأمريكية أو منظمة الأغذية والأدوية الأوروبية، بعد التحقق من مأمونية الدواء أو اللقاح وتجرى من باب الاطمئنان على أن الدواء أو اللقاح يناسب التركيبات الجينية لشعوب المنطقة ولا يتسبب بأي مضاعفات.

يشار إلى أن الأدوية المصنعة في الدول العربية هي أدوية جنيسة انتهت مدة ابتكارها واحتكارها من قبل الشركة الأم، وقد تصل مدة الاحتكار إلى 17 سنة، وخلال هذه الفترة تقوم الشركة الأم بالتحكم بالأسعار مقابل إنفاقها مبالغ كبيرة جداً على الأبحاث والتجارب.

وذكر أن العديد من التجارب السريرية تواجه تحدياً يتمثل في تقاطع العلم والدافع الربحي وحياة الإنسان، ومن أكثر الأجزاء ربما التي تشكل تحدياً حقيقياً هو جذب المشاركين، الأمر الذي قد يستغرق ما يصل إلى عام، ما يمثل استهلاكاً للوقت والتكلفة.

ولفت الدكتور عبيدات إلى أن التجربة السريرية هي مسعى عالمي بشكل متزايد خاصة بهذه الفترة الراهنة لأسباب تتعلق بزيادة انتشار الأمراض المزمنة وظهور أوبئة قوية ومتنوعة، مؤكداً أنه على الرغم من الوعي المفرط لكل شيء في المجتمع إلا أن التجارب السريرية لا تزال غير معروفة ويساء فهمها إلى حد كبير.

زيادة وعي الأفراد والمشاركة المجتمعية

أوضحت سلمى الرشيدي باحثة دكتوراه سعودية متخصصة في التركيب الكيميائي لمضادات الأورام السرطانية وعضو في تحالف الأبحاث في ولاية جورجيا الأمريكية، أن التطور العلمي والبحوث العلمية ووجود الباحثين في دول الخليج لا تقل عن تلك التي توجد في الدول المتقدمة، إلا أننا بحاجة إلى زيادة الدعم للأبحاث العلمية وزيادة عدد وجودة المراكز البحثية السريرية والمراكز الطبية والأكاديمية على وجه الخصوص، وزيادة وعي المجتمع والأفراد بأهمية التجارب السريرية والمشاركة المجتمعية فيها، ولربما عدم اليقين بما ستكون عليه نتائج التجارب السريرية يجعل من الصعب على المريض أو الفرد أن يقرر المشاركة في تجربة سريرية، مع أنه في حالات نادرة جداً قد يصاب المتطوعون من المرضى بسبب علاج أو إجراء في تجربة إكلينيكية، لأن هذه الدراسات تتبع معايير علمية صارمة.

وأشارت إلى أن البحث السريري هي الخطوة الأهم والحاسمة في إتاحة الأدوية الجديدة للعالم من خلال المساعدة في تحديد قدرة الدواء على علاج حالات معينة وسلامته وآثاره الجانبية المحتملة، لذا الدراسات السريرية أي الأبحاث قبل السريرية مهمة وضرورية للتجارب السريرية.

التحديات

01غياب سياسات واستراتيجيات وطنية

02لا إطار تنظيمي واضح

03ضعف الدعم الحكومي

04عدم وجود هيئة مستقلة

05غياب البنية التحتية المحفزة

06غياب الحوكمة والرقابة

07لوائح صارمة على خطة الدراسة

08نقص الوعي العام بحقوق المرضى

09لا بروتوكولات انضباطية

10تقليدية وتبيان ثقافة العمل

11تعقيد الهياكل التنظيمية

12محدودية التجارب جغرافياً

13شمولية المسؤوليات والأدوار

14تضارب المصالح بين الهيئات

15ضعف نظام الصحة العام

16لا قاعدة بيانات صحية موحدة

17عدم وجود ميزانيات مخصصة

18محدودية فرص التمويل

19قلة الصناديق الخيرية

20التكاليف المتصاعدة

21غياب التبرعات المجتمعية

22تنافسية المصالح المالية

23عدم مواكبة التطور التكنولوجي

24ضعف التمويلات الشخصية

25العولمة التجارية السريرية

26تعددية المنصات البحثية

27غلاء أسعار العقاقير الجديدة

28تكاليف المظلة التأمينية الشاملة

29غياب التجارب السريرية المجانية

30قلة الحوافز التنافسية

31طول الإطار الزمني

32انخفاض الابتكار في طرق التجارب

33انتهاء صلاحيات براءات الاختراع

34تقاطع العلم والدافع الربحي

35العوامل السياسية والديموغرافية

36غياب تعاون المؤسسات البحثية والأكاديمية

37ضعف التنسيق عربياً ودولياً

38قلة المناهج الدراسية المتخصصة

39قلة المكتبات ومحدودية الولوج إليها

40التنافسية العالمية وتنوعها

41انتشار الأمراض

42ضعف المحاسبة المجتمعية

43هيمنة تجارب المراحل المتأخرة

44عدم تخصصية الجوائز للأبحاث

45قلة الكوادر المحترفة والمتخصصة

46غياب تعيين وتدريب الموظفين

47الأعباء المتعارضة للباحثين

48استقطاب متطوعين والاحتفاظ بهم

49جودة نتائج التجارب ومأمونيتها

50فهم محدود من المجتمع للتجارب

51خوف المشاركين من نتائج المشاركة

52ضعف الرصد والتقييم المستمر

53الوصول للمرضى المطلوبين

54لا جدية وشفافية في النتائج الطبية

55غياب الباحثين الجامعيين

56تنوع الاحتياجات البشرية واختلافها

57عدم تحديد الفائدة المجتمعية

58غياب بيانات تسجيل المشاركين

59لا وسائل مضمونة للاختبارات البشرية

60خصوصية وسرية البيانات الشخصية

اقرأ أيضاً:

هيئة مستقلة لسلامة الدواء بالإمارات ضرورةلمستقبل الصحة

 

معايير انضباط وبروتوكولات لضمان الأمانة العلمية

الحاجة إلى مناهج مختلفة لتصميم التجارب السريرية

 

 

لمشاهدة الملف ...PDF اضغط هنا

Email