تكريم صادف أهله

ت + ت - الحجم الطبيعي

التقاعد هو المرحلة التي يخشى جميع الموظفين الوصول إليها، برغم أنها مرحلة حتمية، ولا بد منها في نهاية سنوات العمل، وعندما نبحث عن أهم الأسباب التي تجعل الموظف يخشاها، نجد أنها القلق من غياب التقدير عندما تحين لحظتها، والقلق الأكبر من مصير ينتظره بعد أن يصبح رهيناً لها، لا سيما إن كان من أولئك الموظفين الذين لم تسمح لهم الوظيفة باختلاق فرص عمل لهم ينشغلون بها بعد تقاعدهم.

أمس الأول، كرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ثلاثة من القيادات الذين كان لهم الدور الكبير في خدمة الإمارات، في مجالات لكل منها أهميتها، مجال تعليمي وآخر مالي وفي مجال العدل، وهم وزراء التربية والتعليم والعدل السابقون، ومحافظ المصرف المركزي، وتوجه إليهم بالشكر نيابة عن صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، وعن شعب الإمارات، عما قدموه من جهود وأوقات في خدمة الدولة ومواطنيها.

استوقفتنا الكلمة التي قالها سموه في حفل التكريم، حيث قال »لا يوجد لدينا في الإمارات تقاعد، فخدمة الوطن حياة كاملة، ونحن جميعاً وهبنا حياتنا لدولة الإمارات«. إن هذه الكلمة ينبغي أن تكون أمام كل مسؤول، ليتخذها منهجاً قبل أن يخط بتوقيعه على ورقة يقبل فيها استقالة أو يوافق فيها على تقاعد، فالمتقاعد اليوم بحاجة إلى من يرفع معنوياته، ومن يذكّره بأن لحظة التقاعد هذه ليست نهاية المطاف، وأنه بما قدمه من عمل وما اكتسبه من خبرات ما زالت لديه الفرص ليخدم وطنه في قطاع حكومي أو في قطاع خاص، متى كانت الإرادة والرغبة موجودتين لديه.

مسؤوليات وزارات التربية والعدل والمصرف المركزي جسام، ولا شك في أن الذين حملوا الراية من بعد المسؤولين المتقاعدين يستوعبون ما ينتظرهم، ولكن ذلك لا يعني عدم الحاجة إلى الاستعانة بمن سبقوهم طالبين الرأي والمشورة، فالاستشارة خير في الأمور كلها.

لا أحد ينكر أن التغيير سنّة من سنن الحياة، وأن من يكون على مقعد المسؤولية اليوم سيخلفه آخرون يكملون المسيرة بعده، ولا أحد يمكن أن يغض الطرف عن حقيقة التقاعد التي سيواجهها الجميع بلا استثناء، لكن التعامل مع هذه السنّة بكثير من الشكر والتقدير، كما فعل صاحب السمو رئيس الحكومة، تمثل علامة فارقة، وتعطي الحافز لجميع الموظفين، ممن هم على رأس عملهم، بأن الدولة تقدّر من أعطى ومن يخدم فيها إلى اللحظة التي يصل فيها إلى مرحلة التقاعد، وهذا ما ينبغي على الجميع التمسك به عند تقاعد جميع الموظفين، حتى لا نجدهم يسلمون أنفسهم للاكتئاب والمشكلات النفسية التي نادراً ما يسلم منها أي متقاعد، وحتى لا نجدهم في حالة صدمة من مؤسسات تتنكر لهم ولعطائهم بعد سنوات أفنوها في الخدمة، فهذا ليس أسلوباً للإمارات، ولا توجهاً للقيادة فيها.

Email