خليجنا سيبقى واحداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن قرار سحب سفراء دولة الإمارات والسعودية والبحرين من الدوحة، أمراً هيناً علينا كأبناء منطقة اعتادت التعاون والاتحاد فيما بينها، وتربط بين قادتها وشعوبها علاقات تاريخية قبل أي علاقات دبلوماسية، ولكن رغم صعوبة تلك الخطوة فإننا استوعبنا أهمية اتخاذها من قبل صناع القرار، لتضع حداً للتجاوزات التي لا تتسم مع اتفاقية أمنية كان ينبغي التوقيع عليها مبكراً، والالتزام ببنودها لأنها تهدف للحفاظ على أمن الخليج واستقراره.

اليوم أعلنت دول الخليج توقيعها على وثيقة الرياض، والتي كان أهم بنودها توقف دولة قطر عن دعم الإخوان وتدخلهم في شؤون الدول الأخرى، خاصة دول الخليج، ويبقى المأمول أن تتبع ذلك إجراءات تتخذها دولة قطر، يتطلع جميع القادة لأن تكون في حيز التنفيذ تصديقاً على هذا التوقيع، لا سيما بعد أن تدخلت جماعة الإخوان في شؤون دول الخليج، وتطاولت عليها باسم الحرية الشخصية لبعض الأفراد، التي لم تسمح يوماً لأي فرد في أي دولة بتجاوز حريات الآخرين.

الفهم الخاطئ لـ«حرية الإعلام» تسبب في تطاول أشخاص محسوبين على منطقة الخليج، بما أكد ولاءاتهم وانتماءاتهم لجهات وتنظيمات خارجية، لا يهمها الصالح العام ولا استقرار منطقة الخليج أو أمن أبنائها، وهو ما يجب وضعه في الاعتبار خلال المرحلة المقبلة.

حرية الإعلام مطلوبة، والحفاظ على الأقلام الحرة وأصحاب الفكر المستنير، سمة الشعوب المتحضرة التي تدرك رسالة الإعلام ودوره، ولكن هذه الحرية لا ينبغي أن تكون أداة للحرب وتأجيج الصراعات والفتن، كما حدث خلال السنوات الأخيرة في المنطقة.

إن تأزم الوضع بين دول الخليج بسبب جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات، يفترض أن يكون درساً لا ينسى لنا كأبناء منطقة واحدة، لا ينبغي أن نسمح لأي كان بالتدخل في شؤوننا أو العبور على أراضينا لتنفيذ مخططاته التي لا تصب في صالحنا، لا سيما في الظروف الراهنة التي تحيط بدول الإقليم والمنطقة، والتي تتطلب منا الحفاظ على مكتسبات المرحلة الماضية، والتعاون لا التصدع والانشقاق.

إن دول الخليج لم تغلق أبوابها يوماً في وجه أي من أبناء الخليج، ولكن الأمر الذي لا بد من ضمانه هو عودة الثقة بين دول الخليج كأهل وإخوة والحفاظ على هذه الثقة، وهو مرهون بما تتخذه الشقيقة قطر من إجراءات، فمهما وجدت الخلافات أو بلغ مستوى التباين في المواقف، فهناك أسس لا ينبغي التفريط فيها أو المساس بها داخل البيت الخليجي، الذي لن يخلو كأي بيت من خلافات متوقعة، لكننا قادرون على تجاوزها لأنها سنة الحياة.

Email