محاربة السحر والشعوذة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لاشك أن أغلبية الناس في الإمارات وخارجها قد تابعوا تقرير القبض على الساحرة الإفريقية التي تمارس الشعوذة منذ أكثر من خمس سنوات في الإمارات، والتي بثتها أخبار الإمارات أمس الأول، بعد أن تمكن رجال التحريات والمباحث الجنائية، في شرطة عجمان، من القبض عليها. وصفت الساحرة بأنها الأقدم والأخطر في الدولة، وقد كانت تعمد إلى تغيير مقر إقامتها باستمرار، وتحرص على أن تحيط تصرفاتها بالحذر الشديد.

لم نستغرب وجود هذه الساحرة عندنا، لأن المجتمع الإماراتي، كأي مجتمع آخر، يتفاوت فيه إيمان الأفراد ومستوى وعيهم بخطورة هذه المسائل، ويوجد فيه زبائن السحرة والمشعوذين الذين تزدهر تجارتهم وأعمالهم بوجود المؤمنين بهم، والمتعاملين معهم، وهو ما شاهدناه في التقرير الذي أكد الإقبال على هذه الساحرة من كمية الملابس والآثار التي يتركها المتعاملون معها لأغراض متعددة.

السحر قضية وردت في القرآن الكريم، ولم تنكرها الديانات الأخرى، وتعترف بها مختلف الثقافات، وما يهمنا في قضية الساحرة الإفريقية هو ترصد الجهات الأمنية لها ولأمثالها، وتمكنهم من القبض عليها، وتعاون الجهات الإعلامية في الكشف عن هذه الأعمال، والتوعية بحرمتها دينياً، ومخاطرها الاجتماعية والأمنية والاقتصادية على الأفراد والمجتمع، متى ما تم التعامل بها.

أما الأمر الأهم الذي نأمله على الجهات الأمنية، التي باتت الساحرة الإفريقية بين أيديها الآن، هو ألا ينتهي الأمر بحبس الساحرة أو تسفيرها أو سجنها فحسب، بل ينبغي، وبواسطة المختصين من رجال الدين وأهل العلم، إجبارها على الإفصاح عن كل أسماء الأشخاص الذين قامت أو حاولت بعمل سحر لإيذائهم نفسياً أو جسدياً، وتأكدت من وقوع الأذى للتواصل معهم، ومحاولة مساعدتهم على تجاوز محنتهم، فكم شخصاً تأذى من أعمال قامت بها طوال فترة إقامتها في السنوات الماضية. أما الجانب الآخر، فهو أهمية إعدام ما تم العثور عليه من تعويذات وأحجبة بحوزتها بطرق تبطل مفعولها، حتى لا يلحق ضررها بمن أعدتها لهم. قد يعتقد البعض أننا نطلب أموراً لا أهمية لها، ولكن المتضررين من أعمال السحر والشعوذة، ومن عاشوا معهم وأدركوا حجم المعاناة التي مروا بها، سيدركون أهمية ما نطالب به.

فريق أخبار الإمارات، ومن خلال ستة أشهر، استطاع كسب ثقة الساحرة، وتصوير وتوثيق الأحداث حتى لحظة القبض عليها من قبل رجال الشرطة. وهو ما عرض علينا في التقرير التلفزيوني الذي تابعه الجميع. نقدر جهود الإعلامي محمد الخطيب، ونتمنى منهم في المرات المقبلة تسليط الضوء على تفاصيل أكثر، تجعل الأفراد أكثر حيطة وحذراً في مسائل يفترض بهم النأي بأنفسهم عنها، خاصة في ما يهدد سلامتهم وسلامة أفراد المجتمع، وما يمس معتقداتهم.

Email