المأساة المدوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ظاهرة هجرة فقراء العالم غير المشروعة إلى الشمال تتصاعد، وتزداد معها حيرة أوروبا، فما من أحد يلقي بنفسه إلى التهلكة وتمريغ الكرامة بالأرض ما لم يكن قد ترك خلفه واقعاً أشد مضاضة.

وبالتالي فليس من اليسير إلقاء اللوم على أحد من آلاف الشباب وهم يهبون أنفسهم قرباناً لأمواج البحر، بقوارب صيد لا تكاد تسعهم، أملاً في حياة كريمة.

إنهم ضحايا صراعات سياسية وطائفية أو دافعو ثمن الفشل المتلاحق الذي تمنى به خطط التنمية غير الجادة، في ظل انتشار الفساد وهيمنة المحسوبيات القبلية وعجز الدولة عن فرض القانون وتوفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وأمن.

كل ذلك يحول الحياة إلى جحيم في كثير من بلدان إفريقيا وآسيا. وهكذا تصبح أنواء المحيط وركوب الصعب بحثاً عن حياة بديلة، أهون وأقل كلفة من التعرض لسموم الواقع في دول حالها تبدو أقرب إلى الأساطير في عصر المدن الذكية.

من هنا فإن قريحة الإنسانية يجب أن تتفتق عن أفكار جديدة تضمن الحياة الكريمة لشعوب العالم الثالث الأشد بؤساً بما يجعلنا في غنى عن هذه الفضيحة الإنسانية المحيرة.

وكما تواثقت الشعوب على مبادئ حقوق الإنسان يجري فرضها في كل مكان بقوة الإرادة الدولية ومؤسساتها، فإن خططاً تنموية دولية الطابع ينبغي أن تنتظم تلك المجتمعات البائسة، خروجاً من هذه المأساة المدوية.

Email