لسنا «مجرد أصفار»

ت + ت - الحجم الطبيعي

«إننا مجرد أصفار لا تضيف لعالم اليوم شيئاً» هذه العبارة أو مماثل لها أطلقها أحدهم في لحظة يأس ما، لكنها شاعت وتناقلها الناس وكأنها قاعدة ثابتة لا نستطيع الفكاك منها، فلا يكاد محفل أو نقاش يجمع إلا وكانت تيمة ثابتة، إلى أن أثبتت الأيام عكس ذلك وانه بإمكاننا فعل الكثير والكثير جداً، بإمكاننا أن نجعل العالم ينصت لنا ويفعل ما نقول بكل بساطة لقوة حجتنا وجلاء منطقنا وعدالة قضايانا، ولعل الانقلاب الذي أحدثته «عاصفة الحزم» لن يكون إنجازاً يتيماً ووحيداً بـل ستتبعـه إنجـازات أخـرى لا تقـل عنـه أهميـة وقـوة.

والمتابع لمصانع القرار الدولية يتجلى له أن الأسبوع الماضي في نيويورك وحتى ليل الخميس كـان عربيـاً بامتياز تم خلاله تحقيق النجاح الباهر بتمريـر القـرار الخليجي بشأن اليمن ومهرته العواصم الدوليـة رغـم أن في حلوق بعضها مرارة، لكنها لم تجد غيـر التسليـم لأن الإرادة الداعمة له صلبة وتتسلـح بمنطـق صميـم، وجاءت جلسة الخميس لنضيـف إلى كـل ذلك شيئـاً جديداً انتظرناه طويلاً في أن يتحرك العالم تجـاه سوريــا بجد أكبر لإنهاء المأساة المتطاولة في ذلكم البلد.

جلسة الخميس التي فتحت فيها الأمم المتحدة آذانها لتستمع لشهـادات السورييــن، نعــم انعقــدت الجلســة بطلب من الولايات المتحدة ودعــم من أصدقــاء الشعــب السوري وتــم خلالهــا الاستمــاع إلى شهادات عدد من ضحايا استخدام غاز الكلور في سوريا ومعظمهم من العاملين في القطاعات الطبية والناجين من استخدامات هذه الأسلحة وانعكاساتها عليهم صحياً ونفسياً وعلى ضحاياها بشكل عام خاصة في ظل صعوبة الوضع وصعوبة العمل، واضعين العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية تماماً فإما أن يتحرك بوجه السرعة لإيقاف تلكم المأساة أو يواجه لعنات التاريخ التي لا ترحم، غير أن الدلائل تؤكد إلى أن العالم سيتحرك هذه المرة لأنه اقتنع تماماً بأنه لا يتعامل مع «مجرد أصفار».

Email