وحدة المصير العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يقول العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إن أمن دول الخليج العربي واستقرارها هو أمن واستقرار الأردن، إنما هو يؤكّد المؤكّد ويعيد إنتاج حقيقة تاريخية لم يصبها غبار الزمن، وعندما يكرّر أن أمن دول الخليج أولوية بالنسبة للأردن ومصلحة أردنية خليجية مشتركة، فإنه لا يقول ذلك من باب المجاملة.

كلام العاهل الأردني جاء في سياق توضيح مشاركة الأردن في عملية «عاصفة الحزم» لإعادة الشرعية لليمن، باعتبارها استجابة للطلب الرسمي للشرعية الدستورية، والمتمثلة بالرئيس عبد ربه منصور، ولمنع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لهذا البلد العربي، لكن الواقع أنها تأكيد لموقف مبني على وحدة مصير الأمة العربية، وليس فقط لجزء منها، وإن كانت متطلّبات اللحظة أظهرت هذا الجزء على سطح التوتّر العالي.

قبل عاهل الأردن تحدّث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مراراً عن وحدة الرؤية تجاه أمن مصر ودول الخليج العربي، وصولاً للأمن العربي برمّته. السيسي وهو يؤكد مراراً أمن الخليج يتحدّث عن ضرورة تشكيل قوة عربية مشتركة لحماية الأمن القومي العربي، تلك الضرورة التي تحوّلت في القمة العربية الأخيرة إلى قرار سيصار لبلورته إلى واقع مع عقد أول اجتماع لرؤساء أركان الجيوش العربية.

هنا سنكون فعلاً أمام واقع عربي جديد يلمس فيه الصديق والعدو، الحليف والمتربّص، أن هذه الأمة لا تسلّم بأي أمر واقع يحاول الآخرون فرضه، ولن تفرّط بوحدة مصيرها ولن تتقاعس في حماية مقدّراتها، ولن تسمح بأن يكون أمنها مستباحاً من أية جهة.

ولقد بات مؤكّداً أن كل هدف طموح يحتاج للخطوة الأولى، وها هي الدول العربية تقطع بضع خطوات باتجاه هدفها. فما يجري في المنطقة يضع المصير العربي على المحك، ويؤكّد أن أي تقاعس وترهّل وتقليل من الأخطار، إنما يقرّب هذه الأخطار ولا يبعدها، ويحوّلها إلى واقع ولا يلغيها، ويضيف إلى هموم العرب هموماً جديدة، بل ربما يضع العرب في نفق مظلم.

Email