قمّة البداية الجديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

القمة العربية تعقد اليوم على إيقاع مختلف وعلى وتيرة فيها نبض سريع وتوتّر عال. قمة شرم الشيخ ليست الأولى في تاريخ العرب الحديث، لكنّها تلتئم في ظرف خاص فرضته أحداث اليمن، بخاصة بعد انقلاب الحوثيين على الشرعية الدستورية وتماديهم في الانتهاكات والتجاوزات وفرض الأمر الواقع وإسقاط الخاص على العام.

لم يكن حال العرب في أي عصر مضى أسوأ مما هو عليه الآن، فهو حال تتشابك فيه خطوط عديدة متناقضة ومتشعّبة، بعضها غير معلوم من أين هو آت، وبعضها الآخر غير معلوم إلى أين هو ذاهب، وجميعها تدور في حلقة مفرّغة.

لكن في كل وقت ثمّة فرصة للبدء من جديد. كل مرحلة لها صافرة بداية، وكذلك صافرة نهاية. العرب اليوم يعيشون حقبة صعبة، وتأتي القمة في مصر لتحاول صنع بداية لعصر أفضل، ذلك أن ما يمكن أن نسميه المستقبل العربي، ربما لم يأت أوانه بعد.

المتنورون والقياديون في هذه الأمة مطالبون بالبحث عن خيارات، أو برؤية المتاح من الخيارات بعين ثاقبة وعقل مفتوح، وأن يدركوا أنهم قد يكونوا أمام خيارات صعبة لكنّ لا مفر منها. فعملية عاصفة الحزم في اليمن جاءت كخيار آخر لم يكن متاحاً غيره أي خيار. أو بمعنى أن كل الخيارات استنفدت.

«عاصفة الحزم» إذن وسيلة لإعادة بعض من ضل الطريق إلى المسار الصحيح. والعمل الجراحي الذي يستأصل قطعة من الجسد ضروري لحماية كل الجسد. هذه العملية جاءت لمعالجة ورم فتنوي انقلابي فوضوي، بعد أن فشلت كل عمليات العلاج بالمسكّنات والمضادات.

فالحوار اليمني بات في مهب الريح بسبب ممارسات الميليشيات التي تحتل صنعاء وتتمدد في كل الاتجاهات، ثم تنظم مناورات عسكرية لا هدف لها سوى استفزاز الجيران وبقية أطياف المجتمع اليمني.

نأمل أن تشكّل قمة شرم الشيخ فاتحة نهوض للأمة ومطفئة للحرائق، وبداية عمل عربي مشترك يمكنه وحده أن يعيد الأمور إلى نصابها.

Email