مصر ولعبة العنف

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل أيام عاشت مصر الذكرى الرابعة لانتفاضة 25 يناير على وقع دماء عزيزة في لعبة العنف، لكنّها للأسف مجّانيّة، لتتحوّل المناسبة من قفّاز للمستقبل إلى أسئلة ما يريده الداعون من البروج العاجيّة في ما وراء البحار أو القباء المظلمة. وفي ظلال هذه المناسبة، يتناسى كثيرون أن مصر أكبر من القادة والأحزاب وأي لهاث نحو السلطة. يتناسون أن مصر هي الشرعية، بشعبها ومستقبلها، ويبدو أنه لا يروق لهم أن لا تستنسخ مصر نماذج العراق وليبيا وسوريا.

النوايا كانت واضحة لدى أولئك الذين أصروا على تمرير المناسبة فوق الجثث والدماء. كانت النتيجة أن أرواحاً بريئة أزهقت فوق جسر الأهداف العبثية والفئوية. الداعون للتظاهر يدركون أن غيوم الشارع تحجب الرؤية عن ممارسات لا تدخل في إطار الاحتجاج المشروع، أو إحياء مناسبة يفترض أنها ملك للشعب والتاريخ والشهداء.

قد لا يكون كثير من المعطيات الميدانية واضحاً للبعيدين عن الميدان، لكن ما هو أوضح أن «25 يناير» ملك للشعب المصري، وإذا أصر أحد على تنصيب نفسه وصياً عليها، فإن عليه أن يعرف أن الحديث لا يدور عن انتفاضة ذابت تفاصيلها في قرون، وأن السنوات الأربع ليست كافية لكي تنسينا أن هؤلاء المصمّمين على تنصيب أنفسهم أوصياء على الانتفاضة أو الثورة، التحقوا بها أو ركبوها بعد مرور نصف عمرها، أما النصف الأول فأمضوه في الحوار مع النظام لتقاسم السلطة.

لا أحد يطلب أو يفرض على هذه الحركة أو تلك، هذا الشخص أو ذاك، أن يؤيّد المسار الجاري، لكن التعبير عن رفض الواقع يحتكم لشروط ومعايير أفرزتها التجارب التاريخية كما العقل السياسي والمصالح الحقيقية للشعب والأمة. وبهذا المعنى نسأل المحرّضين على العنف، بعد أن انقضت المناسبة: هل حققتم شيئاً بعد كل ما حصل؟ ماذا حققّ البلد الذي يبحث عن أبنائه المخلصين ممن يؤمنون بـ «نحن الوطن» وليس «أنا الجماعة» أو «أنا القائد».

آن للجميع أن يعرف أنّ مصر تحتاج لمن تمرّغ في حنّاء غيطانها وطمْيِ نيلها، وتشقّقت سواعده تحت شمسها، وليس لمن يبيعها بجواز سفر أو جنسية أجنبية أو منبر للمزايدة. وجدير بكل المجدّفين في العبث أن يفهموا أن من لا يملك قوة البقاء في السلطة لن يملك قوة العودة إليها.

 

 

Email