البيت الأبيض هو المشكلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

جدل كبير يدور بين خبراء السياسة الأميركيين، حول السياسة الخارجية التي تتبعها إدارة الرئيس أوباما، ويجمع الكثيرون منهم على أن قرارات أوباما وتصرفاته ستأخذ بالولايات المتحدة إلى طريق لا تحمد عقباه. وتحتل الأزمة في أوكرانيا الحيز الأكبر من هذا الجدل، إذ يرى الخبراء أن سياسة العقوبات التي تبادر بها واشنطن وتضغط على الآخرين لاتباعها ضد روسيا، لا تضر بروسيا بقدر ما تضر بالولايات المتحدة وبنظام العلاقات الدولية ككل، بل ويحذر البعض من أن هذه السياسة التي تتصور واشنطن أنها ستؤدي إلى عزلة روسيا وإضعافها، قد تؤدي في النهاية إلى عزلة الولايات المتحدة نفسها، خاصة أن هذه السياسة يرفضها تسعون في المئة من دول العالم..

ولا يؤيد واشنطن فيها سوى عدد أقل من أصابع اليد الواحدة، لأسباب خاصة، بينما يتظاهر البعض الآخر من الحلفاء القدامى الأوروبيين بتأييدها، وهم في الواقع يرفضونها تماما. والأهم من ذلك أن شعوب العالم كله ترفض هذه السياسة، التي تعيد العالم إلى زمن الحرب الباردة والعسكرة والإنفاق العسكري الباهظ الذي لا يحتمله العالم الآن في ظل الأزمات المالية والاقتصادية التي يعيشها، ويتساءل الجميع: لماذا كل هذا الاهتمام الغربي بأوكرانيا البعيدة التي يعلم الجميع مدى أهميتها لدى روسيا؟

الإعلام الأميركي سلط الضوء خلال القمتين العالميتين الأخيرتين، قمة أبيك في الصين وقمة العشرين في أستراليا، وأبرز مدى العزلة التي بدا فيها الرئيس الأميركي أوباما، ومدى الشعبية والقبول الذي حظي به الرئيس الروسي بوتين خلال القمتين، وأظهر مدى حرص قادة الدول على إجراء لقاءات ثنائية مع بوتين، وقال السياسي الأميركي الشهير جادسون فيليبس، إن أوباما لم يستطع سوى أن يعقد اتفاقاً مع الزعيم الصيني لا قيمة له حول التخفيض المتبادل للانبعاثات الغازية، بينما عقد بوتين نحو 17 اتفاقاً مع نظيره الصيني كلها حيوية وفعالة.

السياسي الأميركي المخضرم هنري كيسنغر، يقول لمجلة دير شبيغل الألمانية إن واشنطن تقود الغرب لأخطاء فادحة في أوكرانيا، وحذر بشدة من سياسة العقوبات ضد روسيا. روبرت غيتس مدير المخابرات الأميركية السابق، يقول إن البيت الأبيض أصبح يشكل أكبر تهديد للأمن القومي الأميركي.

لقد نجحت أميركا في فرض العزلة على الاتحاد السوفييتي السابق، أما مع روسيا فهي لن تفشل فحسب، بل ربما تؤدي سياستها هذه إلى عزلتها هي.

 

Email