ما بيـن ترامـب ووزيـره

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يكون صحيحاً أن وزير الخارجية الأميركية تيلرسون لم يكن مطلعاً على نقاط الخلاف مع قطر بشكل كامل، وأنه اختصر المسألة في قضية تمويل الإرهاب فقط، وهي الأولوية التي تحدث عنها مرات عدة قبل أن يزور المنطقة.

وقد تكون حركته «الهوليوودية» الاستباقية، بتوقيع مذكرة تفاهم مع قطر، حول تلك المسألة قبل أن يذهب إلى جدة، ويناقش الخلاف من كل جوانبه في لقائه مع وزراء الدول الأربع المقاطعة لقطر، أقول لكم، قد تكون نظرة مبسطة فيها الكثير من الاستهانة بخلاف بهذا الحجم.

لهذا رأينا تيلرسون وبعد لقاء جدة يذهب مرة أخرى إلى الكويت بصفتها وسيطاً، وإلى قطر بصفتها أصل المشكلة، فالصورة التي رآها تختلف اختلافاً تاماً عن كل ما سمعه أو كونه في ذهنه، فأعاد الجولة والنقاش خاصة مع أمير قطر.

وألغى كل الإجراءات الاعتيادية، فهو لم يصرح رسمياً بشيء، ولم يعقد مؤتمراً صحافياً، ولم يجامل الإعلام بالإدلاء ببضع كلمات دبلوماسية، وترك المتحدثين الرسميين في البيت الأبيض ينوبون عنه بكلامهم المنمق الذي لا يؤدي المطلوب.

لم يكن تيلرسون قادراً على الكلام بعد أن استمع إلى الحقيقة وشاهد الإثباتات، ودعوته إلى الحوار المباشر ليست إلا محاولة لوضع المطالب المشروعة على طاولة النقاش والتفاوض والمساومات، وهو يعلم أنها مرفوضة في هذه المرحلة، وهي مرحلة الإنكار القطرية لأدوارها التخريبية والتحريضية ضد الدول الأربع، إضافة إلى احتضانها الجماعات الإرهابية وتمويلها، وهذا يعني أن الحوار المباشر لن يكون إلا لوضع شروط تنفيذ المطالب وطرق مراقبة مدى الالتزام بها.

ولهذا أكمل تيلرسون كلماته القليلة، التي تقول «سي إن إن» إنه قد قالها للصحافيين المرافقين له في رحلة العودة إلي واشنطن «إن إيجاد حل لما يجري قد يستغرق مدة من الزمن»، وهذا يؤكد أنه لم ينجز شيئاً، وأنه بحركة توقيع مذكرة التفاهم مع قطر أفسد جولته ووساطته.

والدليل على ذلك ما قاله الرئيس ترامب بعد يوم واحد، وهو كلام يخالف وزير خارجيته، والدول المقاطعة تريد أن يوضع برنامج واضح لتنفيذه، فالإرهاب القطري قائم فعلاً، ووقفه لا يكون برقابة مستقبلية، بل بتغيير للنهج الحالي، فنحن نتكلم عن الحاضر قبل المستقبل، وتيلرسون يريد أن يسقط الحاضر، وهذا هو الاختلاف، بينما رئيسه واضح عندما يقول «إن قطر عُرفت بتمويل الإرهاب، وعليها وقف ذلك فوراً»، وفوراً تعني الآن، أي الحاضر.

 

 

Email