فرنسا تهمنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

مخطئ من يعتقد أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية شأن داخلي لا علاقة لأحد غير الفرنسيين بها، ومخطئ من يظن أن الانشغال بتلك الانتخابات وتحليلها أو مناقشتها والحديث عن تداعياتها يعتبر تدخلاً في الشأن الفرنسي، فالذي لا يعجبنا اليوم من المتنافسين على مقعد الرئيس قد يكون هو سيد القصر الجمهوري بعد أيام.

لهؤلاء نقول إنه لو كانت فرنسا جزيرة في الكاريبي أو بحر الظلمات لن تعنينا، ولو كانت جمهورية موز في أميركا الجنوبية أو مملكة جبلية في وسط آسيا أو شرقها أو تحت سفوح الهملايا لن تعنينا، ولكنها فرنسا، كلمتها تعنينا، وفعلها يعنينا، وهي حاضرة في كل شؤوننا، لقوتها تأثير في قضايانا.

ولصوتها في مجلس الأمن دور في إيصال وجهات نظرنا، بيننا وبينها علاقات وطيدة، من هنا، من الخليج، إلى هناك، إلى بلاد المغرب العربي، مروراً بفلسطين، في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب هي شريكة فاعلة، وفي حماية الممرات البحرية بمنطقتنا هي موجودة، وفي ليبيا وسوريا كان ولا يزال لها شأن.

منطق الشأن الداخلي لا ينطبق على فرنسا، تماماً كما كان الحال في انتخابات الرئاسة الأميركية قبل ستة أشهر، وما سيكون عليه الوضع في الانتخابات الإيرانية بعد شهر ونصف الشهر، فالذي سيتربع على كرسي الحكم في مثل هذه الدول سنتأثر بأفعاله وأقواله وسياساته، برضانا ومن دون رضانا، والبشر يختلفون، في سلوكهم يختلفون، وفي أفكارهم يختلفون، وفي ردات فعلهم يختلفون، والسياسة مثل الرمال المتحركة، قد تضع أسسها الدولة.

ولكن الرئيس هو المنفذ، وهذا ما نتناقش فيه، ما نخافه إذا تغير اتجاه الحكم في دولة مؤثرة في مجريات الأمور في منطقتنا والعالم، فنحن لا نعيش في معزل عن الآخرين، والآخرون لا يتركوننا في شأننا، وكما نهمهم ويناقشوننا في كل صغيرة وكبيرة هم أيضاً يهموننا.

ولابد لنا أن نستعد لأي احتمالات تحدث في قمة الهرم السياسي لتلك الدول، وفرنسا من تلك الدول، في حكم »هولاند« تختلف، ولكنها لن تكون هي لو حكمها »ماكرون«، وستكون شيئاً آخر لو أصبحت »لوبان« رئيسة لها.

انتخابات الرئاسة الفرنسية وكل الدول المتغلغلة في شؤوننا تعتبر شأناً خاصاً بنا، ونحن لن ننتخب »لوبان« ولن نسقط »ماكرون«، ولكننا نتحسب للمستقبل!!

Email