لا تطلقوا الرصاص!

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصابتني الدهشة عندما قرأت خبراً يقول مقتل وإصابة 91 شخصاً عراقياً احتفالاً بالفوز على إيران وبلوغ المربع الذهبي لنهائيات كأس آسيا!

إذا كان 91 شخصاً يقتلون ويصابون لمجرد بلوغ الدور قبل النهائي، فكم شخصاً سيموتون إذا فاز العراق على كوريا اليوم وتأهل إلى النهائي، بل السؤال الأهم كم سيموتون إذا فاز العراق بالبطولة؟!

نعم، وبلا شك فإن الانتصارات الرياضية أصبحت من أهم الوسائل لفرح الشعوب، وفي العراق تحديداً أصبحت الوسيلة الأهم، إن لم تكن الوحيدة، ليس من أجل الفرح وحده، بل من أجل توحيد البلد الذي أرهقته الحروب والعرقيات والمذاهب والطوائف والميليشيات!

لكن الشيء المؤكد أن دماء الناس أهم ألف مرة وأزكى من الكؤوس والميداليات والألقاب، وإذا كان الفوز بالكأس الآسيوي سيؤدي إلى مزيد من إزهاق الأرواح وإسالة الدماء هكذا بالمجان، فليته لا يأتي!

لقد أعجبني النجم الكبير يونس محمود، أحد أشهر اللاعبين العراقيين على مر التاريخ، عندما دعا العراقيين بكل أعراقهم وطوائفهم إلى أن يقلعوا عن ضرب الرصاص في الاحتفالات بالفوز، مؤكداً أن الدماء العراقية أغلى من الألقاب، لا أدري هل من مجيب لهذه الكلمات، هل من مساند لها، لكي تتغير هذه الثقافة الدامية، أعلم أن أصعب شيء هو الدعوة إلى تغيير الثقافات، وأعلم أن هذه العادات لن تتغير بين عشية وضحاها، لكني أفعل اليوم من منطلق أن لكل شيء بداية، وأنه لابد من أن يأتي اليوم الذي يقلع فيه الشعب العراقي عن عادة ضرب النار في الاحتفالات الكبيرة، وفي مقدمتها انتصارات المنتخب الوطني الذي نريده هكذا دائماً، يوحد كل العراقيين لكن بلا دماء!

من ناحية أخرى، أستمتع بما يحدثه المنتخب الوطني ومدربه مهدي علي من أصداء في أروقة أكبر بطولات القارة الآسيوية، فإلى جانب الإشادة والمديح الذي حظي به المنتخب إثر فوزه وإخراج المنتخب الياباني حامل اللقب، وتأهله إلى المربع الذهبي، وإلى جانب ما حظي به النجمان علي مبخوت الذي يشارك في صدارة الهدافين برصيد أربعة أهداف، لا سيما هدفه الأخير الذي هز به شباك اليابان لأول وآخر مرة في البطولة، ووصفه الإعلام الأسترالي بأنه هدف عالمي، وأيضاً ما حظي به صانع الألعاب الموهوب عمر عبدالرحمن.

حيث أصبحت تمريراته الحاسمة وهدفه اللافت في ركلات الجزاء من الأحاديث المتصلة في البطولة، إلى جانب كل ذلك، فاجأتنا الوكالة الفرنسية برأي أثلج صدونا في المدرب مهدي علي، عندما رشحته ليكون واحداً من أبرز شخصيات البطولة، وراحت تعدد صفاته ومميزاته التدريبية والإنسانية، كونه صديقاً للاعبين ومؤثراً فيهم، ولم تنس «الفرنسية» حتى كونه مترجماً بارزاً من الإنجليزية إلى العربية في المؤتمرات الصحافية، إنها معان جميلة أسعدنا بها الأبيض الإماراتي بكل أجهزته في أستراليا.

كلمات أخيرة

Ⅶ لم أتوقف كثيراً عند بعض نقاط الضعف التي ظهرت في مباراة اليابان رغم الفوز، فالفارق بيننا وبينهم كان موجوداً، لكننا استطعنا في نهاية الأمر، لاعبين ومدرباً، بالجهد الفائق والتركيز العالي، إبعاده، ولا شك أن ذلك يزيد الثقة في النفس من أجل مواجهة الفريق الأسترالي في أرضه وبين جماهيره.

Ⅶ لم يكن منتخبنا وحده الذي عانى بدنياً في الوقت الإضافي، بل عانى الفريق الياباني أيضاً، فكلاهما بذل ما هو فوق طاقته من أجل تحقيق هدفه خلال المباراة.

Ⅶ بالطبع، ستكون أستراليا أصعب من اليابان، هذا مدرك ومفهوم، والصعوبة هنا تحكمها معايير الفريق صاحب الضيافة عندما يرتقي إلى الدور قبل النهائي، وهذا ليس بالأمر الهين!

Ⅶ هذا ليس معناه الاكتفاء، فقد «تعلمنا خلاص» أن كرة القدم لا تعرف المستحيلات!

Email