سكت الكلام!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يعد للكلام الرياضي معنى طالما أن الأمر أكبر.

نعم، لم يعد للكلام الرياضي معنى طالما أن القرار يعلي من شأن الإخوة، وأنه استجابة للظن الحسن من الجار إلى الجار.

عندما يأتي أمر إعارة المدرب كوزمين إلى السعودية من سمو الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي رئيس النادي الأهلي فلا بد أن يسكت الكلام.

السكوت هنا عن الشأن الرياضي، الذي لم يصبح له محل من الإعراب إزاء أمور أكبر وأهم وأبقى.

ربما لو تحدثنا عن الشأن الرياضي لكانت هناك وجهات نظر كثيرة، ربما نختلف فيها أو نتفق، أما والأمر قد جاء كما تعامل معه «فزاع» وكأنه فزعة، استجابة لمطلب من شقيق كبير، أحسن الظن بشقيقه، فلا بد من الوفاء والإيثار، مهما كانت النتائج، وهنا تسقط وتتلاشى كل وجهات النظر الأخرى، إذا كانت النظرة من ذلك النوع الذي لا ترى إلا تحت القدم، ولا ترى الأفق الرحب حيث اللانهاية.

إنها أخلاق الفرسان، التي تربى عليها سمو الشيخ حمدان وترعرع، نعم، إنها أخلاق الفرسان التي لا ترد الآخر، بل تؤثره على النفس حتى لو لحق بها الضرر.

وهو المعنى نفسه الذي أكده سمو الشيخ حمدان عندما أعفى فريق كرة القدم بالنادي الأهلي من الالتزام بالبطولة، في إشارة إلى أنه لا لوم على اللاعبين إذا لم يتمكنوا من إحراز البطولة هذا الموسم، كونه نتاجاً لقراره بإعارة المدرب للأشقاء بالسعودية في توقيت مهم، لقيادة منتخبهم في نهائيات كأس آسيا بأستراليا خلال شهر يناير المقبل.

والأمر المؤكد أن القرار طالما كان قرار فزاع، فلا مجال للتشكيك بأي صورة من الصور في حكاية عودة كوزمين من عدمها، الرجل عائد، عائد، لا محالة، لأن الأمر اتخذ الشكل غير المألوف، الذي لا يصح التشكيك فيه، ثم إن بقاء الجهاز بأكمله هنا خلال فترة غياب المدرب، وذهاب المترجم فقط معه، لفيه اليقين على العودة.

ويحلو لي أن أغوص في جانب آخر أراه على النحو التالي:

أولاً: إن قرار فزاع أسقط كل الوساوس التي كانت تحيط برغبة المدرب في الرحيل، لدرجة أن البعض اتهم كوزمين بتعمد الخسارة حتى يجبر الأهلاوية على الاستغناء عنه، ودفع التعويض الكبير.

ثانياً: إن القرار أسقط في الوقت نفسه نظرية رغبة الأهلي في التخلص منه بذهابه إلى السعودية، لأن ذهابه قبل تدخل رئيس النادي كان لا يحتمل الشفافية بأي صورة من الصور، فالذهاب

«بالمعنى الرياضي الذي أسقطناه» كان لا يعني سوى عدم العودة، وتكفل السعودية بالشرط الجزائي طالما أنها تريده، وكان ذلك منطقاً مقبولاً لكل من فكر فيه ومن بينهم كاتب هذه السطور!

ثالثاً: إن الإعارة على هذا النحو الكبير، طلب من القيادة السعودية وتلبية من القيادة الإماراتية، فيه إعلاء لشأن كوزمين واستعادة مكانته كونه مدرباً مرموقاً، وهو أمر مهم للغاية لا سيما بعدما اهتزت صورة المدرب في الآونة الأخيرة، بسبب ما أصاب الأهلي، فهو، ومهما كانت الحقيقة، أحد الأسباب في تراجع البطل، على الأقل بحكم موقعه قائداً فنياً للمهمة.

رابعاً: والأهم من كل ما تقدم أن فريق الأهلي نفسه بهذه الهالة التي حظي بها كوزمين من شأنها أن تنفض عنه الغبار، وأنا على يقين بأن ذلك لو حدث فالأهلي سيعيد سيرته الأولى.

 

آخر الكلام

نعم، لا بد أن يسكت الكلام إذا كان المقام أخلاق الفرسان.

Email