دورينا بين الظل والنور

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل جربت يوماً أن تقف في ملعب ويمبلي الذي استضاف عام 1966 كأس العالم، أو أن تجلس في ملعب ماراكانا أكبر ملعب بالعالم، أو استاد مدينة زايد أو استاد محمد بن زايد، دون أن يكون في الملعب مباراة أو جمهور؟، وهل جربت أن تقف هكذا في منتصف الملعب وحدك في هذا المتسع الأخضر والمدرجات تحيط بك خاوية على عروشها، كأنها لم تغنَ بالأمس؟، وهل تأملت رخام المنصة والمقاعد أو شاهدت غرف الملابس المعدة بأحدث وسائل الراحة، دون أن يخرج منها لاعبون.

كل هذه الأشياء الأساسية ليس لها أي معنى بدون أن يكون هناك مباراة وأضواء وجمهور وكاميرات وإعلام، دون أن يكون هناك إعلان يعرّف الناس بأن مباراة بين فريقين ستقام، وهذه هي قواعد اللعبة، وهذا هو الاتفاق الجنتلمان بين واقع اللعبة ومتابعيها بين حاجاتها وأسسها بين حاضرها وماضيها، وبدون هذه المفردات أو الأسس، تفقد الكرة متعتها، وتصبح ساعتها عقوبة، ويصبح قراءة خبر مباراة أقيمت في مثل هذه الأجواء، بمثابة «نعي في جريدة».

بهذه المفردات، تعتبر الكرة واحدة من أهم 10 صناعات في إيطاليا، وتعد الصناعة الرابعة أو الخامسة في إسبانيا، بما تدر وتدخل، وبما تصنع، والكرة من أهم أسلحة القوة الناعمة، ولو لم يكن هناك الريال وبرشلونة، ربما ما كان الكثيرون يعرفون أن هناك بلداً اسمه مدريد، وآخر اسمه برشلونة، فالكُرة لعبة ذات أبعاد اجتماعية وثقافية واسعة.

وعلى أي قائم على أمر اللعبة، أو حتى الرياضة ، أن يتفهم الأبعاد الاجتماعية والثقافية، ويدرك تأثيرها الحيوي كظاهرة اجتماعية متداخلة في البنى الاجتماعية، وكل هذه الحقائق بات يفتقدها دورينا، وبات يخسر مفرداته التي جاهدنا جميعاً عبر السنين والأجيال لكي نؤسسها، فانطلق دورينا هذا العام في أجواء، لن أقول من التعتيم، يكفي أن أقول من الصمت.

فلم يشعر أحد بأن الدوري بدأ وكأننا فقدنا الرغبة في كرة القدم التي تأسست على المعرفة وسهولة تدفق المعلومات، وليس على عقد الاجتماعات والورش، أو الاستعانة بمسؤول دوري من الدوريات ليحدثنا عن تجربته.

لا أعرف ما سر هذا التجاهل الذي مارسته لجنة المحترفين هذا الموسم، والأقرب عندي أنها فقدت حماسها للمسابقة، أو ملت منها، فهل هناك من شعر بأن الجزيرة البطل ،خسر من دبا، وهل رأى أحد أنها مفاجأة، وهل سمع أحدكم عن فوز الوحدة على النصر، مضى أسبوعان من الدوري، دون أن تكلف لجنة المحترفين نفسها بعمل إعلانات ترويجية للبداية والانطلاقة، دون أن تعرف أن الإعلان ضرورة قبل وضع جدول المباريات ، وهذا البعد الغائب ، أفقد الدوري الأهمية الاجتماعية.

هل فقد الدوري الانتشار والحضور؟، ولن أذكر عدد الجماهير التي حضرت الأسبوعين الماضيين، لأنه رقم معيب، والسبب هو فكر لجنة المحترفين، الذي تخلف عن ركب الواقع، والحقيقة، ولن أستغرب إذا ما قيل لي عم تتحدث؟، الدوري انتهى.

 

Email