دولة بلا وطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

ساسة إسرائيل ليس لديهم قناعة ببقاء إسرائيل. هذا ليس من باب التمني من طرفنا بل من باب ما «يفلت» من ألسنتهم كما كشف نتنياهو، عن أنه يعمل على استمرار إسرائيل مائة عام وليس ثمانين كما عاشت «مملكة الحشمونائيم» اليهودية.

نتنياهو الذي وصفته مجلة تايم بـ«ملك إسرائيل» على غلافها عدد 17 مايو 2012، باعتبار أنه أكثر وزراء إسرائيل بقاء في الحكم منذ مؤسس الكيان ديفيد بن غوريون، لم يزل يحارب الحقيقة من خلف نظرية القلعة التي اعتمدتها ممالك بني إسرائيل فلم تجلب لها إلا الانهيار والزوال. ذلك أنهم صدّقوا أنهم «شعب الله المختار» وأن باقي البشر عبيد لهم!

رغم كل ما تمتلكه إسرائيل من أسلحة ودعم من المغرر بهم من الغرب الأوروبي والأميركي، فإن نتنياهو لم يزل يخوض معركة «يهودية إسرائيل» متهماً من يسمون بالمعتدلين بأنهم «نسوا معنى أن تكون يهودياً» مشيراً بذلك إلى اليسار الإسرائيلي.

يرد الكاتب الإسرائيلي أريك ديامنت في «هآرتس» على اتهامات نتنياهو قائلاً: «في الحقيقة، صحيح أن اليسار ابتعد عن اليهودية، لكنه لم ينس سبب ذلك، وكذلك ليس من الواضح تماماً من الذي ابتعد عن الآخر. فاليهودية الأرثوذكسية المتطرفة ترفض كل ذكاء روحاني مصدره ديانة أخرى، أو حتى في يهودية غير متطرفة. الحاخام عوفاديا يوسف الذي اعتبر في حينه منارة كبيرة، لم يعرف أي شيء تقريباً عن العالم خارج ساحته.

وكان يسقط في مرات كثيرة ضحية لاحتكار نشطاء محتالين في حزبه. وهو عنصري لأن العنصري هو الذي يستطيع الادعاء بأنه ابن الشعب المختار، التعالي على الشعوب الأخرى واحتلال أرضهم وطردهم وتفجير أطفالهم، والسماح لنفسه بأخذ نسائهم ـ كل ذلك بزعم أنهم أقل قدراً». ويضيف الكاتب: «وشرير؛ لأن من يدعو لطرد لاجئين من دولة إسرائيل لأنهم غير يهود هو شرير».

ففي يوليو 2001 دعا الحاخام اليهودي المتطرف إلى «إبادة العرب بالصواريخ»، وأضاف في «عظة» السبت في كنيس بالقدس المحتلة بمناسبة عيد الفصح اليهودي أن العرب «يجب ألا نرأف بهم ولا بد من قصفهم بالصواريخ وإبادة هؤلاء الأشرار والملعونين». وقال لأتباعه: إن «العرب يتكاثرون في المدينة المقدسة كالنمل، عليهم أن يذهبوا إلى الجحيم».

وفي أغسطس 2004 قال عوفاديا في خطبة بثتها الفضائيات الإسرائيلية: إن «اليهودي عندما يقتل مسلماً فكأنما قتل ثعباناً أو دودة، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلاً من الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعي أن يحدث».

هؤلاء شعب الخرافات ومنها خرافة «شعب الله المختار». فبعد أربع سنوات على موته عن ثلاثة وتسعين عاماً أصبح كرسيه الذي كان يجلس عليه خلال إلقاء عظاته الأسبوعية لسنوات عديدة الأعلى سعراً في العالم، بعد أن تم طرحه للبيع في أعلى مزايدة شهدتها إسرائيل.

إذ تم بيعه بمبلغ 280.000 دولار. الكرسي الذي اشتراه في المرة الأولى اثنان من رجال الأعمال اليهود الحريديم، تم عرضه في أنحاء العالم على آلاف اليهود، وتم خلال جولاته تلك جني مبالغ مالية طائلة.

وكان الكرسي اختفى من الكنيس قبل خمس سنوات الأمر الذي أثار الشكوك بسرقته، إلا أنه وبعد التحري اكتشف أن راعي الكنيس قد وضعه في منزله «خوفاً عليه من التلف» لهذا قرر الكنيس حينها طرحه للبيع بمزاد علني، خوفاً عليه من السرقة.

ويعتقد اليهود أن الكرسي وسيلة تمنحهم ما يريدون، فكانوا يقصدونه للتبرك منه ولغرض العلاج، فكانت تقصده النساء اليهوديات اللاتي حرمن من الإنجاب، والإسرائيليات اللاتي تجاوزن سن الزواج من دون أن يطرق أحد أبوابهن، إضافة إلى الرجال الذين يعانون مشكلات في العمل والمنزل، ظناً منهم أن هذا الكرسي سيحل مشكلاتهم وينهي محنهم.

قد يشعر الإسرائيليون أنهم في «دولة» لكنهم لن يشعروا أنهم في «وطن». ببساطة لأنه ليس وطنهم بل وطن اثني عشر مليون فلسطيني ثلثاهم في الشتات، وهم يدركون ذلك.

 

Email