تضحيات ُمشرّفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

سطرت دولة الإمارات بمداد من نور سجلات مشرفة في مسيرة العمل الإنساني، وتسابق أهلها الأوفياء المحسنون ليبذروا الخير في كل مكان، داعمين مبادرات الدولة في إغاثة الملهوفين، وإعانة المنكوبين، ومساندة الدول والشعوب المحتاجة، ومساعدتها على تحقيق التنمية والاقتصاد، ومكافحة الآفات كالفقر والجهل والإرهاب، ورعاية الفئات الضعيفة كاليتامى والأرامل وغيرهم، وساهمت دولة الإمارات في إنشاء الصروح الإنسانية التي تدعم هذه الفئات في شتى البقاع.

والتي حثت تعاليم الإسلام الحنيف على رعايتهم والإحسان إليهم، وبذل المجهود لتخفيف معاناتهم، والمجتمع الإماراتي مجتمع بذل وعطاء، مستنير بقيمه الإسلامية والعربية التي تحثه على فعل الخير وبذل المعروف.

وفي إطار هذه المسيرة المشرقة كان أبناء الإمارات في أفغانستان يعملون على قدم وساق في بناء المشاريع الخيرية والصروح العلمية لمساعدة الشعب الأفغاني، والوقوف معه وقوف الأخ مع أخيه، وتعتبر دولة الإمارات من أكبر الدول المانحة لأفغانستان، والداعمة لها بالمشاريع الخيرية والتنموية، لمساعدتها على النهوض من كبواتها وتجاوز أزماتها.

ذلك الذي يُظهر معادن رجال الإمارات، وقيمهم الأصيلة، ففي الملمات تظهر معادن الرجال، وفي أوقات الضيق والشدة يظهر أهل الصدق والمعروف، وفي مكامن الخطر تتجلى أرفع معاني الشجاعة والبطولة.

وبينما سفراء الإمارات للخير أبطال العمل الإنساني يؤدون واجبهم في أفغانستان ويضعون حجر الأساس لدار خليفة بن زايد آل نهيان لرعاية الأيتام في ولاية قندهار ويجتمعون على موائد العمل الخيري إذا بأيادي الغدر والخيانة والإجرام تغدر بهم، في عمل إرهابي دنيء أقل ما يقال عنه إنه تخطى حدود التصورات، فأي عقل مجنون يخطط لقتل أناس مسالمين محسنين يفتتحون داراً لرعاية الأيتام، إن عقولاً بهذا المستوى الهمجي عقول إجرامية لا يمكن وصفها.

لقد رحل عنا خمسة فرسان وتركوا لنا سيرة عطرة، وقدوات حسنة، وتضحيات مضيئة، تتذاكرها الأجيال، فلله درُّهم، وعند الله أجرهم، علمونا دروساً عظيمة، علمونا التضحية من أجل إسعاد اليتامى، علمونا عظمة قيمة العمل الإنساني، وعظمة القائمين به، الذين يطيعون الله بإسعاد خلقه، ويتقربون إليه زلفى بالبر والإحسان بعباده الضعفة والمحتاجين، ويستسهلون المصاعب لزرع البسمة ونشر السرور، ولا يترددون في بذل الخير مهما كانت الظروف والأخطار.

لقد أطلقت دولة الإمارات مبادرة عام الخير، وارتفعت الهمم وتنوعت الأفكار، لبذل الخير في الداخل والخارج، ولكن فرساننا الخمسة كان عطاؤهم مختلفاً، قدموا أغلى ما يملكون من أجل عمل الخير والإحسان، قدموا أرواحهم الغالية، والجود بالنفس أقصى غاية الجود، جادوا بأنفسهم وهم يبذلون المعروف، ويرعون اليتيم.

وإننا نحتسب فرساننا الأوفياء عند الله تعالى، مستبشرين بما وعد الله الشهيد من الأجر العظيم، فالشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون، أعلى الله منازلهم، وأكرم وفادتهم، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وبركتهم متعدية إلى أهلهم وذويهم، فهم يشفعون في سبعين من أهل بيتهم، وتوضع على رؤوسهم يوم القيامة تيجان الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا، فما أعظمه من فضل.

وفي المقابل أثبت الإرهابيون أنهم أعداء الخير والسلام والاستقرار والازدهار، وأثبت الواقع الدامغ أن الإرهاب آفة مدمرة، يجب تكريس الجهود لمكافحتها واستئصالها وتجفيف منابعها، على كل المستويات، دون توان ولا هوادة، والإرهاب أول من يقتل صاحبه المريض، يقتل فيه أخلاقه وإنسانيته، فيصبح آلة قتل ودمار، لا يرحم صغيراً.

ولا يشفق على كبير.وإن استهداف المشاريع الخيرية جريمة نكراء تضاف إلى رصيد الإرهابيين، لتكشف مزيداً من قبحهم وجنايتهم، وتبين للعالم أجمع أنهم أعداء الخير، وتكشف عن حقيقة لا تقبل الجدل، وهي أن الإرهاب والخير لا يجتمعان.

كما لا تجتمع الظلمة والنور، فالإرهابيون يصدون الناس عن فعل الخير، وهم أحد الأسباب الأساسية لتفاقم المشكلات الحياتية في بعض المجتمعات من فقر وجهل وصراع وغيرها، وهم كالعقارب المسمومة، لا تستطيع العيش إلا في الجحور، لأن المجتمعات تلفظهم وتلفظ أفكارهم، لأنها مصادمة للشرع والعقل والفطرة، فمصيرها الاندحار والاندثار.

وليعلم هؤلاء القتلة المجرمون أنهم لا يضرون إلا أنفسهم بأعمالهم الخسيسة، وأن سفينة دولة الإمارات شامخة أبية، ماضية بأبنائها في بحور الخير والعطاء، تنشر السلام والوئام في أنحاء المعمورة، ولا تزيدها التحديات إلا تصميماً وصلابة، وأن تضحيات أبنائها الأبرار مشاعل مضيئة تنير سفينة الوطن كالمصابيح، لتعمي عيون خفافيش الإرهاب والتطرف، وتبدد ظلام الإرهابيين.

نسأل الله تعالى أن يتغمد شهداءنا الأبرار بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

 

Email