أقول لكم

الأفاعي تتلون

ت + ت - الحجم الطبيعي

تغير الأفاعي جلدها بحسب البيئة المحيطة بها، تتلون بألوان الطبيعة، تموه الآخرين، كل من تخشاهم، بشر وحيوانات مفترسة، من يمثلون خطراً عليها، أو حيوانات وطيور وزواحف ضعيفة تريد أن تفترسها.

من الواضح أن الإخوان قد دخلوا مرحلة جديدة مقتبسة من الأفاعي، وهي مرحلة التلون وتغيير الجلد، أما السم فهو متوافر لديهم منذ أن انطلقوا، هو سلاحهم الأول والأقوى والأكثر شيوعاً، وهم يملكون تجارب كثيرة في تغيير المسارات وتبديل الحلفاء واختيار الأصدقاء، وحتى في مساندة الطغاة، وقد كانت تلك متطلبات مراحل وسياسة تكتيكية يذهبون إليها حسب الظروف، ولكنهم اليوم يستعينون بعلم الأفاعي لأنه ملاذهم الأخير.

جربوا الدعوة، وجربوا العنف، وجربوا التملق، وجربوا التصادم مع الحكام، وجربوا تمييز أنفسهم عن بقية أطياف المجتمع، وجربوا إقصاء الآخرين، وفشلوا، كان فشلهم ذريعاً، وانتكاساتهم عظيمة، فتفتق ذهنهم عن خطة جديدة، بدأت بذلك «الثعلب» الماكر راشد الغنوشي، الذي راجع أسباب فشله في تونس ما بعد الربيع، وقرأ جيداً تسلسل الأحداث في السنوات الأربع التالية، وكيف تحول هو شخصياً ومعه حزبه المسمى بالنهضة إلى الهامش، هامش تونس وهامش الحياة السياسية والدينية والشعبية، وهو الذي نزل مطار «قرطاج» في 2011، وبعد 20 عاماً في الخارج، معتقداً بأنه المنقذ والبطل.

تخلى الغنوشي عن الفكر المترسخ في أذهان الإخوان، لم يتمسك بالسلطة، ولم يصادم الشعب التونسي، وقبل بصناديق الاقتراع حكماً، أصبح ديمقراطياً، حتى لا يدخل في خانة العداء المكشوف لأنه سيخسر، فتمسك بأطراف السلطة، وزير واحد، وبضعة نواب، واستمرارية الظهور والتواجد واسترجاع المكانة!!

وبعد ما حدث في تركيا، واهتزاز الداعم الأكبر للإخوان، والخوف من خسارة آخر القواعد الثابتة، والعيش في الشتات، بدأت الدعوات تنطلق، وبدأت جلود الأفاعي تتساقط، وألوانها تتغير!!

Email