الأخلاق في عالم هيلاري كلينتون

ت + ت - الحجم الطبيعي

قالت هيلاري كلينتون المرشحة لخوض السباق إلى البيت الأبيض التي لم يوجه إليها اتهام، في تجمع بنورث كارولينا: »القوس الأخلاقي للكون طويل ولكنه ينحني باتجاه العدالة«، فيما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى جوارها ورجال مكتب التحقيقات الفيدرالية وراءها. وأومأت متفقة على نفسها على نحو يوحي بالانكسار..

ورأسها يرتفع وينخفض، وذقنها في الهواء بطريقة مؤداها أنها ستصل إلى رئاسة الولايات المتحدة. وعزت كلينتون هذه العبارة إلى أوباما، ولكنه كان قد استقاها من مارتن لوثر كنغ، الذي اقتبسها قبل سنوات من ثيودور باركر، الذي لم يعش ليرى العدالة وهي تنحني، ومات قبل الحرب الأهلية.

الأخلاق كلمة بالنسبة لبعضهم. وكلمة للسياسيين فقط في التجمعات لإضفاء الانطباع المنطقي للاستيلاء على السلطة. وإذا كان هناك شيء واحد فقط تسعى إليه آل كلينتون إلى جانب الكذب فهو السلطة.

وفي حال كان هذا عالماً أخلاقياً حقاً لانقلبت هذه الكلمات إلى أمور ترددها هيلاري فقط. ولكنها ليست كذلك. لقد كان ذلك يوماً جيداً بالنسبة إلى هيلاري. لقد وجدت مساندة من أوباما في هذا الشأن، حيث وعد بأنها ستحول الحياة السياسية نحو إلى ما هو خير. ولم توجه إليها تهمة اقتراف جريمة فيدرالية.

وقال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي قبل ذلك بساعات قلائل إنه لن يتهمها باتهامات جنائية بناء على فضيحة بريدها الإلكتروني. البريد الذي استخدمت لأجله خادما خاصا لرسائلها الإلكترونية عندما كانت وزيرة خارجية الولايات المتحدة ولوحت بمعلومات غاية في السرية أمام قراصنة استخباريين أجانب.

ومع ذلك فإن نقد كومي لتصرفات كلينتون كان مدمراً، على الرغم من أنه طرح بأسلوب مدروس حيث قال إنه لم تكن هناك أدلة كافية لتوجيه اتهامات جنائية. إلا أن الطريقة التي تعاملت بها مع أسرار البلاد كانت في »غاية الإهمال«. بحيث أصبح بإمكانها الاحتفاظ برسائلها الإلكترونية الخاصة بعيدة عن أعين حكومتها وممثلي الشعب.

وقال كومي: »كي نكون واضحين، فإن هذا لا يشير إلى أنه في ظروف مماثلة فإن الشخص الذي انخرط في هذا النشاط لن يواجه أي عواقب، وبالعكس فإن هؤلاء الأفراد غالبا ما يخضعون لعقوبات أمنية أو إدارية. ولكن هذا ليس ما نقرره الآن«.

ولكن كيف يمكن لهيلاري كلينتون أن تحتفظ بتأشيرة دخولها الإلكترونية الأمنية عقب اتهامها بأنها غير مكترثة بأسرار الدولة؟ لا أعرف كيف يمكن أن يكون ذلك ممكناً، وهو ما يجعل ترشحها للرئاسة أمراً صعباً.

وكل هذا يطرح سؤالاً ثانياً: هل آل كلينتون فوق القانون؟ مشكلة هيلاري هي أن معظم الأميركيين يعتقدون بأنهم فوق القانون بالفعل. الجمهوريون يكرهون آل كلينتون لأجل ذلك..

وربما لأن ريتشارد نيكسون لعب اللعبة غير الأخلاقية ذاتها، وألقي القبض عليه ودمر سياسيا بينما آل كلينتون يزدهرون ويسبحون في الثروات. وفي حال كان هناك من فائدة واحدة بالنسبة إلى الجمهوريين من كل ذلك فهي تتمثل في أن هيلاري كلينتون لاتزال المرشح الديمقراطي.

ولو أنها قد وجهت لها تهم لاضطر الجمهوريون إلى مناشدة نائب الرئيس جو بايدن. ولكن لتلميعه فإنهم سيجبرون على تقديم دفاعات محرجة عن الأشياء الغبية والسخيفة التي قالها بايدن.

وقالت هيلاري كثيرا من الأمور السخيفة عن مسألة رسائلها الإلكترونية، ومعظمها أكاذيب، وهذا كان أمراً واضحاً من بيان كومي.

طريقة كلينتون في الرد هي الإنكار، حتى يتم الكشف عن الأكاذيب، وعندئذ تقول إن المعلومات الجديدة هي أخبار قديمة فقط. إلا أن البيانات الجديدة الصادرة عن كومي تعتبر مدمرة، بالنسبة إلى أي شخص يعتريه الخجل على الأقل.

ما هي نظريتي ؟ بيل كلينتون لديه مؤسسة بمليارات الدولارات قبلت تبرعات من مصادر أجنبية مشكوك فيها، ونمت مؤسسته بشكل كبير عندما كانت زوجته وزيرة خارجية الولايات المتحدة. ونلاحظ أن كومي لم يقل كلمة واحدة عن مؤسسة كلينتون التي لاتزال تخضع للتحقيق.

في عالم آل كلينتون يمكن للسياسيين استدعاء الأخلاق بعد ضبطهم متلبسين بالكذب من دون حمرة خجل. وبالنسبة إلى كل من بيل وهيلاري كلينتون فإن الأمر يتعلق بالتلاعب للعدالة.

 

Email