قادة حكماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

لدينا عمق استراتيجي، الأرض العربية كلها امتداد لنا، نشد ظهورنا بها، ونعوّل عليها كثيراً في مواجهة المخاطر والأطماع، ونعرف جيداً أننا في وقت الشدائد سنجدها سنداً وعوناً، فمصيرنا واحد، هذا صحيح، ولكننا لسنا اتكاليين.

لم نضع أيدينا في الماء البارد، ولم نعش الرفاهية وننسى الواجب، فقد حبانا الله قادة حكماء، ليسوا طلاب نعيم في الدنيا، وليسوا من الذين تشغلهم المظاهر عن العطاء، فأسسوا دولاً متكاملة، فيها رغد العيش، وفيها الاستقرار، وفيها الأمن والأمان، ولها رجال يسهرون عليها وهم في المقدمة، هؤلاء الذين وضعوا قواعد جديدة للحكم، وقدموا الدلائل والشواهد على أن القيادة تكليف، وأن الحكم أمانة، وأن المواطنة مسؤولية، وأن الأرض شرف، وأن الوطن يسمو على النفس.

لم نقم دولاً كرتونية أو إسمنتية كما يحلو للمتحزبين أن يشيعوا، والوقائع أثبتت لهم ذلك، فالرجال ثبتوا جذور هذه الدول، وعمقوا مفاهيم الوطنية والانتماء، وارتقوا بروابط الولاء، وعندما حانت لحظة الامتحان رأينا الالتفاف حول بعضنا البعض، إنها صورة قل أن تراها الأمم الأخرى في هذا الزمان، القائد بين الناس، والناس تبحث عن وسيلة لأداء الدين، الدين للوطن، كل شيء هنا يحدث باسم الوطن ومن أجله، فالذين أخذوا مستعدين للعطاء، وبنفس راضية، حتى الأرواح ترخص إن قدمت تلبية للنداء، لتلاقي ربها وهي مرضية بإذنه.

ما ميز دول الخليج، وإذا خصصت سأقول دولة الإمارات، إنها لم تستمع إلى أقاويل المغرضين، ولم تلتفت إلى المشككين، وتوكلت على رب العالمين، فهذا ليس زمن الاحتمالات، وليس من الحكمة أن نضع أنفسنا وسط التوازنات، والدولة لها أركان، والقوة ركن أساسي من أركانها، فأسس المؤسسون، وأكمل التابعون، وأدى الأمانة المؤتمنون، قوة تحمي، وقوة تدافع، وقوة تصد الأخطار، جيش هو فخر لنا، من أبنائنا، جنوده وقادته هم أبناء زايد وخليفة ومحمد، أبناء الوطن عليهم نعتمد، وبهم نأمن على أرضنا وعرضنا ومالنا وكل مكتسباتنا.

مصيرنا بين أيدينا وليس في يد الآخرين، أيا كان هؤلاء الآخرون، هكذا فهم قادتنا التاريخ والسياسة، فبنوا القوة الذاتية، وشاءت الأقدار أن تكون قوة تدافع عن العمق الاستراتيجي.

 

Email