تحية لأبطالنا الذين يحررون اليمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

«وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ».

(سورة الأنفال: 60).

يوم الخميس، استيقظت على خبرٍ جلب لي راحة البال وملأ قلبي عزةً وفخراً، ولا شك في أن هذه المشاعر يشاركني إياها المواطنون في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، والعالم العربي بأسره. أخيراً، أخذنا مصيرنا بأيدينا وبتنا نسيطر على أمننا. أتوق إلى هذه اللحظة منذ عقود طويلة. فيما كان اليمن ينزلق في المسار نفسه الذي سلكه من قبله لبنان وسوريا والعراق.

تنقلب الأوضاع لمصلحتنا فيما أخط هذه السطور، وغني عن القول إن الأعمال الحربية يجب أن تكون دائماً الملاذ الأخير، لكن لا يمكن إجراء حوار مُجدٍ مع أصحاب الأجندات الإمبراطورية، كما أنه لن ينجح خداع الخليجيين الذين ضاقوا ذرعاً بالحيَل المتكررة.

يجب أن تتواصل الحملة العسكرية حتى تنظيف اليمن من الخونة، واستئناف الحكومة الشرعية نشاطها في العاصمة صنعاء. يجب عدم تقديم أي تنازلات إلى الميليشيات الحوثية؛ فقد تخلّى أولئك العملاء عن حقهم في أن يسمّوا أنفسهم «عرباً»، إنهم خونة يستحقون أقسى العقوبات.

المقاتلون الذين يختارون الاستسلام لا يستحقون المحاكمة، بل يجب نقلهم إلى موطنهم العقائدي. فأفعالهم - حل البرلمان، وطرد الرئيس المنتخب ديمقراطياً، والاستيلاء على المباني الحكومية، وترويع اليمنيين من الشمال إلى الجنوب - هي الخيانة القصوى بذاتها.

بعد أحداث العراق وسوريا واليمن، لطالما خشيت أن تكون دول الخليج الهدف التالي إذا لم تتخذ خطوات حاسمة، لكن الآن بعدما أطلقت السعودية عملية «عاصفة الحزم» إلى جانب أشقائها الخليجيين دفاعاً عن اليمن، بناءً على طلب الحكومة المعترف بها دولياً بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أشعر بأننا أمام صفحة إيجابية جديدة، هذا ما نطمح إليه، وهذا ما يريده شعبنا.

الميليشيات التي نفّذت توغلات عسكرية في السعودية لا يمكن السماح لها بالسيطرة على الطائرات والصواريخ والدبابات اليمنية وسواها من المعدات العسكرية. ولا يمكن الوثوق بأنها لن تفرض حصاراً على مضيق باب المندب الذي لا يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي فقط، إنما يشكّل أيضاً صلة وصل مع قناة السويس.

تحية لقادة مجلس التعاون الخليجي الذين تحلّوا بالشجاعة لاتخاذ القرارات المناسبة! سوف يسجّل التاريخ هذا الموقف الشجاع الذي اتّخذتموه للدفاع عن سيادة اليمن وأمن منطقتنا. اليوم، لدينا قادة يريدون أن يتولوا زمام القيادة. ستُحفَر أسماؤكم على نصبٍ وتبقى مطبوعة في قلوب أولادنا وأحفادنا. أحسنتم! فليكن الله في عونكم دائماً كي تقدّموا الأفضل لأمتنا العربية!

«عاصفة الحزم» هي التسمية الأنسب لهذا التدخل العسكري الدفاعي الذي يقوم به المتحدّرون من أعظم قائد، النبي العربي محمد (صلى الله عليه وسلّم) الذي سلّم عباءة النصر إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، قائد الجيوش المسلمة الذي هزم كسرى، ملك بلاد فارس، وهرقل، إمبراطور الروم.

إننا نُظهر للعالم أننا لن ندفن بعد الآن رؤوسنا في الرمال وندّعي أن كل شيء على ما يرام. إننا نستعرض قوتنا من خلال عرض حاشد للجبروت العسكري، أيضاً بفضل الدعم القوي من حلفائنا - مصر والسودان والأردن والمغرب وباكستان - التي تعهّدت كلها بالإسهام في هذه المعركة المحقة. شكراً لجميع أصدقائنا الذين لم يترددوا في الوقوف إلى جانب إخوتهم اليمنيين في وقت الحاجة.

آمل بأن تُظهر القمة العربية التي ستُعقَد في شرم الشيخ في 28 و29 مارس الجاري، حزماً في دعم تشكيل قوة عربية مشتركة للتصدّي لمختلف المسائل الطارئة في منطقتنا. لم يعد بإمكاننا الاعتماد على حلفائنا الغربيين كي يقوموا بالمهمة عنا، لا سيما أن سياساتهم الخارجية مشوّشة وغير متماسكة.

أقرّ بأنني غضبت لدى مشاهدة المحللين العرب يناقشون الشؤون اليمنية عبر العديد من محطات التلفزة. يطرح جميع المقدّمين السؤال نفسه: هل أُطلِقت عملية «عاصفة الحزم» بموافقة إدارة أوباما؟ ما هذا السؤال؟

لا نحتاج إلى ضوء أخضر من أحد للدفاع عن أرضنا وسلامة شعوبنا وكرامتنا. نحن أمّة من 367 مليون نسمة، ومن المعلوم أن أرضنا هي مهد الحضارة، ونكره أن نُعامَل معاملة القاصرين. لا نحتاج إلى إذن من أحد، ويجب ألا نسعى للحصول على إذن من أحد.

آمل حقاً أنه بعد أن يتخلّص اليمن من الوباء الحوثي، يستمرّ هذا التحالف الذي تقوده السعودية ويتألف من عشرة بلدان تلتقي حول الأفكار نفسها، وسوف يحوّل أنظاره نحو إعادة العراق إلى عروبته. يجب أن يحكم العراق عربٌ مخلصون، سواء كانوا سنّة أم شيعة، وليس أولئك الذين يركعون أمام دولة أجنبية تعمل ضد مصالح العرب.

وبإذن الله، سيأتي يوم يتخلّص فيه لبنان وسوريا من العملاء المتنمّرين، بشرط أن يحافظ قادتنا على هذا الزخم الوطني التاريخي. إذا لم نحرّر أراضينا العربية من الأمراض الصامتة التي تمزّقها، ستبقى شعوب الخليج والدول الحليفة معرّضةً للخطر.

أخيراً، لا بد لي من أن أهنّئ قادة مجلس التعاون الخليجي. لقد جلبتم لنا العزّة والإباء. إن تحرّككم الحازم هذا يتيح لنا أن نرفع رؤوسنا عالياً، أدعو أن تستمروا في الدفاع عن أمتنا واستقلالنا وكرامتنا، وأتمنى النجاح والتوفيق لقواتنا المسلحة، لا سيما طيّارونا الذين يجازفون بحياتهم في كل مهمة يقومون بها. حفظكم الله وثبّت خطاكم في مهمة حماية الأرض العربية وإخوتنا وأخواتنا اليمنيين وشرفنا!

Email