دروس من مواساة أمِّ الإمارات لذوي الضَّحيَّة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تنهج دولة الإمارات نهجاً إنسانياً مشرقاً مستمداً من القيم الإسلامية الناصعة المعتدلة في مواقفها وعلاقاتها مع الجميع، وذلك منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وإلى أن تولى زمام قيادتها رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله، حيث حرصت الدولة منذ يومها الأول على تعزيز مخرجات القيم الوسطية، مثل التعايش السلمي مع الآخرين، وصيانة حقوقهم، وحفظ أمانهم وعهدهم لكونهم في مجتمعنا وتحت حمايتنا، ومواساتهم، ومد يد العون لهم، إلى غير ذلك من المعاني النبيلة التي تمثِّل مخرجاتٍ أساسيَّةً في استراتيجية دولة الإمارات وسياستها.

ومن هذه المواقف الإنسانية: ما قامت به أمُّ الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله من مواساة أسرة ضحية جريمة الريم، وتوجيهها بتفقُّد أبناء الضحية، ونقل الإدانة الحازمة من قبل سموها للجريمة، واستعداد سموها الكامل لتقديم ما يحتاجون إليه من الدعم والرعاية وكل ما يسهم في التخفيف عنهم، مما كان له الأثر الكبير في نفوس أبناء الضحية وتخفيف معاناتهم.

وهذا يؤكد لنا: عمق القيم الإسلامية المعتدلة السائدة في دولة الإمارات على مستوى القيادة والشعب، ومدى العناية بترسيخ وترجمة هذه القيم على أرض الواقع، والتي تُظهر جمال الإسلام وصورته الناصعة وما يتضمنه من منظومة أخلاقية رفيعة في التعامل الجميل مع الآخرين،..

وهذا ما ينبغي علينا أن نعزِّزه ونقوِّيه في تعاملنا مع كل من يعيش على أرض هذا الوطن الغالي، تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله سبحانه بقوله: {وإنَّك لعلى خلق عظيم}، وامتثالا لقول النبي عليه الصلاة والسلام: « وخالِقِ الناس – أي: عامِلهم - بخلق حسن »، لنعطي بذلك صورة إيجابيَّة عن ديننا وثقافتنا وأعرافنا في الداخل والخارج.

ومما نستفيده أيضا من موقف أمِّ الإمارات: التنديد بالجريمة البشعة التي وقعت في جزيرة الريم، ومصادمتها للقيم الإسلامية والإنسانية، وتعزيز هذا الجانب بإظهار المفاهيم الإسلامية الصحيحة والثقافة الإيجابية المعتدلة التي تبين فداحة الجرم المرتكب ومنافاته للشرع والعقل والإنسانية..

ومن صور ذلك: بيان تعظيم حرمة الدماء وتحريم القتل والاعتداء على الأنفس وترويع الآمنين، وبيان أن هذه الأعمال لا تمتُّ إلى الدين ولا العقل ولا الإنسانية بصلة، قال الله سبحانه: {ولا تعتدوا إن الله لا يحبُّ المعتدين}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ».

ومن الدروس المستفادة أيضا من موقف أمِّ الإمارات: ما أكَّدته سموُّها من أنَّ ما قامت به المرأة القاتلة لا يمتُّ بصلة الى الصورة المشرِّفة والسَّائدة للمرأة الإماراتية التي تعد نموذجا في السلوك الإنساني وحب الخير والسلام والرقي والوئام، فهي جريمة شاذة خارجة عن طبيعة وأعراف وتقاليد وواقع المجتمع الإماراتي، والفكر الذي تلبَّست به الجانية فكر شاذٌّ دخيلٌ جاء بسبب ارتياد المواقع الإلكترونية الإرهابية، والجانية لم تضرَّ بذلك إلا نفسها، وتبقى صورة المرأة الإماراتية مشرقة ومشرِّفة، ويبقى المجتمع الإماراتي نموذجًا في الأمن والأمان والتعايش السلمي، ماضيًا في تعزيز هذه المعاني وترسيخها.

ومن ذلك أيضا: ما قامت به أمُّ الإمارات من الإشادة بجهود وزارة الداخلية في سرعة كشفها لغموض الجريمة وضبط الجانية في وقت قياسي، وهذا أمر مهمٌّ ينبغي على الكتَّاب والمثقَّفين ووسائل الإعلام إشباعه، لأنه يعزِّز أوَّلاً ثقة المواطن والمقيم بالأجهزة الأمنية في الدولة، مما ينمِّي جانب الشعور بالأمن والاستقرار والاطمئنان..

كما أنَّه يعطي ثانيًا رسالة قوية وزاجرة لكلِّ من تسوِّل له نفسه العبث بأمن واستقرار دولة الإمارات بأن الأجهزة الأمنية الإماراتية له بالمرصاد، وأنه مهما تخفَّى وتوارى فإن يد الأجهزة الأمنية ستطاله بإذن الله، وأن رجال الأمن في الإمارات من القوة والكفاءة والتميُّز بما يجعلهم قادرين وبجدارة على إفساد أي مخطط إجرامي يريد الإضرار بالبلاد.

ومن ذلك أيضا: ما دعت إليه أمُّ الإمارات من التضافر لمواجهة الفكر المتطرف والإرهاب بكل أشكاله ومستوياته، والذي يرمي إلى زعزعة الاستقرار والأمن الذي تنعم به دولة الإمارات، والتحذير من الانسياق وراء الأفكار الضالة المضللة التي تبتغي الإساءة إلى الصورة المشرفة لمجتمع الإمارات، وضرورة مواجهة كل ما يسيء الى المكانة المرموقة التي تحظى بها بلادنا في شتى المحافل الإقليمية والدولية، وهي دعوة غالية ونصيحة ثمينة من أمِّ الإمارات لأبنائها وبناتها، فحماية العقول من الأفكار الدخيلة المضرة من أعظم المقاصد الدينية والوطنية.

وأخيرا فإننا نشكر أمَّ الإمارات على مواقفها الإنسانية النبيلة، وتوجيهاتها ونصائحها السديدة الرشيدة، سائلين المولى سبحانه أن يحفظ دولتنا وقيادتنا ومجتمعنا من كل فكر إجرامي دخيل، وأن يديم علينا الخير والرخاء والاستقرار والسلام.

 

Email