اسأل غبار التاريخ!!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في طريقي وأنا أتنقل في طرقات وأزقة القاهرة القديمة، القاهرة الفاطمية والأيوبية، ابتداءً من مسجد الحسين وانتهاءً بشارع المعز لدين الله الفاطمي، كنت أبحث حثيثاً عن روح التاريخ، لكن الزحام الشديد هناك والكثير من السلوكيات العشوائية التي لا تتناسب مع الأماكن والساحات التاريخية والأثرية التي نجدها عندما نزور مدن العالم، هذا كله منع عني إحساسي بالتاريخ الذي جئت أبحث عنه، لكنه فتح أمامي باباً آخر لفهم سلوك الإنسان والمدينة وتأثير الاقتصاد والثقافة في تداخلات العلاقة بين كل تلك التناقضات!

ربما كان غياب القوانين المنظمة سبباً في هذه الفوضى، فبالرغم من توافر كل مقومات سياحة ناجحة وجاذبة وقوية جداً، فإن الاهتمام بالبنية التحتية والفوقية لسياحة تاريخية حقيقية غائب، ما جعل الأمكنة والشوارع والمساجد الأقدم والأهم في القاهرة فريسة للإهمال الواضح، هناك حاولت استحضار كل ما له علاقة بأرواح أولئك الذين ضجّت بهم الأمكنة والساحات ذات التاريخ، لكنني لم أعثر على غير صراخ الأطفال وضجيج السيارات والدراجات النارية وزعيق الصبية والشباب وبعض النسوة والبائعين الذين يتصايحون، وكأن الأمر طبيعي ومن بديهيات المكان!

مررت بزقاق ضيق تصطف على جانبيه محلات بيع الفضيات والهدايا التذكارية والمقاهي ذات الطابع التراثي، انتهى هذا الزقاق، الذي كتب عنه نجيب محفوظ روايته خان الخليلي، بالمقهى الأشهر في منطقة القاهرة القديمة، مقهى نجيب محفوظ، أفضى بي ذلك الزقاق إلى شارع المعز لدين الله الفاطمي ومسجد السلطان قلاوون، وأيضاً مكتبة قديمة كانت تبدو كأنها من بقايا ذلك العصر الغابر، فإذا سألت الغبار المتراكم عن آخر إصدارات الكتب ستُفاجأ بأسعار رخيصة جداً، هناك وقعت على مجموعة نجيب محفوظ الكاملة بسعر غير متوقع، أضفت إليها مجموعة كتب أخرى بلغت أكثر من 17 كتاباً ضخماً لم يتجاوز سعرها 65 درهماً بواقع 5 دراهم للكتاب.. كان ذلك جزءاً من فوضى المكان!!

Email