السخرية في غير مكانها!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تروق لي النكات والأخبار الساخرة التي تتخذ من القضايا المهمة في حياتنا مادة للتندر والضحك عبر رسائل الواتس آب، أو مختلف قنوات التواصل الاجتماعي، وغالباً ما أتساءل، من هو هذا المتفرغ الذي لديه كل هذا الوقت لينتج هذا الكم من النكات والتعليقات الساخرة، بل والمتهكمة وبشكل مستمر، وبلا توقف ولا كلل ولا ملل؟!

لاحظوا كمية النكات التي تطلق أولاً بأول، حول يوم الأحد باعتباره بداية أسبوع العمل، وحول بداية العام الدراسي، وحول نهاية إجازة العيد أو أي إجازة أخرى، وحول العودة للمدارس التي تزامنت مع تسلم الموظفين رواتب آخر الشهر، وغير ذلك من النكات التي تجعل الطلاب وأولياء الأمور والموظفين والعمل والدراسة موضوعاً للسخرية والضحك!

هذا ليس اعتراضاً على النكتة، ولا على مزاج السخرية الذي يواجه به البعض ظروف الحياة القاسية، أو أوضاع المجتمع التي تحتاج إلى إصلاح أو تغيير، ففي بعض بلداننا العربية، نمت وانتشرت النكتة على أرضية اجتماعية، ومورست باعتبارها شكلاً من أشكال المطالبة بالإصلاح، وفي هذا المجال نتذكر جميعاً كتاباً ذائع الصيت للصحفي المصري عادل حمودة، بعنوان «النكتة السياسية في مصر: كيف يسخر المصريون من حكامهم»!

ما نتحدث عنه هنا، لا يندرج في هذا المجال، فالنكات الساخرة والمقاطع المتهكمة على بداية أسبوع العمل، وبداية العام الدراسي وغيره، لا تهدف للإصلاح، لأنه لا وجود أساساً لما يمكن أن يصلحه الإنسان.

يبدو واضحاً أن هذه النكات أو الرسائل، تهدم بدل أن تبني، وتفسد بدل أن تصلح، كما تؤسس لنظرة اجتماعية لا تحترم العمل، ولا تبالي بقيمة العلم والمدرسة والمعلمين والطلاب والموظفين الملتزمين وغير ذلك.

ربما لا ينتبه هؤلاء الذين ينشرون هذه الرسائل والنكات، لخطورة ما يفعلونه، لكن عليهم أن ينتبهوا، وأن يتم إعمال القانون للحد من هذا الاستهتار الإلكتروني بقيم يعمل المجتمع بكامل طاقته لترسيخها ومنحها القيمة العالية التي تستحقها، لما لها من مردود في نهضة الأمة وبناء الإنسان.

Email