عام القراءة.. لماذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«عام القراءة» الذي تحتفي به الإمارات بتوجه حكيم من قيادتها، ينبئ بتبدلات حقيقية في رهانات الدولة تجاه المستقبل، وتأكيد عدم وجود أي تناقض بين أن تأخذ الدولة بتقنيات العصر في مجالات التواصل والاتصال وبين أن تعطي كامل الاهتمام لسلوك متحضر وعميق في تاريخ الإنسان، وهو القراءة وإعلاء شأن الكتاب. فليس صحيحاً أن مجتمعات اقتصاد المعرفة يجب أن تقطع صلتها بأوعية المعرفة التقليدية والثابتة، وهي الكتب، وتتجه لكل ما يحمل الصفة الرقمية والتكنولوجية.

الدليل على ذلك هذه الاحتفالية والاهتمام بموضوع القراءة في جميع إمارات الدولة ومدنها، وعلى جميع المستويات؛ سواء من ناحية المؤسسات التي تدعم مشروعات القراءة أو من ناحية القراء الذين تتوجه هذه المشروعات لهم.

وحتى على مستوى المؤسسات الثقافية المعنية بالكتاب بشكل أساسي، فقد تخلت عن تلك العزلة أو القطيعة التي كانت تتصف بها أو تمارسها طيلة الوقت، وأصبحت أكثر سعياً ومبادرة تجاه الجمهور والكتَّاب ودور النشر ودعوتهم للاشتراك في الجوائز والمسابقات المحلية ذات السمعة الرائدة التي تنظمها.

لا بد من التنبيه إلى أن هذا التواصل أو هذا التوجه المرن يحسب في الحقيقة لجيل جديد من الشباب الإماراتي الذي بدأ يأخذ مكانه في أدوات الشأن الثقافي، كما يحسب لتاريخ هذه المؤسسات وعملها الطويل والدؤوب لسنوات؛ لهذا نتوقع مع انتعاش حركة المسرح وتزايد أعداد المتاحف وقرب افتتاح دار الأوبرا في دبي عصراً ثقافياً فاعلاً ومحتشداً بالكثير من الفعاليات والتفاعل من قبل الجمهور.

لقد آن الأوان أن تذهب الثقافة للإنسان حيثما كان، إذا لم يأت هو للثقافة لأي سبب كان، وأن تكون المكتبة والمسرح والنادي الثقافي من الاحتياجات الأساسية لكل حي من أحياء الإمارات كالمدرسة والسوبرماركت. لقد كانت حالة العزلة وصرامة أهل الثقافة سبباً في عزوف الناس عن الندوات والمحاضرات والورش الفكرية والمكتبات العامة... بينما الأجدى أن يستفاد من هذه الإمكانات كما يجب، وبأساليب جذب أكثر إغراء وسلاسة ورقياً.

إن أمة تقرأ وتعتني بالثقافة تستحق حاضرها وتعي تماماً الطريق لمستقبلها!

Email