واشنطن لا يمكنها حل مشكلات العالم لكنها ينبغي أن تتولى إدارتها

غيتس: أميركا تفتقر إلى استراتيجية شاملة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس في مقابلة أجرتها معه صحيفة «وول ستريت جورنال»، أخيرا، إن الولايات المتحدة تعاني من غياب استراتيجية شاملة واضحة كالتي كانت موجهة لها في فترة الحرب الباردة، وأعرب في هذا السياق عن استيائه من مواقف الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي باراك أوباما بوجه خاص، في كيفية التعامل مع قضايا العالم والمنطقة، بدءا من العراق وانتفاضات الربيع العربي، وانتهاء بالاتفاق النووي الإيراني.

وقال غيتس الذي ألف كتاباً جديداً بعنوان «شغف القيادة»، مستفيداً من خبراته في إدارة عدد من المؤسسات الكبيرة مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والبنتاغون، إنه كان بالإمكان الخروج بنتيجة مختلفة في العراق وسوريا، لو أبقت الولايات المتحدة جنوداً في العراق.

والأهم من القوة النارية برأيه يتمثل بوجود ممثل عن الجيش الأميركي، جنرال رفيع المستوى، بإمكانه جمع القادة السنة والأكراد والشيعة معاً، ويرى أنه ما إن اختفت هذه العملية، حتى اختفت كل الكوابح الخارجية على رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي يلومه غيتس على انهيار الأوضاع لاحقاً.

أما حول إمكانية عقد اتفاق آخر مع الحكومة العراقية لإبقاء جنود أميركيين في العراق، فقال غيتس: «كان واضحا من تجربة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش أن الأمر سيتطلب الانخراط العميق للرئيس، والعمل بالفعل على مواصلة العملية ولي الأذرع، لكن انطباعي هو أن هذا لم يحصل».

وغيتس الذي يطلق عليه منظرو السياسة الخارجية لقب «الواقعي» قال إنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة يمكنها أن تحل مشكلات العالم، لكن ينبغي أن تكون مستعدة لتولي قيادة إدارة هذه المشكلات، وهو يتأسف لعدم انتهاز الجيش العراقي الفرصة للإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بعد حرب العراق الأولى عام 1991، وبدلاً من ذلك قام الشيعة والأكراد بتنظيم انتفاضات لم تكن لتحظى بمساعدة الولايات المتحدة.

وبالنسبة إلى انتفاضات الربيع العربي، ذكر أنه مع فريق الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك أوباما، عارض إصرار الرئيس الأميركي على تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ويعتقد أن البيت الأبيض لم يتصرف بحكمة في إصراره علنيا على وجوب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد بعد الانتفاضة السورية، مضيفاً: «لا اعتقد أنه يفترض بالرؤساء الالتزام بأشياء لا فكرة لديهم عن كيفية تحقيقها».

وقال إن: «الإدارة تورطت لاإرادياً في الربيع العربي، وقد أساءت قراءة الأمر بشكل جسيم، إذ لم تكن هناك مؤسسات داعمة لنوع الإصلاحات التي كان يطالب بها المتظاهرون في الشارع لناحية الإطاحة بالحكومات الاستبدادية»، بل والأسوأ من ذلك، أرسلت الإدارة إشارات إلى أنظمة صديقة قد تواجه حالة من عدم الاستقرار: «إذا كانت هناك مظاهرات في عواصمكم، فإن الولايات المتحدة سوف تلقي بكم تحت الحافلة، مما أربك حلفاءنا العرب».

وغيتس يعيب على وكالة الاستخبارات سجلها الفاشل في التنبؤ بالأحداث، ويردف قائلاً: «المجتمع الاستخباراتي ليس أفضل في التنبؤ بالمستقبل من الكرة البلورية الخاصة بالمنجمين.

فخلال الحرب الباردة، لعب الجواسيس دورا بنّاء جدا في حصولنا على معلومات عن منظومات الأسلحة للعدو التي كان يجري تطويرها، لكن الجواسيس تاريخيا يوفرون مساعدة محدودة جدا حول نوايا الآخرين.

خلال الحرب الباردة بأكملها لم يكن لدينا مصدر داخل الكرملين يمكن أن يخبرنا بما كان يحري داخل اجتماعات المكتب السياسي، ولا أعتقد أن السوفييت كان لديهم شيء مشابه على جانبنا».

أما المشكلة الحقيقية في السياسة الأميركية برأيه فكانت غياب استراتيجية واضحة، مثل تلك التي وجهت أميركا في فترة الحرب الباردة. ويلمح قائلاً: «قبلنا جميعا ضمنيا بوجهة نظر (جورج) كينان في أنه إذا قمنا باحتواء السوفييت ما يكفي من الوقت.

فإن تناقضاتهم الداخلية سوف تفضي إلى انهيارهم في النهاية، حتى عندما لم يكن لأحد فكرة متى سيتم ذلك»، وأضاف: «إذا قبلنا فرضية أننا نواجه فترة من الاضطرابات والعنف في الشرق الأوسط على مدى جيل بأكمله، فإن غياب استراتيجية شاملة في كيفية الاستجابة مع منطقة مشتعلة يعد مشكلة، هل هناك حرائق ينبغي أن نتركها حتى تنطفئ؟ من هم أصدقاؤنا؟ ومن علينا أن ندعم؟».

غياب

يقدم وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس تقييمه لصفقة النووي الإيراني في مقابلته مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، وتذمره الأكبر من هذا الاتفاق يتمثل في غياب اللازمة المفقودة، أي نقص الإشارة بأن أميركا تبقى ملتزمة بعملية احتواء إيران جيوسياسياً، , يقول: «كنا نعقد اتفاقات مع السوفييت ، لكننا نتبع سياسات حازمة معهم»، مضيفاً: «لا أدري لماذا لم نفعل الشيء نفسه مع إيران».

Email