القتال في سوريا يدور على أربعة محاور

واشنطن مطالبة بتبني خيارات عسكرية تتجاوز «داعش»

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجاهل الإدارة الأميركية قضايا عدة أساسية محددة لاستراتيجيتها في سوريا من خلال إضفاء أجواء من الإيجابية على وضع متماد في التدهور. ويغفل المرشحون الجمهوريون وأعضاء في الكونغرس مثل تلك القضايا بإلقاء اللوم على الإدارة الأميركية في التسبب في مشكلات باتت تتخطى اليوم حدود سيطرتها وبطرح أنصاف حلول غير ناجعة. وركز الجنرال جون ألن، المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة «داعش»، والجنرال لويد أوستن، مسؤول القيادة المركزية الأميركية، على جوانب من المشكلة، مع تحديد بضع نقاط عامة فقط وتغييب الصورة الواضحة، التي تشمل استراتيجية أميركية شاملة بما تتضمنه من قضايا.

لكن ما هي القضايا التي يتعين على استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا التعامل معها؟ ليست هذه القضايا هي تلك التي يطرحها الإعلام، ولا هي التي يثيرها أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وتحمل معظم القضايا الرئيسية مشكلات خطرة حيال الخيارات المطروحة أمام الولايات المتحدة في التعامل مع واحدة من أسوأ الحروب الأهلية التي شهدها التاريخ الحديث، والتي سرعان ما ستدخل عامها الخامس.

ويغلف شيء من العبثية الملازمة مختلف الطرق التي تتبعها الإدارة الأميركية أو منتقدوها من الجمهوريين وعدد من التقارير الإعلامية والمؤسسات البحثية، حيال التركيز على «داعش»، أو إيجاد حل سياسي سهل وبسيط لإنهاء القتال، في حين أن السؤال الأساسي لا يدور حول هزيمة التنظيم، أو إيجاد مخرج للرئيس السوري بشار الأسد، أو إيجاد تسوية بين مؤيديه والتحركات الموجودة في المنفى، التي لا تأبه لأمرها جدياً أي من جماعات المقاتلين في سوريا.

أربع جبهات

ولا يشكل تنظيم «داعش» سوى واحد من الفصائل الأساسية الأربع التي تحدد شكل الحرب في سوريا، مضافاً إليها نظام الأسد وانقساماته الخاصة وميليشياته العلوية، ومجموعة الأكراد السوريين، وما بين 26 إلى 30 فصيلاً آخر متطرفاً، تضم جبهة النصرة وثيق الارتباط بتنظيم القاعدة. وتخوض كل من تلك الفصائل الأربعة الحرب سعياً لتعزيز موقعها على الساحة وتوسيع نطاق سيطرتها ونفوذها، ولا يبدِي أيّ منها مؤشرات توحي بامتلاك قوة كافية لتحقيق الهدف الأكبر والاستيلاء على سوريا بالكامل، والتمكن من الإمساك بمقاليد الحكم أو التمهيد لأي شكل من أشكال الاستقرار والأمن الشعبيين.

خيارات عسكرية واقعية

وبناءً على ذلك، يسود نوع من العبث حيال بعض جوانب الجدل المتعلق بالخيارات العسكرية في سوريا، سيما لجهة تدريب المقاتلين «المعتدلين» ونشر قوات ومستشارين أميركيين لا يدركون أي جهة سيدعمون أو يقاتلون. ويوازي ذلك خطورة الحديث المبهم حول مناطق «الحظر الجوي»، في ظل طرح الحملة العسكرية الجوية الأميركية علامات استفهام خطرة.

ويتسلل الفشل في طرح الأسئلة الصعبة حول جهود المفاوضات، علماً أنه في حال أبدى الأسد رغبةً في التنحي، سيظل من غير الواضح إمكانية نجاح أي تسوية يتم التوصل إليها في جذب الاستقرار والأمن على المستوى الداخلي، وحصولها على ما يكفي من المساعدات وجهود إعادة البناء الضرورية، كما أنها لن تكون مجدية ما لم تتمكن من حل الخلافات الاثنية والطائفية وتشكيل حكومة فاعلة والعودة لممارسة الحياة الطبيعية وتشغيل عجلة الاقتصاد.

إلا أن جهود التفاوض تمعن في إثبات أنها مجرد ممارسات فارغة، حافلة بالنوايا الحسنة على المستوى السياسي الصرف.

تجدر الإشارة إلى أن المصالح الوطنية الأميركية تتطلب المزيد من المصداقية والنقاش المبني على المعرفة، بدلاً من انتظار تولي إدارة أميركية جديدة يدفع ثمن انتظار وصولها الشعب السوري باهظاً، كما أنه من نافل القول الإشارة إلى الثمن الباهظ الذي تتكبده أيضاً سمعة أميركا وموقعها في الوقت الذي تحرص فيه إيران وروسيا على دعم الأسد.

Email