تقديم المصالح الذاتية والقبلية على المصلحة العامة يعرقل الحل

التفاؤل يغيب عن مستقبل جنوب السودان

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتساءل عدد من المراقبين عما إذا كانت اتفاقية وقف إطلاق النار، التي تم التوصل إليها في جنوب السودان، أخيراً، ستنجح في إحلال السلام، إلا أن أحداث الماضي لا تبعث على التفاؤل، فأعمال القتال لم تتوقف منذ ما يزيد على عام كامل، ولم تفلح المفاوضات في إسكات أصوات السلاح، إلا لبضع ساعات كل مرة.

توصل رئيس جنوب السودان سيلفا كير، ومنافسه ريك مشار، في فبراير الماضي، إلى اتفاق لوقف النار في مدينة أديس أبابا الإثيوبية. ومن المتوقع أن يشكل الطرفان حكومة يتقاسمان بموجبها السلطة، ويحتل فيها مشار مجدداً منصب نائب الرئيس، على غرار ما كان عليه الأمر حتى العام 2013، حين اتهمه كير بالتآمر لتنظيم انقلاب ضده. ومنذ ذلك الحين، وآلاف الناس تقتل في جنوب السودان في حرب أهلية، تدور رحاها بين أبناء قبيلة الدنكا الإثنية، التي ينتمي إليها كير، ضد قبيلة نوير، التي ينتمي إليها مشار، وتم تهجير ما يقارب مليوني سوداني حتى اليوم.

دخل كل من كير ومشار محادثات السلام للمرة الأولى في أغسطس 2014، بوساطة الهيئة الحكومية للتنمية في شرقي إفريقيا، «إيغاد»، لكن بينما كانت المحادثات جارية في أديس أبابا، كانت أعمال القتل تتواصل في جنوب السودان. وهدد مجلس الأمن، بعد مرور شهرين من المفاوضات غير الناجحة، بفرض عقوبات على كل من يعيق تقدم عملية السلام.

كما مدد مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان، وقرر في مايو 2014 تركيز مهمة البعثة على حماية أرواح المدنيين، وأسندها إلى 14 ألف عنصر من ذوي القبعات الزرقاء، وذلك بعد أن كانت تسعى الأمم المتحدة للمساعدة على بناء دولة العالم الأحدث.

صدرت في مطلع مايو 2014 تقارير تحدثت عن وقف إطلاق النار، ومستوى القتل والتخريب، إلا أن اتفاق السلام، الذي تم التوقيع عليه عقب المحادثات المباشرة بين كير ومشار، لم يدم إلا بضعة أيام فقط.

وتفاقمت حدة الأزمة في أبريل 2014، حيث حذرت الأمم المتحدة من أن ما يقارب أربعة ملايين شخص يعانون من الجوع، وعدم توفر ما يكفي من الطعام لشخص من أصل ثلاثة من أبناء جنوب السودان. واتهم طرفا الصراع في جنوب السودان بارتكاب الفظائع، حيث زعم أن المقاتلين الموالين لمشار قد قتلوا، في هجومهم على مدينة بانتيو الغنية بالنفط، مئات المدنيين، وبات النفط هو ما يمول الصراع، حيث يتقاتل الخصوم للسيطرة على ثالث أكبر مخزون للنفط في الصحراء الأفريقية.

وكان الصراع قد اندلع مجدداً في ديسمبر 2013، على خلفية إقدام كير في يوليو من العام نفسه على إقالة مشار وحكومته، واتهام الأخير بتنظيم انقلاب ضده. واندلعت في العاصمة جوبا حرب بين مؤيدي القائدين، حيث وقف الجنود، الذين ينتمي معظمهم لقبيلة الدنكا في صف كير، في حين قاتل أبناء قبيلة النوير إلى جانب مشار. وتم بعد بضعة أسابيع التوقيع على اتفاقية لوقف النار، ما لبث أن تم خرقها، ليخسر ما يقارب مليون من أبناء جنوب السودان في غضون مئة يوم فقط، منازلهم.

ويشكك المراقبون اليوم بأن كلاً من مشار وكير يقدم مصلحته، ومصلحة قبيلته على مصلحة الأمة ومخاوفها. ويعيث الفساد بالبلاد، التي اختفت فيها المليارات من أموال المساعدة الدولية من دون أي أثر. وقد غرق جنوب السودان في صراع على النفط مع السودان، في الوقت الذي فشل طرفا النزاع في رسم حدود جديدة مشتركة، ونشبت الصراعات في المناطق الحدودية المتنازع عليها.

أصل الحكاية

يعود أصل الصراع بين الطرفين المتنازعين في جنوب السودان إلى 9 يوليو 2011، تاريخ احتفال جنوب السودان بيوم الاستقلال. وقد قاتل معظم الأفارقة في جنوب السودان لعقدين، الحكومة ذات الأغلبية العربية في الخرطوم شمالي السودان. وحصدت الحرب الأهلية حينها ما يزيد على مليوني شخص، وكانت هناك آنذاك آمال في تحسين مستوى الحياة.

Email